أوصى مؤتمر عن السلام في السودان عقد في أديس ابابا بمشاركة مسؤولين في الحكومة والمعارضة وشخصيات مستقلة وأكاديمية، بتحديد عاصمة ادارية داخل الخرطوم تحكم بقانون اتحادي، ومنح الجنوب ثلث مقاعد الحكومة وكل السلطات في الجنوب. وتحفظ عن دمج قوات "الحركة الشعبية لتحرير السودان" في الجيش السوداني. ولم يتوصل المؤتمر الى اقتراحات محددة في شأن قسمة عائدات النفط وطرح خيارات لمعالجة مسألة الرئاسة. وستقدم توصيات المؤتمر في الخامس من الشهر الى وسطاء السلام في السودان لعرضها في الجولة الجديدة من المفاوضات التي تبدأ في كينيا الاثنين المقبل. أقر مؤتمر نظمه معهد النهضة الافريقي بالتعاون مع جامعة كمبردج اجراء احصاء سكاني في السودان في النصف الأول من الفترة الانتقالية ومدتها ست سنوات، لتحديد نصيب الجنوبيين في الحكم وفقاً لحجمهم السكاني، وأوصى بمنح الجنوب ما لا يقل عن 33.3 في المئة من السلطة المركزية وكل السلطات في الولاياتالجنوبية العشر. وصنف المؤتمر الوزارات الى أربع وحدات هي الوزارات السيادية والاقتصادية والخدمية والارشادية، واقترح منح الجنوب 33.3 في المئة من كل وحدة، وحدث خلاف في شأن قسمة عائدات النفط، واكتفى المشاركون باقتراح بتعويض المهجرين قسرياً من ملاك الأراضي التي يستخرج منها النفط تعويضاً مجزياً. وتباينت مواقف المشاركين في شأن مؤسسة الرئاسة، وطرحت اقتراحات بانشاء مجلس رئاسي من خمسة اعضاء يكون اثنان منهم من الجنوبيين ويكون احدهما نائباً للرئيس، أو ان يكون للسودان رئيس له نائب واحد تعينه "الحركة الشعبية". ورأى المؤتمر ان ليس من الحكمة دمج قوات "الحركة الشعبية" في الجيش الحكومي خلال الفترة الانتقالية. ودعا الى خفض وجود الجيش في الجنوب الى مستوى ما كان عليه في ايار مايو 1983 تاريخ اندلاع التمرد المسلح في الجنوب. كما أوصى بتكثيف الاتصالات الجنوبية - الجنوبية والشمالية - الشمالية للتوصل الى موقف وسط. وفي شأن وضع العاصمة دعا المؤتمر الى تحديد عاصمة ادارية داخل الخرطوم تحكم بقانون اتحادي وتتاح فيها الحريات الدينية والأساسية. وكان المؤتمر فشل في اصدار توصياته الختامية لدى انتهاء موعده المقرر بسبب خلافات في شأن أنصبة الجنوبيين في السلطات المركزية، لكن نائب الرئيس السابق أبيل الير طرح اقتراحاً بتحديد نسب الجنوبيين حسب الاحصاءات السكانية السابقة التي جرت في العامين 1978 و1996. وتضمن الاقتراح أن تعداد سكان الجنوب عند استقلال البلاد في العام 1956 كان نحو ثلث عدد سكان السودان، لكن النسبة تقلصت في الاستفتاءين اللذين اجريا لاحقاً. وطالب بتحديد ما لا يزيد عن 33 في المئة من السلطات المركزية للجنوبيين، الأمر الذي وافق عليه الجميع. وينتظر ان تسلم توصيات المؤتمر الى كبير مفاوضي الهيئة الحكومية للتنمية في شرق افريقيا ايغاد الجنرال الكيني لازاراس سيمبويو قبل بدء جولة المحادثات الجديدة الأحد المقبل حتى تطرح على طرفي التفاوض لدرسها. وشارك في المؤتمر نحو خمسين من الشخصيات السودانية ومؤسسات عربية واجنبية وقطاع واسع من الجنوبيين أبرزهم نائبا الرئيس السابق ألدو أجو ومساعد الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون النازحين الدكتور فرانسيس دينغ ووزير النقل السابق الدكتور لام اكول. وشارك عن "الحركة الشعبية" جستن ياك، وعن حزب "الأمة" مريم الصادق المهدي وحماد بقادي، وعن الحزب "الاتحادي الديموقراطي" أحمد سعد عمر ويوسف أحمد يوسف، وعن الحزب الحاكم ربيع حسن أحمد وتاج السر محجوب، وعن الحزب الشيوعي الدكتور فاروق كدودة، والباحثان الدكتور يوسف فضل والدكتور حسن مكي محمد أحمد. ومنعت السلطات نائب الأمين العام لحزب "المؤتمر الشعبي" عبدالله حسن أحمد من السفر للمشاركة في المؤتمر. إعلان الخرطوم الى ذلك، توقع القوى السياسية المعارضة في داخل السودان اليوم على "إعلان الخرطوم" الذي يأتي على غرار "إعلان القاهرة" الذي وقعه زعماء المعارضة الثلاثة الصادق المهدي ومحمد عثمان الميرغني والدكتور جون قرنق، في خطوة اعتبرت تدشيناً لتحالف جديد بين قوى المعارضة قبل اقرار اتفاق سلام نهائي. وقال رئيس جبهة القوى الديموقراطية غازي سليمان ان ممثلي المعارضة وافقوا على مسودة "اعلان الخرطوم" قبل التوقيع عليه اليوم. وأفاد نائب رئيس حزب "الأمة" الدكتور عمر نورالدائم، ان القوى المعارضة ذاتها ستعقد لقاء الخميس في مقر حزبه لمناقشة مشروع السلام وتقديم رسالة الى الوسطاء وطرفي النزاع. وعلم ان القضايا التي ستدرس تتعلق بموعد الانتخابات خلال الفترة الانتقالية وتشكيل لجنة لمراقبة الدستور. سيمبويو على صعيد آخر، بدأ الوسيط الكيني لازاراس سيمبويو زيارة جديدة الى مناطق جنوب البلاد الخاضعة لسيطرة الحكومة تشمل مدن بانتيو القريبة من حقول النفط وملكال وواو وجوبا كبرى مدن الجنوب لاستطلاع مواقف المسؤولين والمواطنين من عملية السلام. وكان سيمبويو زار أخيراً المناطق التي تسيطر عليها "الحركة الشعبية" والتقى زعيمها جون قرنق ووفدها المفاوض في مدينة رمبيك. وزار جنوب البلاد امس الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى وتفقد منطقة حقول النفط في هجليج والمناطق المجاورة. ومن المنتظر ان يكون اختتم زيارته في وقت متقدم من مساء أمس بعد حضوره احتفال الحكومة لمناسبة مرور 14 عاماً على استيلاء الرئيس عمر البشير على السلطة الذي أقيم في مدينة جوبا.