"بإمكاننا ان نتصيّد الاميركيين بسهولة… هم يتنقلون مجموعات صغيرة، يظهرون امامنا على نحو مكشوف، يتيح لنا رصدهم وتعقبهم وزرع المكامن لهم، كما يتيح لنا الهرب في الوقت المناسب، وفي الغالب من دون ان نخسر شيئاً سوى القذائف او العتاد الذي نطلقه، ومعظمه جاءنا من بقايا اسلحة وحدات الجيش التي تركت اثناء الحرب او مما اشتريناه بأثمان زهيدة، او حصلنا عليه من مخازن الجيش نفسها، وفي جعبتنا عتاد يكفينا سنوات، كما ان المال يأتينا من متبرعين ولدينا مهمة واحدة لا غير: مقاتلة الاميركيين حتى يخرجوا… او يتركونا وشأننا". قد لا يبدو الامر، في مجمله، بالسهولة التي يتصورها هذا السيناريو الذي يعرضه كامل ادهم احد الذين يتعاطفون مع مجموعات المقاومة لكنه يكشف ان مسلسل الهجمات على الاميركيين قد يتسع، وقد يشكل حرب استنزاف باهظة التكاليف، بالقدر الذي يعكس حالة التسيب وعدم الاستقرار الامني في العاصمة العراقية والمدن الاخرى، وهي الحال التي تحولت الى معضلة يومية لها علاقة مباشرة بالمواطن العراقي وهمومه وطموحاته. ويعتبر بعض المراقبين هذا الوضع احد العوامل التي دفعت للاسراع باعلان مجلس الحكم واعطائه قدراً من الصلاحيات، بعضها يتعلق بوضع السياسات الامنية للبلد بما فيها اعادة تكوين او اصلاح القوات المسلحة العراقية وقوات الشرطة والقضاء. وواضح ان هناك عملاً لاحتواء هذه الظاهرة السلبية يصب في اتجاهات عدة: الاول ما اعلنته سلطة "التحالف" نفسها عن فتح باب التطوع والانتساب الى "الجيش العراقي الجديد" اعتباراً من 21 الجاري، وقبول تطوع 12 الف عسكري من المنتسبين السابقين للجيش او الراغبين الجدد، كدفعة اولى، ستكون مخصصة لتشكيل فرقة لقوات المشاة تتكفل بحماية الحدود الدولية للبلاد ومهمات اخرى تتعلق بالامن الوطني. والاتجاه الثاني هو المشاورات التي تجري داخل مجلس الحكم نفسه حول الاوضاع الامنية على رغم ان هناك تصورات مختلفة عن سبل الخروج من هذه المعضلة الا ان المؤتمر الوطني العراقي اعد ورقة عمل بخصوص تشكيل قوة حفظ امن عراقية قوامها 25 ألف شخص يتم اختيار افرادها وتدريبهم على نحو يتيح لهم مسؤولية حفظ الامن في المدن العراقية، ما يوفر لقوات التحالف سحب افرادها من داخل المدن والتمركز عند حدودها. ويراهن الداعون الى هذه الخطط على ان تنفيذها سيساهم في تقليل الهجمات ضد الاميركيين فيما يخلق شعوراً لدى المواطنين بأن ابناءهم هم الذين يحمون مدنهم وان عليهم التعامل معهم، ويشيرون الى تجربة سحب الوحدات الاميركية من داخل مدن النجف وكربلاء والفلوجة، حيث اوكلت المهمات الامنية الى قوات شرطة من ابناء المدن نفسها، وما عكسته تلك التجربة من نجاح نسبي. والاتجاه الثالث ينصب على محاولة الحصول على جهد دولي للمساهمة في مهمات حفظ الامن في العراق في اطار الاممالمتحدة وعبر ارسال وحدات عسكرية من بعض دول العالم، وقد تكون بينها ايطاليا وفرنسا واستراليا. وستكون هذه الامور على جدول اعمال اللقاءات التي سيعقدها وفد مجلس الحكم الذي تقرر ارساله الى نيويورك.