سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
بوش يؤكد أن الحرب ستستغرق ما يلزم لتحقيق أهدافها وخبراء أميركيون يتوقعون أن تستمر أشهراً . مظليو "التحالف" يمهدون لفتح جبهة في الشمال والأكراد يقتربون من كركوك
بدأت القوات الأميركية استعداداتها الميدانية لفتح جبهة شمال العراق تخفف حدة مقاومة الجيش العراقي في الجنوب. وتم انزال نحو ألف مظلي أميركي في اليوم الثامن من الحرب على العراق في مناطق خاضعة للفصيلين الكرديين الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديموقراطي الكردستاني. وحفز الانزال المحدود المقاتلين الأكراد على التقدم جنوباً في اتجاه المواقع العراقية النظامية قرب مدينة كركوك النفطية الاستراتيجية، معززة بقصف أميركي مكثف. وتوقعت مصادر كردية وأميركية أن يكون الانزال الأميركي مقدمة لفتح جبهة واسعة شمالاً. لكن مصدراً بريطانياً أكد أن الهدف من الانزال دعم خطوط الأكراد وليس شن هجوم على بغداد. وفي المجال ذاته أكد رئيس الوزراء الايطالي سيلفيو برلوسكوني أن القوات الأميركية التي انطلقت من بلاده وانتشرت شمال العراق لن تشارك في مهمات قتالية. وأكدت بغداد من جهتها، أنها تعاملت مع المظليين الأميركيين وقصفت المطارات الثلاثة التي هبطت فيها أول من أمس طائرات أميركية. وازاء التطور العسكري الذي افتتحت به قوات التحالف أسبوعها الثاني من غزو العراق، اعتبر الرئيس الأميركي جورج بوش أن الحرب "ستستغرق الوقت اللازم لتحقيق الانتصار" والأهداف الموضوعة لها. وقال ورئيس الوزراء البريطاني توني بلير إن قوات التحالف "تتقدم يوماً بعد يوم… ببطء لكن بخطى ثابتة"، وأكد ان سيطرة الرئيس العراقي صدام حسين "تتكسر". وقال وزير الدفاع الأميركي دونالد رامسفيلد إن نشر القوات الأميركية شمالاً ليس بسبب سوء تقدم الأعمال العسكرية جنوباً، وان الولاياتالمتحدة تزيد عدد قواتها في العراق يومياً مثلما هو مقرر منذ فترة طويلة، وليس كرد فعل على الوضع الميداني. ومع انحسار العواصف الرملية عاودت القوات الغازية تقدمها من محاور الجنوب إلى بغداد. واتجه قسم من قوات مشاة البحرية المارينز إلى الكوت جنوب العاصمة العراقية. ونفت القيادة الأميركية أن تكون قافلة دبابات خرجت من بغداد باتجاه الجبهة. وأكد أن القوة محدودة الحجم، وأنها ستتعامل معها. وكشف وزير الدفاع البريطاني جيف هون ان قوات التحالف حققت "اكتشافات مهمة" في العراق تؤكد قطعاً ان بغداد مستعدة لاستخدام أسلحة دمار شامل. بغداد، جمجمال العراق، واشنطن، روما - أ ف ب، رويترز - هبطت طائرات شحن عسكرية اميركية فجر أمس على مدرج جهز اخيراً شرق كردستان العراقية الخارجة عن سلطة بغداد المركزية. وقال مسؤولون أكراد محليون ان الطائرات هبطت في بكراجو، على بعد 150 كلم شمال المنطقة التي نزل فيها نحو الف جندي اميركي بالمظلات مساء أول من أمس. وقال شاهد إن حوالى 40 طائرة هبطت في المطار الخاضع لسلطة، فيما قال آخر انه سمع على مدى ثلاث ساعات هدير الطائرات. وتقع بكراجو بين مدينتي السليمانية وجمجمال على الحدود المنطقة الخاضعة لسيطرة الأكراد مع العراق. وخلال الليل، انقطع التيار الكهربائي عن جمجمال، وفي الوقت نفسه قال سكان انهم شاهدوا قافلة كبيرة من الحافلات الصغيرة والسيارات الرباعية الدفع الاميركية تتجه نحو قاعدة على خط الجبهة مع مدينة كركوك النفطية التي تسيطر عليها بغداد. وكانت وزارة الدفاع الأميركية البنتاغون اعلنت ان مئات العناصر من اللواء 173 من سلاح البر الاميركي انزلوا في كردستان، في اول انتشار كبير للقوات الاميركية شمال العراق. وأفاد مصدر في الاتحاد الوطني الكردستاني ان الاميركيين يعززون انتشارهم في كردستان للتحضير لفتح جبهة شمالية، ستكون اهدافها محصورة بمدينتي كركوك والموصل. وتأتي هذه العمليات الاميركية اثر رفض تركيا السماح بنشر 62 الف جندي لفتح "جبهة شمالية" ضد الرئيس صدام حسين في موازاة الهجوم الكبير الذي اطلقته القوات الاميركية - البريطانية من الجنوب. وقال ناطق عسكري اميركي أمس إنه يتوقع مزيداً من عمليات الانزال. وكشفت مصادر كردية ل"الحياة" ان من المتوقع ان يصل عدد الجنود الاميركيين في الايام القليلة المقبلة في شمال العراق الى نحو ستة آلاف جندي. ولفتت هذه المصادر الى ان معظم هؤلاء العناصر هم من الجنود والضباط والفنيين والاختصاصيين، وهم سيمهّدون لانتشار اميركي اوسع عبر تأسيس بنية اتصالات ومراقبة واستقبال في المطارات والمهابط الصغيرة الموجودة في المدن الكردية. وزارت "الحياة" مطار "حرير" ولاحظت ان المظليين الاميركيين انتشروا فيه بطريقة فيسفسائية وانتشروا ايضاً في السهل الشاسع الذي يحيط به، وظهروا في التلال الكثيرة المحيطة بالسهل متوزعين على شكل حلقات وباشروا بإقامة تحصينات وخنادق. وأقام عناصر البشمركة الكردية سياجاً أمنياً حول المطار وحاولوا إبعاد الصحافيين ومنعهم من التقاط الصور لكن السهل شاسع ومن الصعب صد الانظار عنه او تشكيل سور للحجر عليه. في المقابل لم يبد الجنود الاميركيون حذراً، لا بل ان بعضهم خرج الى الطريق وتمدد على صخرة بعدما ضاق بالوحول المتراكمة حوله بفعل الامطار. من الواضح ان المظليين كانوا مرهقين، بسبب الحقائب الهائلة على ظهورهم والتي لم ينزعوها منذ هبوطهم من الطائرات. وشوهدت في السهل مروحيتا "أباتشي" عند مدخل القاعدة المستحدثة، وظهر من توزع المظليين ومن اعمالهم التي باشروها انهم بصدد تحويل المهبط الى قاعدة دائمة. ويبدو ان هؤلاء الجنود لم يستقدموا معهم آليات عسكرية او سيارات نقل، اذ من الواضح انهم يستعملون سيارات محلية قدمها لهم الحزب الديموقراطي الكردستاني. أما سكان بلدة حرير فتقاطروا بالعشرات قاصدين السهل لمعاينة جيرانهم الجدد. وقالت امرأة انتشر الاميركيون في محيط منزلها انها خائفة من ان يستهدف صدام المنطقة بالقصف. لكن المفارقة في هذا السياق ان الناحية التي اختار الاميركيون مباشرة انتشارهم فيها، هي نفسها التي اختارها النازحون الاكراد عندما تركوا مدنهم قبل نحو عشرة ايام. فبلدة حرير قريبة جداً من المناطق التي لجأ اليها النازحون الاكراد، وهي تتوسط الطريق بين قصبتي شقلاوة وديانا. ثم ان النازحين كانوا باشروا منذ مساء اول من امس العودة الى المدن بسبب موجة صقيع قوية ضربت المنطقة وهم غير محصّنين من مخاطرها. وأبدت مصادر كردية مخاوف من ان يدخل الجيش العراقي على خط العلاقة الدقيقة بين الاتراك والاكراد عبر قصفه المدن الكردية بهدف تهجير أهلها في اتجاه الحدود التركية، وهذا ما يعطي مبرراً لدخول هذا الجيش الى المنطقة، فتقع صدامات بينه وبين الاكراد ما يؤدي الى تعقيد الموقف في وجه الاميركيين. وأكد مسؤول كردي ان عناصر من وحدات خاصة اميركية ساعدوا في اصلاح مدرجات هبوط في كردستان العراق بمعدات أدخلوها من تركيا. وقال الجنرال ازاد ميران، رئيس العمليات العسكرية للحزب الديموقراطي الكردستاني ان الاميركيين تمركزوا قرب دهوك شمال غرب واربيل وسط والسليمانية جنوب شرق التي توجد قربها مدرجات بامارني وحرير وبكراجو. وكان النظام العراقي أعد هذه المدارج في بداية الثمانينات لاغراض عسكرية عندما كان يخوض حرباً ضد ايران. ولكنها بقيت غير مستعملة منذ نهاية حرب الخليج في 1991. وفي بغداد، أكد الناطق باسم الجيش العراقي اللواء حازم الراوي من جهته أمس ان القوات العراقية استهدفت بعشرات الصواريخ الجنود الاميركيين الذين أنزلوا شمال العراق من دون ان يشير الى وقوع اصابات. وقال الراوي في مؤتمر صحافي عقده في بغداد "أطلقنا 44 صاروخاً من نوع الطارق و7 صواريخ من نوع الرعد على القوات الاميركية خلال إنزالها في منطقة السليمانية بغية فتح جبهة جديدة". رامسفيلد واعتبر وزير الدفاع الاميركي دونالد رامسفيلد ان الولاياتالمتحدة تزيد عدد قواتها في العراق يومياً مثلما هو مقرر منذ فترة طويلة وليس كرد فعل على الوضع الميداني. وفي لندن، قال مصدر دفاعي بريطاني أمس ان الاولوية للجبهة الشمالية في العراق التي تفتحها القوات التي تقودها الولاياتالمتحدة هي دعم خطوط الأكراد وليس شن هجوم على بغداد من الشمال. وقال المصدر طالباً عدم نشر اسمه "التركيز هو على دعم الخطوط الكردية والامتزاج معهم وبناء جبهة مرضية لا تخترق". واضاف: "أشك ان الاميركيين سيبدأون تحريك قوات من الشمال الى بغداد. الأمور تتغير لكن النقطة الاساسية الآن هي ضمان استقرار المنطقة". وعلى الصعيد ذاته، أكدت الحكومة الايطالية أمس ان الجنود الاميركيين في اللواء 173 للمظليين الذين توجهوا من ايطاليا الى شمال العراق لن يشاركوا في مهمات قتالية. وجاء في بيان نشرته أجهزة رئيس الحكومة الايطالي سيلفيو برلوسكوني ان "السلطات الاميركية أكدت بوضوح ان المهمة لا تشمل شن هجمات مباشرة على اهداف عراقية". ويذكر ان توجه قوات أميركية من قاعدة في ايطاليا يحرج الحكومة الايطالية لأنه يخالف التعهد الذي قطعه برلوسكوني امام البرلمان. واضطرت الحكومة الايطالية الى رفض استخدام القوات الاميركية لقواعد عسكرية في البلاد لشن هجمات في العراق في غياب تفويض من الاممالمتحدة. وأوضح مسؤولون اميركيون كبار في مجال الدفاع لصحيفة "واشنطن بوست" الصادرة أمس ان الحرب في العراق ربما تستمر اشهراً وتتطلب إرسال تعزيزات عسكرية أميركية كبيرة لضمان انتصار قوات التحالف. وقالت الصحيفة ان الاحوال الجوية السيئة وخطوط الامدادات الطويلة والمعرضة للقصف ومواجهة عدو يبدي مقاومة اكبر مما كان متوقعاً، أجبرت بعض أهم الجنرالات الاميركيين على "اعادة النظر في تقديراتهم والبرنامج الزمني" للحرب. واضافت ان "بعض الضباط الكبار مقتنعون حالياً بأن الحرب ستستغرق على الارجح بضعة اشهر وستتطلب قوة قتالية اكبر بكثير من التي حشدت في العراق والكويت حالياً". ويرى معظم القادة العسكريين انه من الضروري التوقف في التقدم الى بغداد لضمان أمن خطوط الامداد والتأكد من ان التجهيزات والمعدات في حالة جيدة وان القوات في وضع جيد، وذلك بعد عدة ايام من القتال اتسمت بخسائر نجمت عن تصدي العراقيين للقوات وعواصف رملية. تقدم كردي وسيطرت ميليشيات كردية أمس على موقع عراقي على الطريق المؤدية الى كركوك بعدما تخلت عنه القوات العراقية على ما يبدو. وتقدم مقاتلو الاتحاد الوطني الديموقراطي بعدما لاحظوا انسحاباً للوحدات العراقية من سلسلة جبال كانوا يسيطرون عليها. وهذا الموقع على اطراف الخط الفاصل بين كردستان العراق التي تتمتع بحكم ذاتي وبين الاراضي التي تسيطر عليها بغداد. هو أول موقع عراقي رئيسي على الطريق الى كركوك عبر سلسلة الجبال هذه، وقد استهدفته اخيراً غارة جوية اميركية. وشوهد عدد كبير من المقاتلين الاكراد على المرتفعات الجبلية يقومون بدوريات بحثاً عن جنود عراقيين. وقصفت طائرة اميركية مواقع عراقية متقدمة قرب المنطقة التي يسيطر عليها الاكراد شمال البلاد أمس. وأسقطت طائرة واحدة ثلاثة قنابل قرب قوات عراقية في خنادق في سهل قرب بلدة دوميز او على منشأة عسكرية قرب الطريق بين الموصل ودهوك. وأسقطت خمس قنابل اخرى على دفعتين. وبدا ان اثنتين من القنابل حادتا عن هدفهما وسقطتا وسط حقل ولكن لم تحدثا خسائر. وقصفت ايضاً مواقع في بلدة كلك الكردية على بعد 40 كلم شرق الموصل حيث لا يزال القصف كثيفاً. وتعرضت مدينة الموصل شمال البلاد ليل أول من أمس لغارتين جويتين شنتهما قوات التحالف الاميركي البريطاني، من دون ان يتمكن من الافادة عن اصابات أو أضرار.