بغداد - أ ف ب - سيتولى حوالي 750 ألف عنصر من قوات الأمن العراقية مسؤولية أمن العراق بعد مغادرة القوات الأميركية المدن في 30 الشهر الجاري، تمهيداً لانسحاب كامل نهاية عام 2011. ووفقاً للاتفاق الأمني الموقع بين بغداد وواشنطن في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، فإن قوات الأمن العراقية ستتولى مسؤولية الأمن بعد مغادرة القوات الأميركية كل المدن والبلدات. وتعد هذه العملية التي تأتي بعد ست سنوات على الغزو الأميركي للعراق في وقت يمرّ به العراق في مرحلة حساسة، الخطوة الأولى باتجاه تولي المسؤولية الكاملة عن مصير البلاد لدى رحيل القوات الأميركية نهاية عام 2011، وفقاً للاتفاق ذاته. واعتباراً من الأول من تموز (يوليو) سيكون على القوات العراقية التي تتألف من 500 ألف شرطي وما بين 200 و250 ألف جندي، ملء الفراغ الذي ستتركه القوات الأميركية، ولا سيما في المدن الكبيرة مثل الموصل وبغداد، على رغم أنها لا تزال تشهد أعمال عنف شبه يومية. وعلى رغم العمر القصير لتشكيل قوات الأمن العراقية، إلا أنها أثبتت قدرة كبيرة وواضحة خلال الأسابيع الماضية في السيطرة على معظم المراكز الأمنية ونقاط التفتيش التي كانت تديرها القوات الأميركية سابقاً. وشكلت السلطات العراقية «مركز تنسيق مشترك» ينظم مشاركة القوات الأميركية في العمليات بعد مغادرتها المدن. وكان الناطق باسم وزارة الدفاع اللواء محمد العسكري قال في 13 حزيران (يونيو)، إن «وزير الدفاع عبدالقادر العبيدي، افتتح اليوم أول مركز للتنسيق المشترك، يتولى الاشراف على عمل القوات الأميركية والعراقية وتنظيم عملياتها بعد 30 حزيران (يونيو)» الجاري. وأوضح أن «المركز الذي يقع في وزارة الدفاع، يعد المحطة الأولى التي تمنح الترخيص من عدمه، لحركة القوات الأميركية وتنفيذ مهمّاتها». ويضم المركز ممثلين رفيعي المستوى من القوات الأميركية ووزارتي الدفاع والداخلية وجهاز الاستخبارات والقوات البحرية والجوية والبرية وممثلاً عن مكتب رئيس الوزراء نوري المالكي. وأكد أن «المركز سيعمل على تنسيق تنفيذ العمليات بإشراف الحكومة العراقية»، مشدداً على أن «الهدف الأساس من المركز هو تنسيق العمل واختصار الوقت وتجنّب حصول أي خروقات». ووفقاً للناطق باسم وزارة الداخلية اللواء عبدالكريم خلف، فإن قوات الوزارة ستتولى المسؤولية في معظم المدن وستتلقى دعماً من قوات الجيش في المناطق التي تشهد توتراً. وكان خلف أوضح في الخامس من حزيران الجاري، أن قوات الشرطة «ستتولى المسؤولية الكاملة في سبع محافظات كبيرة، فيما ستتولى المسؤولية ذاتها بمشاركة قوات الجيش في ثماني محافظات أخرى». وتتوزع المحافظات السبع التي تشهد استقراراً أمنياً في مناطق وسط العراق وجنوبه. وستكون المسؤولية الأمنية مشتركة بين قوات الشرطة والجيش في المحافظات الثماني الآتية: بغداد والأنبار (غرب) وديالى (شمال شرق) وكركوك ونينوى (شمال) وصلاح الدين وكربلاء (وسط) والبصرة (جنوب). وأشار خلف الى أنه «في بغداد مثلاً، ستتولى قواتنا المسؤولية في 70 في المئة منها، في حين ستتولى قوات الجيش أمن المناطق الباقية». كما أشار خلف السبت الماضي الى أن مراحل استلام المهمات ستبدأ «بتولي قوات الجيش العراقي المسؤولية»، بعدها «تشترك قوات الشرطة والجيش في ذلك»، ثم «تنتقل المسؤولية كاملة بعدها إلى الشرطة». وأكد الناطق خلال مؤتمر صحافي رفضه تنفيذ عمليات كبيرة لتحقيق الأمن، مشيراً الى أن «عمليات خاصة وسريعة تكفي لتنظيف الساحة (البلاد) من المجرمين». وأضاف أن «ما تبقى منهم مجموعات صغيرة تعمل في الخفاء»، مشدداً على أن «العمليات الكبرى تؤذي البلد ولا تخدمه»، في اشارة الى تعرّض أبرياء وأملاك المواطنين للضرر. واعتبر خلف أن «النجاح في تحقيق العمليات يزيد من ثقة الشارع العراقي في قواتنا الأمنية». وتوعّد عناصر «الارهاب» بأنها «سترى، لن نترك لها وقتاً لالتقاط الأنفاس». ورأى أنه «بعد 30 حزيران ستكون يد قوات وزارة الداخلية أطول لملاحقة المجرمين والجريمة». وفي ما يتعلق بتحقيق الأمن في المدن، ستواصل القوات تولي مهمات حماية الحدود الدولية التي تمتد بطول ثلاثة آلاف و600 كيلومتر وتنتشر على طولها 700 نقطة حدودية. ويقول المسؤولون في وزارة الداخلية إن المتمردين يتسلّلون الى العراق من الحدود الإيرانية. وسبق أن أكد خلف أن الحدود مع سورية باتت آمنة، مشيراً الى تقديرات تتوقع أن يتمكن العراق من السيطرة على حدوده مع ايران منتصف عام 2010. ولكن القوات العراقية ما زالت تبحث عن الدعم اللوجستي من القوات الأميركية، وخصوصاً في ما يتعلق بالإسناد الجوي. وقال المالكي في مقابلة مع صحيفة «لوموند» الفرنسية منتصف الشهر الجاري: «لن نطلب منهم المشاركة في العمليات القتالية أو الدعم بحفظ الأمن. انتهى ذلك». وأضاف أن «الحكومة العراقية ستطلب الدعم للحاجات اللوجستية فقط، وخصوصاً لنقل القوات عندما نحتاج الى ذلك، لأننا لم نعد نملك أي طائرة. لذلك سنشتري مروحيات من فرنسا والولايات المتحدة». وأكد قائد القوات الأميركية في العراق الجنرال راي أوديرنو منتصف الشهر الجاري أن قواته «انسحبت في صورة بطيئة من المدن خلال الشهور الستة الماضية، وأن غالبية القوات خرجت من المدن العراقية»، مشيراً الى أن «الانسحاب يجري وفقاً للجدول المقرر له». وقال أوديرنو إن «الأيام المظلمة في العام الماضي ولّت، وأصبحت وراءنا». وأضاف أن «الوقت مناسب كي تخرج قواتنا المقاتلة». واعتباراً من الأول من تموز (يوليو) المقبل، ستمثل القواعد الأميركية خارج المدن العراقية المقر الرئيسي ل131 ألف عسكري أميركي.