من 12 تموز يوليو إلى 23 آب اغسطس تخرج بعلبك من ذلك الصمت الذي يغرقها شهوراً من دون أن يكسر حدته عدد السائحين المتوافدين إلى القلعة الرومانية الضخمة القابعة عند مدخل المدينة منذ آلاف السنين. مهرجانات بعلبك الدولية صارت موعداً سنوياً للفرح، ينتظرها أهل المدينة لاستعادة بعض المجد الذي عرفته قبل الحرب الأهلية. هي فرحتهم بالآلاف المتوافدين كل مساء، وبالأنوار التي تزيد القلعة والمدينة جمالاً، وبشكل خاص بالفنانين العالميين الذين يأتون إلى أدراج معبدي باخوس وجوبيتر يقدمون أجمل ما أبدعوه، فتستضيف تلك الأدراج الرومانية القائمة على أرض عربية بكل رحابة أجمل فنون الثقافات العالمية المتنوعة. دورة هذا العام افتتحها عازف الكمان الإيطالي فبيو بيوندي وفرقته "أوروبا غالانتيه" في حفلة السبت 12 تموز، وبيوندي اختار أن يختتم حفلته ب"الفصول الأربعة" لفيفالدي، وقدم في البداية سمفونيا "فا" ماجور لسمارتيني، وكونسرتو كروسو رقم 4 لكوريللي، و"لافوليا" لجمينياني. وخصت إدارة المهرجان هذا العام محبي "البيانو جاز" بحفلتين لعازف البيانو الأميركي أحمد جمال في 18 و19 تموز، يرافقه خلالهما ادريس محمد على الطبلة وجايمس كماك على الكونترباس. ومع النجاح الكبير الذي تحققه كوميديا "شيكاغو" الموسيقية منذ ست سنوات في برودواي ولندن، ينتقل هذا العرض الحائز ست جوائز توني أوارد ولقب "أفضل مشهد موسيقي" ليومين إلى بعلبك في 25 و26 تموز. وفي 2 و3 آب سيكون الموعد في معبد جوبيتر مع نجم الغناء الفرنسي جوني هاليداي. هذا المغني الذي احتفل قبل أسابيع بعيد ميلاده الستين، عرف خلال مسيرته الفنية كيف يسحر جمهوره، ونال لقب "وحش المسرح"، فهل سيتمكن من فرض "أسطورته" على بلاط المعبد الروماني؟ بعد هوليداي تستقبل القلعة على مدة ليلتين أوبرا "كارمن"، العمل الذي يعتبر الأول من حيث عدد العروض في العالم، ويعد واحداً من أهم الأعمال الأوبرالية الإيطالية، تعيدنا قصته إلى اشبيلية العام 1820 ونتابع عريفاً في الجيش يقع في غرام غجرية جميلة تُدعى كارمن. يقدم العرض 145 فناناً ويقود الأوركسترا فيليب أوي مساعد قائد الأوركسترا في دار الأوبرا الوطنية في باريس. ويستضيف معبد باخوس في 8 آب أمسية موسيقية لأوركسترا السمفونية والغنائية الفرنسية وكورس أطفال "لا متريز دي هوت سور سين". بعد العروض الفرنسية يطل الشرق الأقصى على مسرح المهرجانات، ويُقدم "السيرك الامبراطوري الصيني" في 14 آب أغسطس و15 منه. وعروض السيرك ستكون عملاً مشتركاً بين "سانست كونسرت أوف أميركا" والسيرك الصيني، وفي البرنامج غزل الديابولو والقفز في الدوائر وبهلوانيو عصا القفز العالي ورقصة الصحون وغيرها من الأعمال البهلوانية وألعاب الخفة والليونة والتوازن. وختام المهرجانات محطة شرقية روحانية هي سهرة مع الإنشاد الصوفي وأغان من التقاليد الحلبية في 23 آب، ومن خلالها يعود جوليان فايس مع فرقة الكندي إلى بعلبك، ويرتجل عمر سرميني قصائد تعود إلى القرن الحادي عشر ثم يليه الشيخ حبوش وجوقته الصوفية ودراويشه.