كبرنا على الحب يا عائشة وكدنا نضيع قبلتنا في الدروب المريضة بالوقت والتعب القروي لم نكن واضحين كما ينبغي للفراش بأن يتهافت في ظلنا كان صوتك أقرب للعشب من نفسه حين ينداح بين صفوف النخيل وينأى على ضحكة فاتنة * كبرنا مع الحب يا عائشة * حين تغفو سنابل أرواحنا في هزيع سريرتها القروي يجيء هواك الجنوبي مزدحماً بالمواويل والأغنيات القريبة من تعبي... كان طيفك يبذرني في الحقول كحبة قمح تفتق وجه التراب لتفصح عن حرقة كامنة * تعبنا كما الحب يا عائشة * يحرث الوقت أرواحنا في جميع المواسم قبل أوان الحصاد وبعده ليس هنالك فصل جديد من العمر نرقبه حين نجني ثمار عواطفنا ونخبئها في السلاسل تظل السماء معلقة فوقنا في الجنوب القريب من الروح تسندها غيمة ممكنة * نعيش مع الحب يا عائشة * كيف نحيا على ضفة تتآكل من تحتنا والحمام يغادر من ردهات هوانا المجنح في باحة الدار، خفيفاً كظلك راح الحمام يرف على سدرة الحزن في ريشه كان يحمل اسمي واسمك بين جناحيه ترتيلة من هديل أخير وينأى الى ضفة آمنة * يغربنا الحب يا عائشة * لم نكن قادرين على أن نميز فضتنا عندما انسكبت فوق وجه التراب وذابت مع الرمل في لغة تستحيل يباباً على خطونا لم يكن باليدين سوى أن نظل نسير لآخر هذا الطريق غريبين في لحظة آسنة * خلقنا من الحب يا عائشة * حين نعبر جسر النشيد بأحلامنا للضفاف الأخيرة نغدو وحيدين في صمتنا لم نعد بعد هذا الضباب المطل على شدونا راغبين بشيء من العمر غير اتساع المواويل بين كفوف الصدى... كلما غفل الفجر عن نفسه في مساءاتنا يستريح هوانا على قصب الأغنيات النحيل ويأخذنا الليل في حيز منطفئ بالسراج لنغفو على آهة مزمنة * لنا الحلم والوقت يا عائشة * ما جارينا الرياح التي طوحتنا بعيداً بل مضينا نرجح من كفة الشمس حين تميل على قمح أحلامنا في الهجير... طيبان كما النخل لسنا نجيد الكلام الطليعي لكننا قد نطيل الوقوف على عتبات التنبؤ إن غربتنا الرؤى الطاحنة سنمضي الى الروح يا عائشة * معاً باليدين سنقطع درب السؤال الأخير الى حلمنا سنمضي الى قبلة الأغنيات الشريدة سنمضي... وإن يُسقط العمر من روحنا قطعة لن نعود إليها سنتركها فوق كف من الرمل كيما تؤلب فجر الهديل البعيد ستزهر باسمي واسمك من برعم غائر في النشيد سنولد ثانية... لا تخافي سنولد... لو بعد ألف سنة.