اختتم قادة مجموعة الدول الصناعية الثماني الكبرى أمس قمتهم بعد التوصل الى اتفاقات في شأن الامن العالمي والاقتصاد وتعهدوا مكافحة الجوع في العالم، وخطوا خطوة في اتجاه رأب الصدع الذي احدثته الحرب على العراق. وترافق اختتام القمة مع احتجاجات عنيفة لمناهضي العولمة. وعقدت الجلسة الختامية للقمة في غياب الرئيس جورج بوش الذي توجه الى الشرق الاوسط، كما غادر رئيس الوزراء البريطاني توني بلير القمة باكراً ليعود الى بلاده. وأعرب القادة في بيان ختامي عن الثقة في النمو الاقتصادي العالمي كما أكدوا تأييدهم لعراق يتمتع "بسيادة كاملة ومستقر وديموقراطي"، وطالبوا زيمبابوي بتخفيف ممارسة عنف الدولة ضد ناشطي المعارضة. وتعهدت المجموعة بالمساهمة في مكافحة الجوع في العالم وخصوصا في افريقيا. وأكدت في "خطة عمل" انها ستقوم بانتقاء دقيق للدول الفقيرة التي تطلب مساعدتها لتأمين مياه الشرب، داعية الاسرة الدولية الى مضاعفة جهودها لتحقيق الهدف الذي حددته الاممالمتحدة بخفض عدد المحرومين من الوصول المباشر الى مياه الشرب بمقدار النصف بحلول سنة 2015. وقال الاعلان الذي يكرر مبادئ ووعود سابقة ان "المجاعة مأساة يمكن تجنبها"، مؤكداً ان "ملايين الاشخاص في العالم بينهم 40 مليوناً في افريقيا يواجهون خطر الموت جوعاً". واشار البيان الى عوامل المناخ والكورث الطبيعية "والاسباب البنيوية مثل الفقر" التي يمكن ان تساهم في انتشار الجوع. وأكدت دول المجموعة في هذا الاعلان "تصميمها على معالجة ازمات الغذاء التي تتطلب حلولاً عاجلة باجراءات فورية"، مشيرة الى ان "برنامج الغذاء العالمي يقدر الاحتياجات الغذائية لافريقيا حالياً ب2،1 مليون طن". ووصفت وكالات الاغاثة الخطط بأنها وعود فارغة. وأعرب ناشطو هذه الوكالات عن خيبة املهم بسبب خطة مكافحة الجوع التي قالوا انها لم تذكر الآثار الضارة للدعم الذي تقدمه اوروبا والولاياتالمتحدة الى مزارعيها على اقتصادات افريقيا التي تعتمد على المزارع. ووصفت وكالة اوكسفام البريطانية الخيرية تلك الخطة بأنها "بيان فارغ من اي مضمون". وقال الناطق باسمها فيل تويفورك "ان هذه خيبة امل كبرى بالنسبة لافريقيا". وعبر الرئيس شيراك عن "اسفه" لأن الولاياتالمتحدة حالت دون التوصل الى اتفاق ضمن مجموعة الثماني حول الاقتراح الاوروبي لتجميد المساعدات الزراعية التي تقدمها الدول الغنية وتزعزع الاقتصادات الافريقية. وقال في المؤتمر الصحافي الختامي للقمة "لم نتقدم بالقدر الذي كنت اتمناه". وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ان القمة اتاحت تخفيف التوترات الدولية التي خلفتها الازمة العراقية وقد يكون ذلك على الارجح "نتيجتها الرئيسية". وأضاف ان مختلف الوثائق التي تبنتها المجموعة ليست سوى توصيات لكنها "ترسل اشارات واضحة الى المجموعة الدولية". وخلال جلسات العمل التي استمرت ثلاثة ايام والمحادثات الثنائية التي أجريت على هامش القمة، ناقش قادة مجموعة الثماني عدداً من القضايا من بينها المصاعب التي تواجه الاقتصاد العالمي ومرض نقص المناعة المكتسب الايدز والمساعدات لافريقيا وتهديد الارهاب العالمي. وتوصل قادة بريطانيا وكندا وفرنسا والمانيا الى اتفاقات تعالج الحرب العالمية على الارهاب وانتشار الاسلحة، وهما "التهديدان الحقيقيان" للعالم كما وصفوهما. واعلن قادة الدول الثماني تشكيل مجموعة عمل جديدة لمكافحة الارهاب تعمل على تنسيق الردود على التهديدات وتوفير الموارد والمعلومات الاستخباراتية للدول التي في اشد الحاجة اليها. ووجهوا تحذيراً مباشراً الى كوريا الشمالية وايران في شأن برنامجها النووي. وسعى بوش وشيراك اللذان أجريا اول محادثات ثنائية بينهما منذ الخلاف المرير بين بلديهما الذي ادى الى زعزعة التحالف على جانبي الاطلسي، الى اظهار جهودهما لاصلاح العلاقات بينهما حيث واجها الكاميرات بالابتسامات والمصافحات. وكان المراقبون يخشون ان تشوب قمة مجموعة الثماني مشاعر الاستياء التي تسبب بها الخلاف حول العراق بعدما عارضت فرنسا وكندا والمانيا وروسيا تلك الحرب. الا ان رئيس الوزراء الكندي جان كريتيان قال "انه لم يتمكن اي شيء من خطف مناقشات" ايفيان. وأضاف ان "كل القادة يشعرون بالتفاؤل في النهاية". وعلى رغم ان بوش اقر بأن العلاقات بين واشنطن وباريس تمر "بفترة صعبة"، الا انه قال انه لا يوجد سبب يمنع من ان يعمل هو وشيراك معاً مرة اخرى. وقال: "قد تكون بيننا خلافات لكن ذلك لا يعني انه يجب الا نكون لطيفين مع بعضنا". في غضون ذلك، أغلق بضع مئات من المتظاهرين أمس جسراً رئيسياً في جنيف على نهر الرون، واشتبكوا مع الشرطة التي اعتقلت نحو 20 منهم، وذلك لليلة الثالثة على التوالي على رغم ان غالبية الناشطين غادروا المنطقة بعد احتجاجات ضخمة في مطلع الاسبوع. وحذرت الشرطة في لوزان ومدينة سويسرية اخرى واجهت الاحتجاجات المناهضة للقمة المنعقدة في الساحل الفرنسي لبحيرة جنيف السكان من ان احتجاجات متفرقة قد تقع. واطلقت شرطة مكافحة الشغب السويسرية ليل أول من أمس الغاز المسيل للدموع والعيارات المطاطية على المحتجين المعادين للعولمة في جنيف.