الفتى الذهبي للكرة البريطانية ديفيد بيكهام يتلهف دائماً الى لفت الانظار، فمن ولعه بالملابس الى سياراته الفارهة مروراً ببذخه وتفننه باختيار ملابسه وتصاميم تسريحات شعره. كل ذلك يجعله في قلب النخبة البريطانية والطريد المفضل لصحافة النميمة التي لا تنفك تضخم اي فعل منه او زوجته المغنية الشعبية فكتوريا إحدى المطربات الخمس السابقات لفريق "سبايس غيرلز" وتحويله الى فضيحة طنانة "تسرق" اهتمام وأموال ابن الشارع، العاشق لبطولات النجم الرياضي على السجادة الخضراء. أمس اضيفت الى شهرة بيكهام وزوجته فضيحة جديدة، وجهت فيها صفعة مهينة الى صدقية الصحافة البريطانية التي تتفاخر بعراقتها و"جبروتها" ودقة اخبارها واستنكافها عن الدخول في مهاترات وتلفيقات. ففي مفاجأة قانونية اسقط احد القضاة البريطانيين التهمة عن خمسة اشخاص من اصول شرق اوروبية، اتهموا بمحاولة خطف فكتوريا بيكهام، والمطالبة بفدية مقدارها خمسة ملايين جنيه استرليني في تشرين الثاني نوفمبر الماضي. كل الحكاية، الى هذا الحد، عادية. لكن ما هو صاعق جاء لاحقاً حين كُشفت حقيقة الصفقة الخادعة التي قامت بها واحدة من اكثر صحف التابلويد شعبية في العالم: "نيوز اوف ذي وورلد" أخبار العالم التي تصدر أيام الاحد فقط وتوزع ملايين من النسخ، وتعود ملكيتها الى البليونير الاسترالي روبرت ميردوخ. بطل القصة هو أهم صحافييها مظهر محمود الذي أراد ان يحقق سبقاً فضائحياً، فلم يجد سوى بيكهام وزوجته هدفاً سهلاً ليفبرك سيناريو الخطف الشبيه بأفلام هوليوود التشويقية. اتفق محمود مع المجموعة الالبانية لتمثل ادوارها مقابل 10 الآف جنيه استرليني، وادعى اختراقه اياها بعدما اصبح صديقاً مقرباً من احدهم، صوّر جلسات التخطيط والخطف بكاميرا خفية، وثبت اعترافاتهم على اشرطتها، وحين اخبر محمود قيادات سكوتلنديارد، أصر على تصوير هجمة الفرقة الخاصة واعتقال افراد المجموعة قرب سيارات عملية الخطف المفترضة. وصدم البريطانيون حين عرضت غالبية القنوات التلفزيونية تفاصيل الاعتقالات والاعترافات، وجند النجم الرياضي فرقة من الرجال الاشداء المسلحين لتحمي عقيلته وابنيه على مدار الساعة. للصحافي محمود سوابق كثيرة، جعلته عدواً لكثيرين في اوساط متنوعة من عصابات المدن الشمالية الى مهربي الاسلحة والمخدرات، ومثلهم عصابات الاوساط الرياضية أشهرها كشفه فضيحة مديري نادي نيوكاسل لكرة القدم اللذين تآمرا للحصول على ملايين الجنيهات من مناصري الفريق عبر بيعهم أدوات رياضية مقلدة، وكُرم محمود على قصته هذه بجائزة افضل صحافي عام 1999. وكي يصل الى مبغاه الصحافي لا يتوانى محمود عن تلّبس شخصيات وادعاء هويات مزيفة تسهل اختراقه الاسرار، ومن هنا جاء اللقب الذي اطلقه عليه حسّاده في الصحافة البريطانية: "الشيخ المزيف" حينما ادعى انه ثري عربي خليجي ورط عدداً من نجوم الاذاعة والتلفزيون في جلسات كوكايين، قادتهم كاميرته الخفية الى السجون. وكانت اشهر ضحاياه كونتيسة ويسكس صوفي زوجة الامير ادوارد، النجل الاصغر للملكة اليزابيث الثانية التي فضح شتائمها للعائلة المالكة ورئيس الوزراء توني بلير وزعيم حزب المحافظين السابق ويليام هيغ. وصوفي هي التي اطمأنت الى محمود باعتباره زبوناً عربياً لشركتها. انهيار قضية "عصابة بيكهام" وضع مهنة الصحافة على المحك شعبياً، وعلى رغم اصرار الصحيفة الاسبوعية على حكاية محررها محمود ووقوفها خلفه، الا ان احتمالات استدعائه، مثلما حدث مرات واتهامه بتسويق المخدرات لزبائن خبطاته الصحافية، ومثوله امام المحاكم بتهمة التلفيق أصبحت امراً يهدد المستقبل المهني ل"صحافي دفتر الشيكات" الذي يصر على اخفاء ملامح وجهه ويرفض نشر صوره من اجل حصانته الشخصية.