تغادر مستشارة الرئيس الاميركي للامن القومي كوندوليزا رايس المنطقة وفي يدها انجازان يضعان "خريطة الطريق" مجددا على السكة المحددة لها، وهما اعادة الانتشار العسكري في قطاع غزة اليوم، واعلان "حركة المقاومة الاسلامية" حماس و"الجهاد الاسلامي" هدنة مشروطة بوقف الاغتيالات والاجتياحات واطلاق الاسرى. راجع ص 4 و5 واجرت رايس محادثات مع المسؤولين الاسرائيليين، وعلى رأسهم رئيس الوزراء ارييل شارون، انتقدت خلالها بناء "الجدار الفاصل" على اعتبار انه يفرض حدودا سياسية ويخلق امرا واقع، علما ان وقف بناء الجدار هو مطلب فلسطيني تصدر المحادثات الفلسطينية مع المسؤولة الاميركية. الا ان شارون اكد ان الجدار يبنى لاسباب "امنية" بحتة، مشددا على انه غير مستعد للتراجع عن هذه المسألة حتى ان كان ذلك سيسبب خلافا مع واشنطن. كما ابلغها ان اسرائيل لن تنفذ المرحلة المقبلة من "خريطة الطريق" اذا لم يفكك الفلسطينيون الفصائل المسلحة. واكدت رايس ان بامكان اسرائيل ان تنشط في المناطق التي ما زالت تحت سيطرتها من اجل الدفاع عن الاسرائيليين، لكنها طلبت ان يتم ذلك "بحساسية خاصة". وتم الاتفاق ان يعين البيت الابيض منسقا خاصا لمسألة تحسين الشروط المعيشية في قطاع غزة، على ان يعمل بالتنسيق مع وزير المال الفلسطيني سلام فياض ومدير مكتب رئاسة الوزراء الاسرائيلية دوف فايسغلاس. وعلى صعيد الهدنة، حالت خلافات اللحظة الاخيرة دون اعلان بيان مشترك امس توقع عليه "فتح" و"حماس" و"الجهاد". وقالت مصادر مطلعة ان الخلافات تناولت الموقف السياسي، موضحة ان "فتح" تمسكت بتضمين البيان بندا عن "خريطة الطريق" التي ترفضاها الحركتان، ما دفعهما الى اصدار بيان مشترك من دون "فتح". وفيما اكدت "فتح" انها ستعلن موقفها من الهدنة مساء الاحد أمس، نشطت اوساطها لتجاوز الخلافات الداخلية في الحركة بعد اعلان "كتائب شهداء الاقصى" انها غير معنية بالهدنة. وفي وقت لاحق، اعلنت "الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين" هدنة لمدة ثلاثة اشهر بالشروط التي اعلنتها "حماس" و"الجهاد" مضافا اليها وقف الاستيطان، في حين ظلت "الجبهة الشعبية" على موقفها الرافض للهدنة. وحسب المبادرة المشتركة بين "حماس" و"الجهاد"، فإن الحركتين اعلنتا "وقف العمليات العسكرية ضد العدو الصهيوني لمدة ثلاثة أشهر اعتبارا من اليوم أمس وبالشروط الاتية: وقف كل اشكال العدوان الصهيوني ضد شعبنا من اجتياح وتدمير واغلاق وحصار... بما في ذلك الحصار المفروض على الرئيس ياسر عرفات... واطلاق الاسرى"، مضيفة: "في حال لم يستجب العدو لهذه الشروط والالتزامات او اخل بأي منها، فإننا نعتبر انفسنا في حل من هذه المبادرة، ونحمل العدو مسؤولية ما سيترتب على ذلك". ورحبت السلطة الفلسطينية بإعلان "حماس" و"الجهاد"، معتبرة انه يعزز الوحدة الوطنية ويقطع الطريق امام مناورات اسرائيل للتهرب من تنفيذ "خريطة الطريق". لكن حكومة شارون رفضته، مشيرة الى انه يهدف الى اعطاء الناشطين الفلسطينيين فرصة لاعادة تجميع قواهم استعدادا لشن مزيد من الهجمات. واكدت انها "لا تعلق اي اهمية" على الهدنة وان "محاورها الوحيد هو السلطة". في غضون ذلك، تواصلت الاجتماعات الامنية بين الفلسطينيين والاسرائيليين لاستكمال الترتيبات الامنية لاعادة الانتشار الاسرائيلي في قطاع غزة والتي من المقرر ان تبدأ ليل الاحد وان تستكمل اليوم.