من سيفوز بسباق الصيف: محمد سعد الشهير باللمبي ام محمد هنيدي؟ ليس هناك سؤال آخر يتردد ظله في الصحافة المصرية الفنية اليوم. كما ان المناسبة ادت الى ترديد كلمات اخرى على غرار "ذبح" و"تصفية حسابات" و"حرب". وهناك حال من الذعر داخل معسكر كل من يوسم نفسه بكلمة "نجم"، لأن نتائج هذه المعركة ستؤثر بالطبع في موقعه في هرم النجومية، إذ يتحدد هذا الموقع اقتراباً من قمة الهرم، او من سفحه بحسب الإيرادات دون غيرها، وفي نهاية الموسم تتشكل خريطة ترصد موقع كل نجم، وما حصل عليه من ارض جديدة، او فقده من اسهمه السابقة. هذه المعركة الوهمية لا تعكس اي نظام يحكم واقع السينما المصرية في اللحظة الراهنة، بل على العكس تكرس العشوائية التي يدور في فلكها صنّاع الأفلام. وفي يقيننا انها ستكون ضارية وبخاصة بعد تأجيل بضعة افلام للعرض في الأعياد بدلاً من الموسم الصيفي، منها "تيتو" لأحمد السقا وإخراج طارق العريان، و"حب البنات" لليلى علوي وأشرف عبدالباقي وإخراج خالد الحجر. "اللي بالي بالك" في المقدمة إذا حاولنا ان نقف على الظروف التي احاطت بصنع هذه الأفلام والعناصر التي شكلتها والعوامل التي ترجح تحقيقها للنجاح من عدمه، نجد ان فيلم محمد سعد الذي يحمل اسم "اللي بالي بالك" يأتي في مقدم الأفلام المتوقع تحقيقها ايرادات ضخمة. هذا الاسم الجديد جاء بعد ان جردته الرقابة من اسمه الأول "مش اللمبي خالص" نتيجة اعتراض المنتج مجدي الهواري الذي يتمسك بكونه مبتكر شخصية اللمبي التي ظهرت للمرة الأولى في فيلم "الناظر" .... من الواضح ان "اللي بالي بالك" هو جزء ثان لفليم "اللمبي" الذي حقق نجاحاً تجارياً مذهلاً في العام الماضي لا يتوافق مع الابتذال الفكري والضعف الفني الذي اعتراه. لذا لجأ سعد الى المخرج نفسه وائل إحسان، ليس بسبب تفرده، ولكن ربما على سبيل التفاؤل بالنجاح السابق. وهذا الاختيار لم يعف محمد سعد من ان ينصب نفسه صاحب الكلمة الأولى والأخيرة في موقع التصوير، وهي الوظيفة المفترض ان يقوم بها المخرج. ولكن في ظل حال تبدل الأدوار، اجاد احسان "تمثيل" دور المخرج. وعلى رغم انتظار البعض ان يحقق "اللي بالي..." المعجزة المنتظرة، فإن السيناريو الذي كتبه كل من نادر صلاح وسامح سر الختم قدما في العام الماضي فيلم "هو فيه ايه" وهو الفيلم شديد الركاكة على مستوى بناء السيناريو، اضافة الى غياب المخرج الفعلي، كل هذا يجعلنا نتوقع كارثة فنية جديدة، ولكن لا ينفي توقعاتنا بأن يحقق المرتبة الأولى في الإيرادات. "سهر الليالي"... ومسار الجمهور على النقيض هناك فيلم "سهر الليالي" للمخرج هاني خليفة الذي تأخر عرضه لأكثر من عام. وهو من الأفلام الأخيرة التي انتجتها "الشركة العربية". وتوقفت المراحل الأخيرة للفيلم من دون سبب مفهوم سوى تعنت هذه الشركة ورهانها الخاطئ على افلام اقل شأناً. وعلى رغم ان السمعة الطيبة التي حازها كاتب سيناريو الفيلم "تامر حبيب" ككاتب موهوب، فإن هذه السمعة يقتصر تداولها على العاملين في الوسط السينمائي الذين قرأوا كتاباته، بينما لم ير الجمهور افلامه بعد... وأيضاً مخرجه هاني خليفة الذي حقق فيلمه القصير "عربة السيدات" الذي عرض في عدد من المهرجانات، قبولاً نقدياً، وحاز جائزة تقديرية من مهرجان "كليرمون فيران". كما عمل هاني خليفة عمل مساعداً لعدد من المخرجين المعروفين مثل خيري بشارة ومحمد راضي وداود عبدالسيد. هذه العناصر لا يضعها الجمهور في اعتباره، ولكنها قد تفسر ترجيح القطاع الأكبر من النقاد للتميز الفني المتوقع للفيلم. ولكن العنصر الأكثر جذباً سيكون بالطبع هم النجوم الشباب الذين احتلت صورتهم الجماعية ملصق الفيلم: منى زكي، احمد حلمي، حنان ترك، فتحي عبدالوهاب، شريف منير، جيهان فاضل، علا غانم وخالد ابو النجا. لكل من هؤلاء النجوم جمهوره الذي يسعى لرؤيته وبخاصة احمد حلمي ومنى حنان. كما ان العلاقات الاجتماعية الحقيقية غابت عن الشاشة لسنوات، ولم يعد منها سوى ظل باهت ممتزج بضحكات بلهاء في افلام الأعوام الماضية، ما حدا ببعض الجمهور الى البحث عن صورته الحقيقية في الأشرطة السينمائية التي لم يجدها في افلام المضحكين الجدد، او الأفلام الرومانسية المصطنعة. فهل سيحقق "سهر الليالي" هذه الرغبة لدى هذا القطاع من الجمهور؟ إذا تمكن "سهر الليالي" من تحقيق هذا النجاح المأمول، ربما يتحقق نوع من تصحيح المسار في مسيرة الجمهور ولو بقدر معقول يسمح بظهور افلام مختلفة - او بالأحرى حقيقية - في المرحلة المقبلة. منافسة من الوزن الثقيل لم يكن من المتخيل لدى عشاق عبلة كامل انها ستصبح يوماً إحدى نجوم الكوميديا الذين يضعهم المنتجون والموزعون الآن في حساباتهم. فبعد قيامها بدور "الأم" في فيلم "اللمبي" العام الماضي، وتفوقها في هذا اللون، بدأ تهافت المنتجين عليها في عدد من الأدوار الرئيسة، اضافة الى مشاركتها في فيلم "اللي بالي بالك" كضيفة شرف في عدد محدود من المشاهد. الفائز الأول في سباق التهافت على عبلة كاملة كان المنتج محمد السبكي الذي أسند إليها بطولة فيلم "كلم ماما" مع حسن حسني - احدى الأوراق الرابحة في سينما الشباب - كما اختار لها مجموعة من الشباب لاستكمال الباقة: منة شلبي، مها احمد، دنيا، وأحمد زاهر الذي جاء ترتيبه في ذيل القائمة، ما دفعه الى شن هجوم على المنتج والمخرج احمد عواض متهماً اياه بتغيير السيناريو وحذف عدد كبير من مشاهده من دون الرجوع الى مؤلف الفيلم مصطفى السبكي ... وعلى رغم الجو العبثي المحيط بهذا الفيلم كغيره من أفلام "الهوجة"، فإن مخرجه احمد عواض المعيد في معهد السينما يأمل ان يحقق فيلمه نجاحاً تجارياً ضخماً يمحو به آثار الفشل الذريع الذي احاط بفيلمه الأول "كذلك في الزمالك" على المستويين الفني والجماهيري. وبدأت الفضائيات العربية اذاعة احدى اغاني الفيلم قبل عرضه في دور العرض على سبيل الدعاية. وبدأت الضجة مبكراً حول وصف كلمات الأغنية بالهبوط والابتذال... ولكن يبدو ان الجمهور يسعى جاهداً الى مشاهدة هذه الأشرطة المهترئة التي تسمى على سبيل التوصيف "افلاماً"، لذا من غير المستبعد ان يتحقق نجاح تجاري كبير لفيلم تكون بطلته سيدة بعد سيطرة سينما الرجال لسنوات. هنيدي... الرهان على الجندي ومحمد هنيدي يراهن هذا العام على نجاح شخصية جندي الأمن المركزي التي يؤديها في فيلم "عسكر في المعسكر" من تأليف احمد عبدالله وإخراج محمد ياسين. حال الذعر تبلغ مداها لدى هنيدي بسبب عدم تحقيق فيلمه "صاحب صاحبه" الإيرادات المتوقعة. إذ اعتبر البعض ان تحقيقه إيرادات تقل عن عشرة ملايين جنيه هو درب من دروب الفشل قياساً الى ايراداته في الأفلام السابقة، وتكلفة افلامه الباهظة، وارتفاع اجره المبالغ فيه. هنيدي لجأ هذه المرة الى محمد ياسين، ولم يلجأ الى مخرجه المفضل سعيد حامد مخرج "صاحب صاحبه"... ربما محاولة للتبرؤ من ثوب الفشل وإلصاقه بحامد بحجة تحمسه لسيناريو صاحب... الذي كتبه ماهر عواد. والمخرج سعيد حامد يعتبره الكثيرون احد نجوم هذه الموجة. وهو على رغم افتراقه عن هنيدي هذا الموسم، إلا انه ما زال في ملعب المنتج محمد العدل الذي يراهن بفيلم واحد "اوعى وشك" من تأليف مدحت العدل. اما البطولة فلأحمد رزق وأحمد عيد اللذين اضطلعا من قبل ببطولة "فيلم ثقافي" ومعهما الفنان الشاب فتحي عبدالوهاب. وتشاركهما في "اوعى..." الشابتان منة شلبي وحنان مطاوع. وينصب رهان العدل على ان يملأ رزق الفراغ الذي تركه الراحل علاء ولي الدين بلعب ادوار الفتى السمين الخفيف الظل، والرهان على احمد عيد ككوميدي شاب لم يختبر بعد، خصوصاً ان هناك مساحة خاوية ايضاً بعد صعود احمد حلمي الى ادوار البطولة. هاني رمزي الذي حقق نجاحاً ملحوظاً في "محامي خلع" العام الماضي قياساً الى إيراداته السابقة، يراهن هذا العام ايضاً على مخرج جديد وهو احمد نادر جلال. تشارك هاني بطولة الفيلم التونسية هند صبري، والسيناريو لطارق عبدالجليل. اما الممثل الكوميدي احمد آدم الذي حققت افلامه فشلاً تجارياً الواحد تلو الآخر، وآخرها "هو في ايه؟" مع المطرب محمد فؤاد فيقوم هذا العام ببطولة "فيلم هنيدي" لمنير راضي ومن تأليف هاني فوزي. ويشارك آدم البطولة صلاح عبدالله، منّة شلبي ورشا مهدي. اما مصطفى قمر، على رغم ضعف ايرادات فيلمه الأخير "قلب جريء"، فيستعد لخوض معركة الموسم الصيفي بفيلم "بحبك... وأنا كمان" من تأليف ايمن بهجت قمر، وإخراج محمد النجار. وتشاركه في التمثيل سميّة الخشاب وفتحي عبدالوهاب. ومن غير المنتظر ان يحقق اي منهم مفاجأة صعوداً او هبوطاً. ... والزعيم في قلب المعركة وأخيراً هناك "الزعيم" او عادل إمام الذي ما زال مصراً على الإمساك بسيفه وخوض معركة الصيف بفيلم "التجربة الدنماركية" اخراج علي ادريس وتأليف يوسف معاطي. الدور النسائي الرئيس تلعبه اللبنانية نيكول سابا. وقد أثار هذا الاختيار الكثير من علامات الاستفهام: هل يحاول "الزعيم" ايجاد عناصر جذب مساعدة تعينه في المعركة، وتساعده على كسر شوكة المضحكين الجدد؟ ام ان هذه الأسلحة اصبحت منتهية الصلاحية ولن تصلح لحسم دفة الحرب لمصلحة احد اطرافها؟ ربما نجد في الأسابيع القليلة المقبلة اجابة عن اسئلتنا، وربما يتحقق بعض من توقعاتنا... ولكن هل تليق هذه المعركة وأفلامها التي يغلب عليها الاستسهال والسطحية بتاريخ سينما تجاوز عمرها المئة عام؟... من المؤكد ان الإجابة هي "لا".