سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
أكد أن الاستخبارات كانت مخطئة وأن فريقه لم يزود معلومات دقيقة . بليكس ل"الحياة": أميركيون خارج البنتاغون يشوهون سمعتي ولا أستبعد خلو العراق من الأسلحة المحظورة
أطلق رئيس هيئة التفتيش والتحقق "انموفيك" هانز بليكس تصريحات، خلال الأيام القليلة الماضية، اتهم فيها مسؤولين أميركيين بأنهم مارسوا ضغوطاً عليه خلال توليه مهمة التفتيش عن أسلحة الدمار الشامل في العراق، واستخدم عبارات قاسية جداً غير مألوفة في قاموسه، قال عن بعضهم إنه "وغد". وقال في حديث إلى "الحياة" أمس انه لم يعلم ان الصحيفة التي نقلت قوله هذا ستسجله، واما لما قاله. وحاول أن يستبعد بعض هذه العبارات، لكنه قال إن بعضهم في واشنطن كان يصف عمله بأنه فاشل. ووصف ذلك بأنه خرافات. ونفى أن تكون وزارة الدفاع الأميركية قادت الحملة عليه، وأضاف ان ثمة من يشوه سمعته خارج الوزارة. وأكد أن المعلومات الاستخباراتية التي استندت إليها واشنطن ولندن لشن الحرب كانت ناقصة، خصوصاً "المعلومات المتعلقة بالمواقع". وقال إن أجهزة الاستخبارات ارتكبت خطأ، ولم تزود معلومات دقيقة عن مواقع الأسلحة، ولم يستبعد خلو العراق منها. وهنا نص الحديث: يبدو أنّك في الأيام الأخيرة فقدت أعصابك الديبلوماسية. إذ نقل عنك أنّك تتهم مسؤولي البنتاغون بإطلاق حملات مغرضة ضدّك. من تقصد بكلامك؟ - في الحقيقة لا أرى إلا ما يكتب في الصحف. لم أتهم أي مسؤول محدّد في البنتاغون. ولكن عندما أرى بعض المسؤولين الكبار يلوّحون بأمر ما من دون الإفصاح عن هويتهم، عندها أخلص إلى أنّ الفاعل هو من الإدارة. وطبعاً لم يكن كلّ الكلام دقيقاً. هل نتحدّث عن أشخاص على مستوى وزير الدفاع دونالد رامسفيلد؟ - عندما سئلت عن رأيي فيه قلت إنّني أجده صاحب خبرة للغاية وأعتبر أنّ تصريحه حول أوروبا القديمة لم يكن ديبلوماسياً على الإطلاق. ولا أعتقد بأنّني قلت أي أمر إضافيّ. أتعتقد فعلاً أنّه كان يستهدفك شخصياً؟ - لا، لا أعتقد ذلك. لم أقل ذلك أبداً. لا أعتقد ذلك. من كنت تعني إذاً بعبارة "عناصر في البنتاغون"؟ أتعني بذلك ولفوفيتز؟ أم عناصر أدنى درجةً؟ ما قصدك بذلك؟ - لا أحدّد أي شخص على الإطلاق. إنّني أرى ما يقال في الصحف. كانت لغتك قاسية. قلت: "ثمة من يشوّه صورتي في واشنطن. هؤلاء الأوغاد الذين ينشرون كلّ الأمور، الذين يزرعون الأمور السيئة في الإعلام". هذا اقتباس من كلامك. هذا ما قلته ونشر في صحيفة "ذي غارديان". - لم أكن أعتقد أن كلامي سيسجّل عندما استخدمت تلك العبارة. ما كنت لأستعملها لو كنت أعلم أنّ كلامي يسجّل. لكن هناك من يشوّه سمعتي. نعم، لفترة طويلة كان بعضهم يصف الوكالة الدولية بالفاشلة منذ عام 1991. وأعتقد أنّ معظم ما قيل كان مجرّد خرافات بصراحة. ولا أجد أنّ هذه المسألة تستحقّ المناقشة ولكنّني أشير إلى تأثيرها في الأمور بعض الشيء. تداول العراقيون اشاعات حولك، وأبلغت "ذي غارديان" انهم اتهموك بأنك "شاذ تذهب إلى واشنطن لتلقي تعليمات كلّ أسبوعين". - نعم نشر هذا الخبر في وقت من الأوقات. عندما ذهبت إلى واشنطن. جدولي الزمنيّ مفتوح أمام العلن بالتالي هذا الخبر عار من الصحة. أي من الإشاعتين كانت أشدّ إيذاءً، الحملات المغرضة من البنتاغون أم حملة العراقيين؟ - لا أقول إنّ البنتاغون قاد الحملة. ثمّة من يشوه سمعتي خارج البنتاغون. هؤلاء من المنتقدين القدامى الذين درجوا على تلك العادة. لا أعتقد بأنّ حملة التشويه العراقية، كان لها هذا الأثر، لأنّ صدقيتها كانت ضعيفة للغاية. وبالتالي كانت الجهة الأولى أكثر إيذاءً. ما الذي جرى حتى تدهورت العلاقة بينك وبين إدارة بوش الى هذه الدرجة؟ - في الحقيقة لم أكن أعلم أنّ علاقتي سيئة مع الذين كنت أتعامل معهم. كانت لي علاقات رسمية مع وزير الخارجية أو مستشارة الأمن القومي كوندوليزا رايس والسفارة هنا. وكانت لي علاقات جيدة ومستقيمة معهم. ليست لدي مشكلة أبداً على هذا النطاق. وهذا هو المهم في المسألة. ما يقوله الآخرون مزعج للغاية، لكنّ ذلك لا يؤثّر فيّ إلى هذه الدرجة. ولكن سيد بليكس، حصل شيء ما بالتأكيد، إذ فقدت ثقة إدارة بوش في مرحلة من المراحل؟ - لا أعرف. لم يصارحوني بالأمر. وفي الواقع، حين كانوا يسعون للحصول على أصوات الغالبية في مجلس الأمن كانوا يأملون بالحصول على تصريح من المفتشين بامتلاك العراقيين أسلحة دمار شامل بالفعل، ولم نكن خلصنا إلى تلك النتيجة. كنا نحقّق في أمور عدّة في تلك المرحلة ولكننا لم نكن مستعدين لإعطاء تلك النتيجة الحتمية بعد. وعندما أنظر إلى الوراء اليوم لا أرى أحداً في الإدارة يذكر هذه الأمور وكان حذرنا مبرراً آنذاك. هل كان هناك تلاعب؟ يتكلّم معظم الصحف اليوم على تلاعب في شأن مسألة أسلحة الدمار الشامل وتضخيم من حجم الخطر الواقع أكثر مما يستحق. - دعيني أعبّر عن رأيي بعبارات عامة. ما أقوله هو أنّ بعض معلومات الاستخبارات كانت ناقصة أو غير أكيدة. وأعني بذلك المعلومات المتعلّقة بالمواقع خصوصاً. كنا نريد الدخول إلى هذه المواقع وإرسال المفتشين إليها، وهذا ما فعلناه. تلقينا معلومات عن عدد من المواقع من الولاياتالمتحدة ومن دول أخرى. وكرّرت مراراً أنّنا لم نحصل على أي دليل حول وجود أسلحة للدمار الشامل في أيّ من هذه المواقع. فثلاثة مواقع فقط كانت جديرة بالاهتمام وأبلغنا الإدارة عنها. إلا أنّني لا أستبعد أن تكون لدى الإدارة الأميركية هنا أو بريطانيا وبلدان أخرى أنواع أخرى من الاستخبارات لم نكن على بينة منها. بالتالي ما استندت إليه الحكومات لاتخاذ موقفها مسألة أخرى. هل صحيح أنّك لم تكشف إلا سبعة مواقع من أصل 70 أبلغتك الإدارة الأميركية في شأنها؟ - لا. لا نفصح عن أي معلومات حول من بلّغنا بهذه المواقع. حسنًا، لنطرح السؤال بطريقة مختلفة: هل صحيح أنّك كشفت سبعة مواقع من أصل 70 بلّغت عنها؟ - لن نغوص في التفاصيل، أو نذكر كم من المواقع أبلغتنا بها الولاياتالمتحدة أو بريطانيا أو غيرهما. كشفنا عدداً كبيراً من المواقع وحصلنا على نتائج أكيدة في ثلاثة منها فقط. لكن هناك اتهاماً مفاده أنّك لم تقم بواجبك على أكمل وجه وأنك لم تكشف إلا سبعة مواقع من أصل 70؟ - أعتقد بأنّنا نتمتع بعلاقات جيدة مع وكالة الاستخبارات الأميركية ولدينا قنوات مفتوحة لمناقشة الأمر إذا اقتضت الحاجة. هل تعني أنّك تملك معلومات أخرى لم تصرّح بها؟ - لا، ولكن كانت لنا علاقات وطيدة مع وكالة الاستخبارات. هي التي زودتنا معلومات حول المواقع وإذا كان ثمة استياء من الموضوع، يمكنها إطلاعنا على هذا الأمر. لم أسمع أي انتقاد من هذا القبيل. هل تعتقد بأن أجهزة الاستخبارات تلاعبت بالموضوع أم أنّها اقترفت خطأً؟ - من الواضح أنّ هذه الأجهزة اقترفت خطأً في ما يتعلق بعقد "يلو كايك" Yellow cake، بدت المسألة وهمية أو خطأ. أما بالنسبة إلى أنابيب الألومنيوم فلا بدّ أنّ أحداً أخطأ في شأنها أيضاً. كنت سأقود المفاوضات حول الشاحنات التي كان البعض يخال أنّها تستخدم لصناعة الأسلحة الجرثومية وبعضهم يخالف هذا الرأي. لا بدّ أنّ أحد الطرفين كان مخطئاً. ذكرت أمثلةً ثلاثة. هل هناك غيرها؟ - لا. أعتقد أنّ أهم الأمثلة تلك المتعلّقة بالمواقع. أي انّهم لم يزودونا معلومات أكيدة حول المواقع وهذا ما كنا في أمسّ الحاجة إليه. إذاً هل هو افتقار إلى الحذر أم أنّ الأمر يتعلّق بتلاعب متعمّد؟ - لا سبب لديّ للغوص في الأسباب. ما كان يهمنا هو المعلومات التي أعطيت لنا، وكانت تلك غير كافية لنستند إلى أيّ موقع لأسلحة الدمار الشامل. وأعتقد أن الأميركيين انحرفوا عن مسار التحقيقات. كما أنّهم على ما يبدو يتجاهلون المواقع التي تلقوا معلومات في شأنها ويركزون على المقابلات وما شابهها أكثر من أي أمر آخر. هل يعزى ذلك إلى عدم وجود أسلحة دمار شامل في العراق بالفعل؟ - لا نعلم حتى الآن ولا أستبعد هذا الاحتمال. ما زال هناك بعض الأسئلة لم تتم الإجابة عنها. موادّ لم يتم تفسيرها. لكنني نبهت مراراً من انّ "غير مفسّرة" لا تعني وجود الأسلحة. ذكر بعض الصحف أنّ فريق بليكس قال انّ بعض الأمور غير معللّة، إذاّ لا بدّ من وجود أسباب أدتّ إلى هذا الاستنتاج. لكنني نبّهت جهاراً من تفسير "غير معلل" بوجود أسلحة دمار شامل. على رغم ذلك، كانت تلك مقدمة للحرب، وقال بعضهم إذاً كانت هناك مسائل غير واضحة فهذا يعني ان الأسلحة موجودة، ومن هنا كانت ذريعة الحرب. هل الحرب غير مشروعة؟ - هذا سؤال منفصل. الفرق بين الحكومات وبيننا هو أنها طرحت السؤال: أين هذه الأسلحة؟ وقلنا إذا كانت هناك أسلحة دمار شامل، فينبغي أن يسلمونا إياها ويتم تدميرها بإشرافنا. كما أنّ بعض الحكومات مضى إلى ابعد من ذلك. والآن يبحثون عن الأسلحة وقد يجدونها. لا اشك في كفاءة الموجودين هناك ونعرف نزاهة بعضهم. في الواقع، اعتقد أنّ هامش الصدقية يتسع اكثر إذا توافرت مراقبة دولية مستقلة. وبالنسبة إلى الموجودين هناك، أعتقد بأنهم جيدون. لم تعثر قوات التحالف حتى الآن على أسلحة دمار شامل في العراق. ماذا إذا عثرت عليها؟ ألا يؤثر ذلك في صدقيتك؟ - أبداً، أبداً. فبقولي هناك مسائل غير معلّلة، اعني أنّ الأسلحة قد تكون موجودة. اعتقد بأننا كنا حذرين في المسألة برمتها. وفي حال عثروا على الأسلحة، على غاز الخردل أو غاز "في اكس"، فذلك حسن. انّني مناصر للحقيقة سواء جاءت من الأميركيين أو منّا. لا تنفك تستخدم كلمة "الحقيقة". قلتها أمام مجلس الأمن، والوسائل الإعلامية وفي المقابلات كما تشدد على ضرورة البحث عنها كأنّك تشير إلى أنّ بعضهم لا يريدها. - لا، لا. أنا لا اعني هذا. اعتقد بأنّ العالم بأسره يودّ البحث عنها. هل رافقتها تهديدات؟ - كلا. ماذا تعنين بالتهديدات؟ السلامة الشخصية؟ كلا. لا أعني السلامة الشخصية. تهديدات بمعنى انك لا تقدم ما نريد وسنتعامل معك. - كيف يمكن ان يفعلوا ذلك؟ كنت موظفاً لدى مجلس الامن. ولم اكن موظفاً لدى حكومة الولاياتالمتحدة. الحكومة الاميركية ذات نفوذ في مجلس الأمن، لكن المجلس هو الهيئة التي كنت ارفع تقاريري اليها. هم ارادوا ان يكون الأمر هكذا عندما انشأوا "انموفيك" في 1999. الآن وقد انتهت الحرب، ولم يعد العراقيون تحت سلطة صدام حسين، ولم يعودوا خاضعين للعقوبات. اليست الحرب، بشكل او بآخر، نوعاً من التدخل الانساني لإنقاذ العراقيين من النظام الفظيع والعقوبات على السواء؟ - سأتردد في تسميته تدخلاً انسانياً لأن هذا ينطوي على دلالة خاصة. هذا يعني عادةً انك تحاولين ان تنقذي مواطنيك، او غير ذلك. لقد أدت الحرب بالتأكيد الى تحرير العراق من نظام شنيع جداً، نظام شديد الوحشية، واعتقد ان الجميع تنفس الصعداء. لكنني اعتقد ان الاضطراب، والفوضى، أو ما يقرب من الفوضى شيء مريع بالنسبة الى الشعب. لذا يتمنى المرء ان يُعاد النظام بأسرع ما يمكن. كنت دائماً تقول قبل ان تبدأ الحرب، ماذا لو اننا ذهبنا الى الحرب ثم اكتشفنا انه لا وجود لأسلحة دمار شامل ذات شأن تبرر خوضها. اليس هذا ما حدث، وما هو شعورك بهذا الشأن؟ - قلت ذلك لبعضهم. نعم، أعتقد بأن ذلك ينطوي على تناقض ظاهري، لكن يجب ان يحلل المرء ذلك بدقة. إذا تعرض لعدوان وجرى الرد عليه دفاعاً عن النفس. وفي حالة أخرى، اذا كان هناك خطر وشيك واستطعت ان تثبتي ان هناك خطراً بالفعل. وفي مثال ثالث، تكون هناك تهديدات غامضة، ولا تكوني متأكدة تماماً، ويتوقف الأمر على المعلومات الاستخباراتية. اتذكر تماماً ان كوندوليزا رايس، على سبيل المثال، قالت: كم سننتظر؟ هل سننتظر حتى نرى الغمامة النووية قبل ان نفعل شيئاً؟ هذا يوضح الوضع الجديد. انهم يشعرون بان ميثاق الاممالمتحدة لا يسمح لهم باتخاذ خطوات دفاعاً عن النفس الاّ عندما يكون الوقت قد فات. كانت هذه هي وجهة النظر الاميركية. كانوا يرون انهم لا يستطيعون ان ينتظروا المفتشين، لشهرين اضافيين. انني اتفهم كيف يجادلون. في الوقت نفسه، اذا كان المرء يتصرف استناداً الى معلومات استخباراتية غير كافية فانه قد يطلق النار على هدف خاطئ. لقد دمروا السفارة الصينية في بلغراد ذات مرة. ودمروا مصنعاً خارج الخرطوم، وفي كلا الحالتين كانت المعلومات الاستخباراتية خاطئة. العراق هو مثال اكبر بكثير. هل ذهبوا الى الحرب في العراق استناداً إلى معلومات استخباراتية لم تكن في الواقع كافية؟ لا نعرف حتى الآن. قد نكتشف، مع ذلك، أنه كانت هناك فعلاً اسلحة دمار شامل. هذه مسألة اكبر بكثير، واعتقد بأن هذا يقود الى نقاش حول حجم الادلة التي يحتاجون اليها كي ينفذوا عملية كهذه؟ وهل يقتضي الأمر العودة الى مجلس الامن؟ لو انهم عادوا الى مجلس الامن، واُعطي المفتشون شهران اضافيان، ولم يعثروا على شيء. ربما كان ذلك كان سيمنح التحرك صلاحية اكبر بكثير مما هي الحال الآن، لان هناك كثيرين في الوقت الحاضر ممن يقولون ان الادلة لم تكن كافية. لكنك، انت نفسك، لم تكن حاسماً في ابلاغ مجلس الأمن بما كنت تحتاج اليه. واصلت تجنب المطالبة بمزيد من الوقت. كنت تريد، بشكل ما، ان ترضي كلا المعسكرين. - كلا، اعتبرت ان لدي مهمتين: الأولى ان اكون مسؤولاً عن عملية تفتيش فاعلة. والثانية أن أقدم تقريراً دقيقاً عنها. كان كلا الطرفين في هذا النزاع يرغب في ان يحصل على اشارة نعم، انا معك. كان هذا سيلائم اغراضهما، لكننا لم نكن هناك كي نؤيد هذا الطرف او ذاك. كنا موجودين لاعطاء وصف دقيق لمجلس الامن، وعندما شعرت في كانون الثاني يناير الماضي ان العراق لم يكن حاسماً في ما يتعلق بالمسائل الجوهرية، بينما كان تعامله جيداً على الصعيد الاجرائي، اعلنتُ ذلك. عثرنا ايضاً آنذاك على وثائق، وعلى رؤوس حربية، وأعلنتُ ذلك. وبعدها، في شباط فبراير، عندما اصبح العراقيون اكثر نشاطاً وطرحوا افكاراً مختلفة، رفعت تقريراً بذلك. ان ذلك مثل تقرير عن الطقس. اذا كان مشمساً، لديك تقرير، واذا كان ممطراً، لديك تقرير آخر. لكن الوضع كان اكثر خطورة بكثير، وربما كان يقتضي منك ان تكون اكثر حزماً، بدلاً من الوقوف جانباً، كما كنت تفعل في أحيان كثيرة… - كانت الصورة مشوشة بعض الشيء، اعتقد بأنه ينبغي ان ارفع تقريراً عن التشوش. وأنت تشعر بأن العراقيين تجاوبوا إلى حد كبير في النهاية. كان يمكن ان يفعلوا ذلك باكراً. في إحدى مقابلاتك، تحدثت عما قاله عامر السعدي عندما كان يسلّم نفسه الى "التحالف"، بأنهم لن يعثروا على أسلحة دمار شامل. لديك علاقات قديمة جداً مع العلماء العراقيين والمسؤولين عن أسلحة الدمار الشامل. يبدو انك تعتقد بأنه مع زوال صدام حسين ليس هناك ما يجعل هذا الرجل يقول شيئاً غير صحيح. هل دمروا فعلاً كل أسلحة الدمار الشامل؟ - لا ازال اتعامل بحذر. انت لا تحبين هذا الحذر، اعلم ذلك، لكنني اعتقد بأن هذا الحذر هو ما يمنحنا صدقية… واعتقد بأننا نستمر في امتلاك الصدقية لاننا حذرون، ولاننا لا نستعجل التوصل الى استنتاج. اثار اعجابي ما قاله الدكتور عامر السعدي عندما استسلم، لأنه لم تعد هناك أسباب تدفعه الى ان يكذب. وقال بالفعل انه لا توجد أسلحة دمار شامل، وان الوقت سيثبت صحة ما يقول. لكنني قلت ايضاً ان من المحتمل، بسبب التخصص، ان يكون يجهل ما يجري في هذا المجال او ذاك. لذا، حتى هنا اختار كلماتي بحذر بعض الشيء. إذا كان العراقيون دمروا فعلاً الأسلحة المحظورة عام 1991، لماذا لم يعلنوا ذلك بوضوح بدلاً من الخضوع للعقوبات والعزل. ماذا تعني بذلك؟ هل يمكن ان توضح؟ - نعم، أكدوا طوال الوقت بأنهم دمروا الأسلحة الكيماوية والبيولوجية في 1991. وأشرفت "اونسكوم" على تدمير اسلحة كيماوية اخرى في 1994. وبعد 1994 لم يُدمر أي شيء، أو دُمّر شيء ضئيل جداً من أسلحتهم. كانت معدات ومنشآت… الخ. اذا فكرنا الآن للحظة بالافتراض القائل بانهم دمروا بالفعل الأسلحة التي يدعون انهم دمروها في صيف 1991، لماذا تصرفوا اذاً كل تلك السنوات عكس ذلك؟ العالم كله، وانا أيضاً، شعر بأنهم يراوغون. انهم يقولون شيئاً اليوم، وشيئاً آخر في يوم ثانٍ. وكانوا يمنعون "اونسكوم" من الدخول إلى بعض المواقع. لماذا فعلوا ذلك؟ وبعدما ذهبتُ الى هناك تمكن المفتشون من الدخول ولم يكن هناك اي شيء اطلاقاً. لماذا لم يحاولوا اذاً ان يكسبوا صدقية بان يقولوا تفضلوا، تفضلوا الى غرفة النوم العائدة لي لا يوجد أي شيء فيها. هذا اذاً لغز، وعلينا ان نتأمل ونسأل لماذا. كنتَ في العراق قبل ذلك مديراً للوكالة الدولية للطاقة الذرية، والآن تغادره، او غادرته بالفعل رئيساً ل"انموفيك". لماذا فعلوا ذلك؟ - حسناً، سأحاول ان اتكهن. الأمر يتعلق بالكبرياء، وصدام حسين كان شخصاً يتصف بكبرياء. وعدا كونه شخصاً مفرطاً في الوحشية والقسوة، فإنه كان متغطرساً. ولذا كانوا سيوقفون عمليات التفتيش حتى لم يكن هناك أي شيء يخفونه.