قال رئيس لجنة التفتيش عن أسلحة الدمار الشامل في العراق انموفيك هانز بليكس ان لا أدلة لديه عن صحة المزاعم الأميركية بوجود علاقة بين بغداد وتنظيم "القاعدة". واعتبر في حديث الى "الحياة" انه لا يزال في امكان العراقيين تفادي الحرب اذا تعاملوا بجدية وأبرزوا ما يخفونه أو الأدلة على أن ليس هناك ما يخفونه. وفي ما يأتي نص الحديث. هل كنت تعرف ما هي الأدلة ضد العراق التي سيقدمها وزير الخارجية كولن باول الى مجلس الأمن؟ - كلا. سمعنا شيئاً عمّا يمكن ان تكون، كصور فضائية وربما تسجيلات لمكالمات هاتفية ... لكن لا اعتقد أن من بينها مواقع تجب زيارتها، لأن عليهم تقديم معلومات كهذه إلينا مباشرة وليس إخبار العالم عنها. تقديم الأدلة الى مجلس الأمن يعني تقديمها الى العالم. الا تعتقد أن عليهم اعطاءك الأدلة قبل اعلانها؟ - هناك أنواع مختلفة من الأدلة. اذا كان لديهم ما يشير الى ان موقعاً معيناً - مثل مبنى أو مصنع الخ - قد يحتوي على أسلحة الدمار الشامل، فذلك أمر يخصنا وعليهم اخبارنا به، وبالتأكيد عدم اخبار العراقيين. لكن اذا كانت لديهم معلومات عن محاولة شركات أو جهة عراقية شراء معدات من ألمانيا أو سويسرا أو اليابان أو غيرها فهو شيء لا يمكننا الاستفادة منه مباشرة. وربما حاول الأميركيون اطلاع العالم عليه لاقناعه بأن العراق لا يزال يحتفظ ببعض الأسلحة. الا تعتقد أن الولاياتالمتحدة حتى الآن لا تملك سوى أدلة ظرفية، وهل تكفي للذهاب الى الحرب؟ - عندما تكون الأدلة متعلقة بمواقع فهي ليست ظرفية بل عيانية. انها ما نريد الحصول عليه، ونحن نحصل عليه بالفعل. الأدلة الظرفية تستعمل في المحاكم وتقدم الى مجلس الأمن. وسيكون من اختصاص مجلس الأمن تقرير مدى اقتناعه بها. انها ليست مهمتنا. هل تشعر أن المعلومات التي في حوزتك الآن تبرر الحرب؟ - أنا لست ذاهباً الى الحرب في أي شكل من الأشكال. المطلوب مني القيام بتفتيش نزيه وتقديم تقويم صادق عما نراه الى مجلس الأمن. وسيكون على أعضاء المجلس والعراق اتخاذ القرار. أسأل اذا كان ما لديك من معلومات عن تملك العراق أو عدم تملكه لاسلحة الدمار الشامل ما يبرر لطرف آخر شن الحرب؟ - عليهم تقديم التبرير. ما قلناه علناً هو اننا لم نجد أي أسلحة للدمار الشامل في العراق. وجدنا بعض الأسلحة، بعض الرؤوس الكيماوية، لكنها كانت فارغة ولم تكن أمراً مهماً. كان هناك 12 منها، وهي لذلك اكتشاف مثير للاهتمام. فهو يشير الى استمرار بقاء بعض الأشياء المواد المحظورة في العراق، ربما على نطاق أوسع بكثير. لكننا لا نعرف. ما يبعث على القلق لدينا وجهات كثيرة اخرى أننا عندما نقارن بين ما يعلنه العراق ثم نقوم بتعداد الصواريخ أو غيرها نجد أسئلة كثيرة تبقى مفتوحة. وهي قد تشير الى استمرار وجود بعض المحظورات. انه شيء لا يمكننا استبعاده. تدخلتَ في المعركة من أجل كسب الرأي العام، واعطيت الدعم لموقف الادارة الأميركية في سعيها لكسبه. هل عاودت النظر في موقفك كما تبين في تقريرك الأخير الى مجلس الأمن؟ - قيل لي ان كلامي الى المجلس صب في مصلحة الصقور، وأود اخبارك انني لم أسع الى ذلك أبداً. كل ما في الأمر أنني حاولت اخبار المجلس والعالم بدقة عن رؤيتي للوضع. وبالطبع لا بد ان يكون هناك من جانبي بعض الانتقاء للوقائع وبعض التقويم. لكنني أحاول ذلك بأقصى ما يمكن من النزاهة والمباشرة. وماذا تريد الآن؟ ترفض القول انك تريد المزيد من الوقت؟ ما هو مطلبك اذاً؟ - اعتقد أن هناك خطوات سهلة يمكن للعراقيين اتخاذها، مثل تسوية قضية طائرات "يو 2" لأنها ليست مشكلة حقيقية. "اونسكوم" كانت تستعمل طائرات "يو 2". وربما كانت مناطق الحظر الجوي تشهد نشاطاً أقل وقتها، لكن استعمالها اليوم ليس صعباً وعلى العراقيين الا يختلقوا المشاكل. الأمر نفسه ينطبق على المقابلات مع العلماء ومسؤولي برامج التسلح. فاذا لم تكن عندهم الوثائق أو غيرها من الأدلة عليهم أن يرحبوا باجرائنا للمقابلات التي يجب ان تتسم بالصدقية، وهي تتوافر أكثر اذا لم يحضرها مسؤولون عراقيون، وعلى العراق ان يوافق على ذلك. لكن الأهم من كل ذلك ان يقدموا لنا ما لديهم من رؤوس حربية وما شابه. كما اعتقد ان على هيئة التفتيش البحث عن جراثيم الجمرة الخبيثة وغيرها من المحظورات، واذا لم تستطع العثور عليها يجب ان تسعى الى العثور على الوثائق. اذاً ما الذي سيجعل رحلتك الى بغداد مع الدكتور محمد البرادعي السبت والأحد المقبلين مثمرة وايجابية؟ - هناك ثلاثة مطالب سأكون مرتاحاً اذا قدموها مسبقاً: الموافقة على المقابلات المنفردة التي يطالب بها مجلس الأمن. وأن يقولوا: نحن نكره استعمال طائرات "يو 2" لكن لا بأس بذلك اذا كانت تحمل شارات الأممالمتحدة. وثالثاً، عليهم اصدار تشريعات تحظر على أي مواطن عراقي التعامل مع أسلحة الدمار الشامل. لكن المشكلة الأهم هي رفضهم البحث عما تبقى لديهم من السلاح المحظور أو الأدلة التي تجلي القضايا المعلقة وتدعم اعلاناتهم. كيف؟ - أنا متأكد ان لديهم بعض الوثائق المتبقية. وقد وجدنا بعضها في مسكن خاص. وربما كان هناك غيرها في مساكن اخرى. لديهم كل الأرشيفات والموازنات وشهادات الشحن وغيرها. لذا اعتقد أن الوثائق لا تزال موجودة. بعد ذلك هناك قضية المقابلات. هناك فارق بين تقويمك وتقويم الدكتور البرادعي لما عثر عليه في ذلك المسكن. البرادعي قال انه لم يكن مهماً. وانت تقول ان القضية تشير الى نمط للاخفاء. - لم أقل ذلك. قلت انه من بين الاحتمالات. كانت هناك اشاعة ان العراقيين يخفون الوثائق في مساكن خاصة. وفي هذه الحال عثرنا عليها. أنا لا أقول انه برهان على ايداع وثائق من هذا النوع في كثير من المساكن الخاصة في انحاء العراق. لكنه شيء يزيد من قلقنا - ليس الشك بل القلق - من احتمال صحة الاشاعة. الكثيرون يرجحون وقوع الحرب. هل تشعر انك الرجل الذي يقع عليه خيار الحرب أو السلام؟ هل يثقل عليك موقعك الحالي وهل تشعر بالقلق أو الذنب أو الخوف؟ - من المهم تماماً أن نخدم مجلس الأمن ونقوم بما يريد. وهو لا يريد لنا دوراً سياسياً. نحن نتجنب السياسة ونقدم للمجلس فهمنا الصادق للوضع، القائم على ما رأيناه بالفعل. أما القرارات فهي مسؤولية أعضاء مجلس الأمن والعراق. هل هناك آخرون يتلاعبون بكم لتحقيق مصالحهم؟ - بالطبع. اذا قلنا اننا لا نجد المسدس الذي يتصاعد منه الدخان سيكون ذلك في مصلحة أحد الأطراف. واذا قلنا اننا وجدناه سيكون في مصلحة طرف آخر. انه أمر حتمي. تصور للحظة وقوع حرب في العراق، وبانتهائها لا يعثر أحد على شيء يذكر من أسلحة الدمار الشامل. أي ان البلد سيدمَّر ثم لا نجد قدراً يذكر من الأسلحة المحظورة. هل ستشعر بالذنب؟ - كلا. سأشعر بالذنب لو كنت قلت اننا نعتقد بوجود الكثير من تلك الأسلحة. لكن لم نقل ذلك أبداً. بل لم أقل اننا رأينا أيّاً منها. قلنا ان هناك أسئلة مفتوحة لا يمكن اغفالها كما لا يمكن استبعاد احتمال وجود ذلك النوع من الأسلحة. هذا كل ما قلنا. الرأي العام يشعر بحيرة من الرسائل التي توجهها. وجهت رسائل متعددة، لكن هل لك التعبير عن موقفك بلغة يفهمها الشخص العادي؟ ما هو مؤدى قولك؟ - انه شيء بسيط نسبياً، ولا يجب ان يصعب على الفهم. اننا نجد بعد درس كل الملفات أن ليس في مقدورنا استبعاد بقاء بعض أسلحة الدمار الشامل في العراق. لكننا لا نقول انها موجودة. ونرى ان من المهم في وضع كهذا أن على العراق نفسه ان يتعاون ويقدم الأدلة، لأن ذلك قد ينقذه من كارثة. هل ستحاول اقناع ادارة بوش باعطائك المزيد من الوقت ما دام العد التنازلي بدأ كما تقول؟ - لو كنت مقتنعاً أن العراقيين مصممون على ابراز كل المتبقيات أو تقديم الوثائق، لطالبت في شكل أقوى بالمزيد من الوقت. انني لم اعارض ذلك أبداً، بل قلت أن من المستغرب لحد ما اعطاءنا شهرين للعمل ثم التوقف التام. لكن هذا لا يعادل المطالبة بالمزيد من الوقت. ولماذا لا تطالب بالمزيد من الوقت؟ - لأنني لست متأكداً بعد من نية العراقيين تقديم الأسلحة أو الأدلة. قلت انك تعتقد ان تكثيف التحشيد العسكري يشكل ضغطاً ايجابياً يجبر العراقيين على التجاوب. لكن يبدو الآن أن غرض التحشيد يتجاوز الضغط. - لا اعتقد ان العراق كان سيتطوع بدعوة المفتشين السنة الماضية لولا الضغط العسكري الأميركي. الضغط كان مفيداً لايصال المفتشين الى هناك. وسيكون من المحزن تماماً أن تنشب الحرب، اي اذا فات الوقت على العراقيين. تأخروا كثيراً في عدد من القضايا. ولو وافقوا على التفتيش الصيف الماضي لكان بشروط أخف مما يواجهونه الآن. هل فات الوقت؟ - لا اعتقد انه فات تماماً، ولا يزال في امكانهم تفادي الحرب اذا تعاملوا بجدية وأبرزوا ما يخفونه أو الأدلة على أن ليس هناك ما يخفونه. هل ترغب في مقابلة صدام حسين عندما تذهب الى بغداد لتقول له ذلك؟ - لو قابلته لقلت له ذلك بالتأكيد. ان مبدأي عندما ادعى الى مكان ما ان احاول مقابلة المضيف. في هذه الحال المضيف هو الدكتور سعدي، المستشار العلمي للرئيس وسأقابله، كما اقابل كل من اراد مقابلتنا. اذا كنت مقتنعاً بأن من مصلحة الادارة الأميركية، خدمة لاهدافها، اعطاء المزيد من الوقت، كيف يمكنك اقناعها بذلك؟ - عليّ أولاً التأكد من أن العراقيين سيحسنون استغلال ذلك الوقت. لأنني لا أريد مناشدة الادارة المزيد من الوقت ثم لا أحصل على شيء. سيكون ذلك من قبيل تضليلها وتضليل الآخرين. تحدثت عن معلومات لدى العراقوالولاياتالمتحدة يمكن العمل بموجبها. هل يمكنك القول من كان الأقل تجاوباً؟ - المعتاد طلب هذا النوع من المعلومات من الحكومات التي لها أجهزة استخبارات. ما قصدناه كان المعلومات عن المواقع التي علينا تفتيشها. واذا اكتفيت باخبارنا ان العراقيين يسعون الى شراء بعض المواد الكيماوية من ألمانيا أو سويسرا فهذه ليست معلومات يمكننا العمل بموجبها. أما اذا قلت ان هناك مواد مخفية في هذا المسكن المعين، في تلك المدينة المعينة فيمكننا التحرك نحوها. العراقيون لم يخبرونا عن أشياء كهذه. انت تعتقد انهم يخفون أشياء؟ - لا أقول ذلك. ما أقوله هو انه أمر لا نستطيع استبعاده. انها مسألة استنتاج اذاً. انت اعتبرت دوماً ان مسؤولية البرهان تقع على العراقيين. لكن ليس لديك الآن ما يمكنك الاستنتاج منه. أي ماذا كان لديهم سابقاً وماذا تبقى؟ - كلا، لا يمكن استبعاد الاحتمال. اننا نريد استبعاده من خلال تعاونهم العملي والادلة التي يقدمونها. لأنهم وقتها سيستعيدون الثقة، وهم ليسوا موضع ثقة حالياً. قرأنا أنك تحديت تأكيدات الادارة الأميركية بأن العراق يغش بالفعل وينقل المواد من المواقع التي تريدون تفتيشها؟ - في القضية المعينة التي تتحدثين عنها لم أجد ما يدل على نقل مواد كما قالت التسريبات. لم أطلع على كل الملفات لكن لا اعتقد ان هذا ما حصل. تحديت الادعاء بتهريب الأسلحة والعلماء خارج العراق؟ - كلا، لم اتحداه لكن لم أجد ما يدعمه. لم تجد أدلة على مغادرة العلماء، على ان السلطات تهربهم الى الخارج؟ - كلا. وفي الوقت نفسه لم نبحث عن أدلة من هذا النوع. نحن نسعى الى المواقع التي نعتقد انها تخفي أشياء، مثل المصانع وغيرها. ماذا عن المزاعم بأن مسؤولي استخبارات عراقيين يتظاهرون بأنهم علماء؟ - كلا، نحن نشك بها. لأن الواقع هو اننا نقابل الكثيرين من مديري المصانع والمختبرات الخ. ولم يقل أي من المفتشين، بحسب ما اعلم، أنهم قابلوا شخصاً يتظاهر بأنه مدير. ماذا عن زعم الادارة بأن هناك علاقة بين العراق وتنظيم "القاعدة"؟ هل لديك ما يدعو الى تصديق الزعم أو تكذيبه؟ - اننا لا نبحث عن ذلك. نحن نفتش عن الأسلحة وليس "القاعدة". ولا اعرف سوى ما أقرأه في الصحف. وأجد هناك من يشك في ذلك. هل تشاركهم في الشك؟ - أنا كمحام ورئيس لهيئة التفتيش اريد رؤية الأدلة، لكن لم أر أياً منها. ماذا عن التغيير المتواصل للهدف. فقد كان أولاً أسلحة الدمار الشامل، ثم أصبح تغيير النظام، ثم تحول الآن ليركز على العلاقة بين العراق والقاعدة والتنظيمات الارهابية. هل أدى تغيير التركيز الى الاضرار بمهمة نزع السلاح؟ - كلا. نركز على أسلحة الدمار الشامل فقط. وبالطبع ليس لنا أي اهتمام بمسألة تغيير النظام. اننا نعمل تحت قرارات مجلس الأمن. هل تعتقد بامكان نجاح التفتيش من دون تغيير للنظام؟ - نعم، اذا عزم العراقيون. وهو بالضبط ما نريده الآن: العزم على العثور على المواد المتبقية أو الأدلة على مصيرها. ان ذلك يقع ضمن قدرتهم. هل اعتبرت قول عدد من كبار المسؤولين الأميركيين أن لا سبيل الى نجاح المفتشين بسبب طبيعة النظام العراقي بمثابة طعنة في الظهر للمتفشين؟ - كل القرارات الخاصة بالعراق من 1991 الى 1999 وصولاً الى قرار الخريف الماضي تتطلب تعاون العراق. وتضمن القرار المتخذ في 1999 مكافأتهم على التعاون، أي تجميد العقوبات. ثم قرار الخريف الماضي الذي ينص على معاقبتهم اذا لم يتعاونوا. والصحيح أن احتمال نجاح التفتيش في أي مكان يتزايد اذا كان هناك تعاون. اما من دون تعاون ومع محاولات الاخفاء فتتزايد المصاعب. لا أقول ان التفتيش وقتها سيكون عبثاً، لأنني اعتقد ان الوجود في العراق أو أي بلد آخر والتفتيش في المصانع والمختبرات وغيرها يعطيك صورة جيدة عما يجري في البلد. يمكنك القول انها عملية احتواء، على رغم ما فيها من النواقص ونقاط الضعف. ... اذاً انت لا تزال واثقاً بامكان نزع السلاح من خلال التفتيش والمراقبة على المدى البعيد؟ -اذا لم يتعاونوا لا يمكن التأكد انهم لا يخفون شيئاً تحت الأرض أو في وحدات متنقلة. ستكون هناك نواقص في عملية التفتيش لكن علينا أيضاً مقارنة هذه النواقص بالسلبيات التي ينطوي عليها الطريق البديل، اي استعمال القوة المسلحة. ما هي هذه السلبيات؟ - انها معروفة. الخسائر البشرية ودمار الممتلكات والأموال. قد تكون هناك أيضاً عواقب سياسية على المدى البعيد. لكن ليس لي تقويم ذلك، لأن مسؤوليتي تنحصر ببذل أقصى الجهد في عمليات التفتيش. هل تعرف مدى الغضب ضدك في العالم العربي هذه الأيام بسبب تقريرك الى مجلس الأمن؟ لقد نظروا اليه باعتباره يشكل ضغطاً على العراقيين، من دون اعتراف منك بأنهم تعاونوا. وفهموا أن التقرير عملياً يدعم مسيرة الادارة الأميركية الى الحرب. - عليهم قراءة التقرير بمزيد من الدقة، لأنه اعترف للعراقيين بالكثير من التعاون في المجال الاجرائي. وقلت للمجلس بوضوح أن العراقيين فتحوا أمامنا بسرعة كل المواقع التي أردنا دخولها تقريباً. لكن أعلنتُ أيضاً بعض التحفظات. وقلت عندما عثرنا على تلك الوثائق انها قد تكون قضية فردية ولا تشير بالضرورة الى نهج للاخفاء. لكنني في الوقت نفسه لا أستطيع استبعاد ذلك. لذا اعتقد عند النظر الى ما قلتُه انك ستجدين الكثير من التوازن. بعض اعضاء مجلس الأمن على الاقل اعتبر انك اتخذت موقفاً. اذ أرادت فرنساوألمانيا وروسيا والصين اعطاء فرق التفتيش المزيد من الوقت، لكن ها هو بليكس يقول: لن أكلف نفسي عناء المطالبة به. - لم أقل شيئاً من ذلك. لم أقل انني اطلب المزيد من الوقت، ولم أقل انني اعارضه. وسائل الاعلام كانت من سألني لماذا لا اطالب بمهلة أطول وأوضحت موقفي. زيارتك للعراق هل هي فرصة بغداد الأخيرة؟ - الحقيقة اني لا اعرف. اعرف ان الوقت تأخر، آخذاً في الاعتبار التيارات السياسية التي نراها حولنا. وآمل ان العراق سيحسن استغلال زيارتنا. كنا هناك قبل اسبوعين، ويبدو ان الوقت قد أدرك. قلت ان الوقت تأخر، ماذا يمكن للعراقيين عمله خلال زيارتك تستطيع العودة الى مجلس الأمن في 14 الشهر الجاري وتعلن ان الوقت لم يفت بعد؟ - المطلوب في الدرجة الأولى تسوية القضايا التي ناقشناها في زيارتنا الماضية. انها ليست قضايا كبرى. ولا أعتقد انها تسبب لهم كل هذه المشاكل الكبيرة. طائرات "يو 2" ستكون تحت أوامرنا وسنحدد خطوط طيرانها ومواقع الاستكشاف. كما لا اعتقد ان هناك صعوبة بالغة بالنسبة إليهم للموافقة على مقابلة العلماء وغيرهم فردياً. من المنطقي، كما أرى، ان لا يجد العراق ضيراً في المقابلات الفردية اذا كان فعلاً خالياً من المحظورات كما يؤكد. مسألة التشريعات أيضاً قديمة. لكن ما هو جوهري بالنسبة إلينا أن على العراق إما العمل بعزم على العثور على المواد التي بقيت مخفية أو منسية أو التعامل مع قضية الأدلة، التي يصرفون النظر عنها عادة. لكن ماذا لو كانوا دمروا طوعاً أسلحة الدمار الشامل التي كانت لديهم، ودمروا معها كل الوثائق والأدلة، أي ماذا اذا لم يملكوا أي ادلة الآن؟ - عليهم اذاً ان يهتموا أكثر بتقديم الأفراد الذين تعاملوا مع البرامج. لأن برامج التسلح تتطلب من يشغّلها، والأشخاص لا يزالون هناك، وعلى العراق ان يسارع الى تمكيننا من مقابلتهم وليس وضع العقبات أمام ذلك. مقابلة العلماء كانت أمراً جوهرياً بالنسبة اليكم. هل ستطلبون أخذ بعض العلماء معكم الى الخارج عند زيارة بغداد نهاية هذا الأسبوع؟ - ليس عندما أكون في بغداد. لكن ذلك قد يحدث في مرحلة ما. هل في حوزتكم قائمة عن العلماء الذين تريدون مقابلتهم في الخارج؟ - لدينا قوائم كثيرة بأسماء العلماء الذين يثيرون اهتمامنا. وسنقرر في الوقت المناسب من نريد مقابلته. المهم في الأمر هو التسهيل، تسهيل مغادرتهم الى الخارج. من سيكون المسؤول عن ذلك؟ - المسؤول الأول أنا. ثم رئيس العمليات لهيئة "انموفيك". قلتَ أنكم لن تتحولوا الى وكالة للخطف. نريد ان نعرف ماذا سيحصل للعلماء وعوائلهم عند أخذهم الى الخارج. هل حصلتم على ضمانات من بعض الدول، وما هي تلك الضمانات؟ - لن نخطف شخصاً من الشارع ونصدّره الى الخارج، بل ان الأمر يقوم على حرية الارادة. كما لسنا وكالة تهريب، كأن يأتي أحد ليقول اريد الهرب من هذا البلد. هذا ليس عملنا. لا يهمنا سوى المقابلات واذا كانت في الخارج فالسبب طمأنتهم بأنها لا تشكل خطراً عليهم. وهذا يعني في الوقت نفسه ان لهم أن يطلبوا اللجوء. أين تقابلونهم، وهل يمكنكم ضمان عودتهم؟ ما هي الترتيبات؟ - سنتمكن من أخذهم الى قبرص حيث لنا مكتب حقلي ونقابلهم هناك. ونعرف أن دولاً معينة مستعدة لاعطاء اللجوء الى عدد من الأشخاص اذا أرادوا ذلك. لكن من الطبيعي ان ليس ما يمنعهم من العودة الى وطنهم اذا كانت هذه رغبتهم. هل تشعر بالاحباط بسبب صمت العلماء؟ - القضية ليست فقط العلماء، فهي تشمل العسكريين، وأيضاً مديري المصانع وما شابه، والمسؤولين الاداريين. لكن الكل يركز على العلماء. والمستغرب انهم يواصلون الرفض حتى الآن. وسألنا العديد منهم وقالوا انهم لا يريدون حضور مسؤول عراقي. وأثار هذا حيرتي والكثيرين غيري. القرار يعطيك حق مساءلة المسؤولين العراقيين. - بالتأكيد. هل ستطلب مساءلة الرئيس صدام حسين؟ - أستبعد الى حد كبير اننا سنطلب ذلك. هناك مسؤولون آخرون في قمة السلطة يمكننا مقابلتهم. لكنهم سيتكلمون باسم دولة العراق، ولن يقدموا شيئاً يختلف عمّا يعلنونه في بياناتهم الرسمية. هل طلبتم مسؤولين معينين للاجابة عن الاسئلة؟ - لا أعرف اذا كان من بين الذين طلبناهم أي من المسؤولين، أو أن الغالبية كانت من العلماء. لكن المؤكد اننا سنطلب حضور مديرين وقد يكون من بينهم بعض المسؤولين الرسميين، وليست هناك قيود على ذلك. هل تعتقد أن الرئيس بوش متحمس للحرب أم انه يخشاها؟ - لا اعتقد أن هناك من هو متحمس للحرب. لكنهم مصممون على التوصل الى نزع مؤكد للسلاح، وانهم يرغبون في ان يتم ذلك من دون حاجة الى الحرب. لكن اذا لم يحصل فهم مستعدون لاستعمال القوة العسكرية. الحرب ستعني نهاية "انموفيك"، مثلما انتهت "اونسكوم" بسبب الحرب. أليس كذلك؟ - نعم، التدخل العسكري انهى "اونسكوم". ولا اعتقد ان هناك معنى للتفتيش في حال نشوب الحرب. وربما سيكتشف الأميركيون عندها مقدار ما يخفيه العراقيون، اذا كان هناك أصلاً ما يخفونه. لا بد أنك قلق على المفتشين، ولا شك في ان لديك خططاً لاجلائهم؟ - نعم. هل سيمكنك اجلاؤهم خلال 48 ساعة في حال بروز نذر أكيدة بالحرب؟ - لن أتكلم عن خططنا الآن. لكننا لسنا وحدنا هناك. عددنا في العراق لا يتجاوز 250 شخصاً. لكن في العراق نحو ألف موظف في الأممالمتحدة. ولديكم خطط تشمل الكل. - نعم.