أطلقت تصريحات رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط أول من أمس، بعد لقائه رئيس الجمهورية اميل لحود، عن معارضته الخصخصة واتخاذه موقفاً محايداً من الخلافات التي عصفت الأسبوع الماضي بالعلاقة بين لحود ورئيس الحكومة رفيق الحريري، تكهنات بأنه أخذ يبتعد عن تحالفه مع الأخير. ويستغرب مقربون من جنبلاط ذلك، خصوصاً ان بعض هذه التكهنات يستند الى قراءة تحالف رئيس الاشتراكي مع "حزب الله" كتمهيد لتحالف جديد في المرحلة المقبلة، ويعتبر ان فيه كثيراً من المبالغة. ويعتبر المقربون من جنبلاط ان استنتاجات من هذا النوع تدل الى ان اصحابها لا يدركون أسلوبه في التعاطي مع الاحداث الاقليمية وتداعياتها في لبنان، مؤكدين انه لم يقرر فك تحالفه مع الحريري بمقدار حرصه على ان يكون على مسافة واحدة من رئيسي الجمهورية والحكومة في خلافاتهما ليحفظ لنفسه دوراً في تنفيس الاحتقان لاعادة الأمور الى نصابها. ويرى المقربون انه لا يجوز في ظل العلاقة المتوترة بين الرئيسين ان يوضع جنبلاط امام خيار بين الوقوف الى جانب هذا أو ذاك وهو يرفض هذه المعادلة، خصوصاً أنه بادر بتطويق الإشكال الذي حصل في جلسة مجلس الوزراء الأخيرة بين الوزيرين مروان حمادة وكريم بقرادوني ولملمة مضاعفاته، لأن تفاقم المشكلة بين حمادة وبقرادوني على رغم الملاحظات على الأخير كان يمكن ان يزيد في تأزم العلاقة بين الرئيسين. وقد ارتأى معالجة المشكلة على وجه السرعة حتى لا يعتبر مشاركاً في اطلاق رصاصة الرحمة على آخر فرصة لاعادة ترتيب العلاقة بين الرئيسين التي تنشط لها دمشق تقديراً منها لدقة الظرف في المنطقة ولاستحالة وصول اي تغيير في المعادلة السياسية يسمح بالمجيء برئيس حكومة جديد خلفاً للحريري. وأكد المقربون من جنبلاط انه يرفض ان يقال انه يخوض المعركة بالنيابة عن هذا أو ذاك، وإذا كان من معركة فهو يختار التوقيت المناسب وجدول الأعمال الذي يمكن ان يلقى دعماً من القوى الأخرى. ويعتقد المقربون ان دخول جنبلاط طرفاً في الخلاف بين الرئيسين قد يتحوّل الى وقود لتفجير أزمة حكم لا يريدها أحد ورفضه ذلك لا يلغي ملاحظاته على أداء الرئيسين وفريقي عملهما، التي يطرحها في لقاءاته معهما... واعتبر المقربون من جنبلاط انه اذا كان بعض الاوساط السياسية يعتبر ان موقف الأول من الخصخصة وتحفّظه عن إقامة قصر المؤتمرات أقرب الى لحود من الحريري، فإن هذا صحيح لكنه لا يجوز استحضاره لدعم انحيازه الى رئيس الجمهورية، خصوصاً ان الحريري يعرف موقفه في هذا الصدد وكان أول من صارحه به... وفي المقابل يعتقد جنبلاط ان ما شهده لبنان من نزاع على مشاريع القوانين والصلاحيات يعود في الدرجة الأولى الى وجود فراغ في المساحة السياسية الممتدة بين القصر الجمهوري وبين السراي الكبير، متروكة للمتضررين من استقامة العلاقة الذين يحاولون ملأها، في غياب الوسطاء أو فريقي العمل عن لعب دور ايجابي في تحضير الملفات. وينقل المقربون عن جنبلاط قوله ان مناخ الخلاف بين الرئيسين لا يجوز ان يدوم نظراً الى ان البلد لا يدار بهذه الطريقة في ظل تفاقم الخلافات الشخصية في وقت يجب حشد الجهود من أجل التهدئة لطرح الأمور في أجواء طبيعية. أما التصرّف - والكلام للمقربين - كأن جنبلاط "في جيب هذا الرئيس أو ذاك، فهو تصنيف خاطئ. وهو يمارس حقّه في ابداء رأيه في المواضيع المطروحة، فيتفق احياناً مع لحود وأحياناً أخرى مع الحريري الذي سبق ان وقف الى جانبه في أحلك الظروف وأصعبها. وهو إن لم يكن مطلعاً على كل الخلافات بين الرئيسين وأسبابها فإنه في المقابل على قناعة بضرورة القيام بدور ضاغط لمعالجتها في مجلس الوزراء... اضافة الى ان تحالفه مع "حزب الله" ليس جديداً في الظروف الاقليمية والدولية الراهنة، ولا يجد ضرراً فيه، ولا يظن ان الحريري يخالفه في الرأي". لكن كيف سيتصرف الحريري حيال ما يشاع عن علاقته بجنبلاط؟ المقربون من رئيس الحكومة يقولون انها "ليست المرّة الأولى التي يتناول فيها البعض علاقتهما التي لن تتأثر. فالتباين في الرأي أمر ضروري، لكنه لا يفسد في الود قضية".