سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
لدى دمشق "الخبر اليقين" حول موقف رئيس الحكومة الاقليمي وفرنجية طرح ملاحظاته . المعادلة الجديدة لن ترسو على استضعاف لحود ولا على الاستقواء ضد بري والحريري
يعتقد البعض في مراجعته للتطورات الأمنية والسياسية المستمرة في التفاعل انها كرّست معادلة مكنت رئيس الجمهورية اميل لحود من ان يكون الأقوى فيها، خلافاً للبعض الآخر الذي يرى فيها مؤشراً للعودة الى تقاليد اللعبة على قاعدة احترام التوازنات الرئاسية. وينطلق أصحاب الرأي الأول بأن لحود خرج منتصراً من انه سجل نقطة في مرمى شريكيه رئيسي المجلس النيابي نبيه بري والحكومة رفيق الحريري من خلال تراجعهما عن موقفهما الرافض تعديل قانون أصول المحاكمات الجزائية وموافقتهما في الجلسة النيابية الأخيرة على التعديلات التي أرضت رئيس الجمهورية. وفي ظل اصرار بري والحريري على الصمت ورفضهما الخوض في أي تقويم، يقول أصحاب الرأي المقابل، ان لا منتصر ما دام هناك أوضاع غير طبيعية نتيجة التطورات، تستدعي استيعابها بالحوار والانفتاح، فلا مكان لحساب الربح أو الخسارة. ويشير هؤلاء الى انه "لا يجوز ان يتصرف البعض، قبل تعديل قانون اصول المحاكمات، كأن بري والحريري في تحالفهما غير المعلن مع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، يرغبان في تسجيل نقطة على لحود والدخول معه في معركة وإلا لما بادرا الى البحث عن مخرج طرحاه عليه قبل الجلسة التي صوت فيها غالبية النواب على القانون وفق رأي لحود. واعترف الرافضون لمنطق المنتصر والمهزوم بأن التمسك بالقانون من جانب بري والحريري تلازم مع أجواء غير طبيعية، من خلال التعرض للحود أثناء جولة البطريرك الماروني نصرالله بطرس صفير على الشوف وجزين. واعتبروا ان "الاصرار على القانون من دون تعديلات أرادها لحود، معطوفاً على الهتافات المستنكرة ضد مقام رئاسة الجمهورية جعل الموالين للرئاسة يصورون الأمر كأن هناك من يود استهداف الرئيس واضعافه، فروجوا لنظرية غير موجودة في الأساس... فبري كان يقصد ما عناه عندما تحدث في أول تعليق على نتائج الجلسة النيابية التي وافقت على تعديل القانون، عن وجود مشكلة في السياسة لا في التشريع". والرافضون منطق المنتصر والمهزوم يرون ان بري والحريري "انقلبا على موقفهما في الجلسة وصوتا الى جانب الرغبة السورية في تفادي مأزق العلاقات الرئاسية جاء نتيجة الأجواء الضاغطة في البلاد. فرئيسا المجلس والحكومة لم يكونا الى جانب الذين هتفوا ضد لحود وموقفهما واضح من هؤلاء أكانوا من "القوات اللبنانية" المحظورة أو "التيار الوطني الحر" بزعامة العماد ميشال عون. لكنهما أبديا تحفظاتهما على القفز فوق المؤسسات وعدم معرفتهما بالتدابير والاجراءات التي اتخذت... عندما بدأت حملة التوقيفات". وقد تدخلت دمشق في الوقت المناسب لتدارك اي صدع في علاقة لحود ببري والحريري، اللذين تجاوبا مع الدور السوري ظناً منهما ان المشكلة تجاوزت تعديل القانون الى التشكيك بعلاقتهما بسورية وبحلفهما الاستراتيجي معها. والاعتقاد السائد في وسط المدافعين عن موقفهما انهما بتجاوبهما، نجحا في تطويق من يراهن على الاصطياد في الماء العكر "لأنهما لم يكونا مع اضعاف لحود أو الموقع الذي يمثله منعاً لأي خلل في العلاقة، اضافة الى أن اضعافه يخدم التيار المناوئ للاستقرار والمعارض للتعاون والتحالف مع سورية في مواجهة المخاطر في المنطقة". ويرى هؤلاء انه اذا من معادلة جديدة فهي لن تقوم اذا كانت لوضع الرؤساء أمام واحد من خيارين مرفوضين هما اضعاف لحود أو الاستقواء على بري والحريري". فالمعادلة الوحيدة بنظر أصحاب هذا الرأي هي "احترام المؤسسات وعدم تجاهلها وبالتالي مراعاة الأصول والقوانين في أي تدبير، فضلاً ان ليس هناك من يتساهل مع الاخلال بالأمن أو الاساءة للحود". ويبدي بعض الذين تابعوا تداعيات ما حصل ارتياحه الى نتائج اجتماع الحريري بالرئيس السوري الدكتور بشار الأسد، والى استقبال الأخير لوزير الصحة سليمان فرنجية معتبرين ان لا مصلحة لأحد في تحميل اي تباين في موقف الرؤساء من الشأن الداخلي "اثقالاً" اضافية عبر وجود قراءتين غير متفقتين. فالبعض ذهب في تحديد أسباب التباين بين لحود والحريري بقوله ان اساس التباين حول الأمور الداخلية يعود الى ملاحظات على اداء رئيس الحكومة في ملف التطورات الاقليمية والخارجية والوضع في الجنوب. ويرفض من يدافع عن موقف الحريري في هذا الصدد الاسترسال في شرحه مكتفياً بالقول ان "الخبر اليقين لدى دمشق وهي مرتاحة لتعامله مع الأوضاع وتثق بمواقفه ولا مجال للتشكيك، وهذا لا يقلل من المكانة التي يحتلها لحود عند الرئيس السوري لكن من الضروري اجراء مراجعة متأنية كشرط للعودة بالأمور الى نصابها. فالخروج نهائياً من رسم أية علامة استفهام تتناول موقف هذا الرئيس أو ذاك أكثر من مطلوب لاعادة الثقة ومنع صدقية الدولة من الاهتزاز". وبالتوقف أمام اجتماع الرئيس السوري بالحريري ومن ثم بفرنجية يظهر ان لدى دمشق حرصاً على دعم التوازن بين الرئاسات من دون أن يكون محكوماً بالاستقواء. ومع ان المسؤولين السوريين يعتبرون ما حصل شأن داخلي فهم يجارون لحود في رفض التعريض به لمواقفه المبدئية والثابتة ويتجنبون التفاصيل ويستمعون الى وجهات نظر جميع الحلفاء والأصدقاء وهذا ما يفسر اللقاء المقرر الثلثاء المقبل بين الأسد وجنبلاط. وأخذت دمشق تنصح منذ مطلع الاسبوع الفائت باستيعاب الوضع والعودة الى التواصل والحوار وتدعم أي جهد رئاسي للحؤول دون العودة الى الوراء وتصحيح ما نجم عن التدابير من تصرفات وهذا ما أسرت به الى وزير الداخلية والبلديات الياس المر الذي التقى مسؤولين سوريين الخميس الماضي اثناء غيابه عن الجلسة الاسبوعية لمجلس الوزراء... وإذ أكد المر وهو أقرب المقربين الى لحود ضرورة توسيع رقعة الحوار ومحاسبة المسؤولين عن التجاوزات في مواجهة التظاهرات فإن هذا ليس معزولاً عن اسئلة وملاحظات كان طرحها فرنجية في جلسة سابقة للحكومة وأعاد التأكيد عليها في لقاءاته في دمشق، منها: - اذا كان هناك مؤامرة، لا بد من اطلاع مجلس الوزراء عليها ليتخذ الموقف الذي يؤمن التصدي لها، خصوصاً ان موقفي من بعض القوى معروف وليس هناك من يزايد عليّ. - هل من مصلحة في تعويم القواتيين والعونيين؟ ومن المستفيد من ذلك سوى المتضررين من العلاقة مع سورية؟ - اننا في غنى عن استحضار العداء لسورية بعد اعادة انتشار الجيش السوري التي أدت الى اضعاف الموقف المعادي لدمشق بين المسيحيين. - ما حصل يضعف حلفاء دمشق من المسيحيين ويعيد الاعتبار لقوى تتصرف على انها محشورة سياسياً خصوصاً بعد أن تحفظت حتى على مواقف قرنة شهوان. ويدعو فرنجية الى تصحيح الوضع وترميمه. وعليه فإن البيان الانفتاحي الذي صدر عن القصر الجمهوري في اعقاب الغداء الرئاسي يمكن ان يفعل فعله في حال انه أخذ طريقه الى التنفيذ عبر المؤسسات خصوصاً ان بري والحريري أبديا ارتياحهما لما ورد فيه من مضامين. وهذا يجعل العلاقة الرئاسية في اختبار جديد، في ضوء المصارحة التي حصلت وامتدت الى دمشق، وفي الانتظار، يلزم بري والحريري الصمت، والأخير يجري تقويمه للأوضاع في اجازته في سردينيا.