سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
قادة الجيش كانوا مستعدين للموت دفاعا عن الوطن وليس عن صدام وابنه . بغداد سقطت بعد أن قرر العسكريون العراقيون الإنصراف إلى بيوتهم احتجاجا على قرارات قصي
كشف عسكريون عراقيون للمرة الاولى تفاصيل قصة سقوط العاصمة العراقيةبغداد ودخول القوات الأميركية إليها بسهولة، من ضمنها أن قصي، النجل الاصغر للرئيس العراقي صدام حسين أصدر في الأيام الأخيرة للحرب سلسلة أوامر أدت إلى هلاك الآلاف من خيرة العسكريين في الحرس الجمهوري العراقي خارج المدينة، ما أثار غضب القادة العسكريين الذين قرروا بهدوء الإنصراف إلى بيوتهم لتسقط المدينة لقمة سائغة في فم القوات الغازية. ونقلت صحيفة "سان فرانسيسكو كرونيكل" الأميركية أمس عن أكثر من إثني عشر عسكريا عراقيا ممن لم يسلموا أنفسهم بعد للقوات الأميركية وما زالوا متوارين عن الأنظار أن أوامر قصي الذي عينه والده قائدا أعلى للقوات المسلحة بلا أي كفاءات عسكرية، دفعت بالآلاف من الجنود، خصوصا فرقة حمورابي التابعة للحرس الجمهوري، إلى مناطق مكشوفة خارج بغداد ليقعوا فريسة للضربات الجوية الأميركية التي قضت عليهم. واشاروا إلى أن هذه الأوامر التي يعتقد أنها حظيت بموافقة صدام نفسه أربكت القادة العسكريين العراقيين وجعلت العاصمة مكشوفة وبلا قوات دفاع لتفتح الطريق أمام القوات الأميركية. ولاحظت الصحيفة من العسكريين العراقيين الذين التقاهم مراسلها أنهم ما زالوا مصدومين حتى الآن جراء ما حصل، اذ قال أحدهم أن الجنود كانوا منهكين في الأيام الأخيرة للحرب ومتوترين لدرجة الجنون، نظراً لعدم توقفهم عن الانتقال من مكان لآخر وفقدانهم القدرة على النوم. وقال ضابط كان ضمن خط الدفاع قرب مدينة الكوت جنوببغداد أن كل وسائل الاتصال بين المقاتلين في الجبهات وقيادة الأركان العليا توقفت عن العمل كليا قبل أسبوع من سقوط بغداد. وقال الجنرال علاء عبدالقادر أحد قادة الحرس الجمهوري أن تعيين قصي على رأس الجيش لم يكن له مبرر واتخذ بالفعل قرارات مصيرية بإرسال الحرس الجمهوري بعيدا عن العاصمة إلى مناطق قرب كربلاء وغرب الفرات ظنا منه أن القوات الأميركية ستأتي من هناك، وعندما اكتشف خطأه أمر الجنود بالعودة إلى بغداد، فكان الوقت متأخراً جداً. وأضاف أن صدام وقصي أمرا قيادة الأركان في الثالث من نيسان أبريل بإبلاغ الجنود أن الأميركيين نقلوا رسالة إلى العراقيين مفادها أنهم سيضربون بغداد بالأسلحة النووية. وقال أن القادة العسكريين رفضوا في البداية إطاعة هذا الأمر وحاولوا إقناع صدام وابنه بأن مثل هذا الإعلان سيحبط معنويات الجنود، لكن قصي الذي ظل طوال الوقت بملابسه المدنية مرتديا البدلة وربطة العنق، أصّر على إصدار بيان بهذا الخصوص، ما أثار حنق العسكريين. ووفقا لعبدالقادر أدرك قصي أن العسكريين غير راضين عن قرارته، فدعا إلى اجتماع موسع لتنفيس ذلك الغضب، وصب اللوم في الهزيمة خلاله على العسكريين. وفي الاجتماع انهار أحد كبار القادة العسكريين وراح يبكي قائلا أن خيرة جنوده قتلوا. وقال الكولونيل خالد الطائي الذي حضر الاجتماع أن شعورا بالغثيان ساد بين الحاضرين من تصرفات صدام ونجله، وأضاف أن العسكريين بدأوا يتهامسون سراً بأن من يرغب في مواصلة القتال فليفعل ذلك على عاتقه الشخصي. وأضاف أن جميع القادة العسكريين قرروا الانصراف إلى بيوتهم، معلنين أنهم مستعدون للقتال من أجل مستقبل أبنائهم ووطنهم لكن ليس من أجل صدام وقصي. وأجمع العسكريون الذين تم الحديث معهم على أن ذلك كان آخر لقاء للقيادة العسكرية العراقية التي تفرق شملها بعده مساء الرابع من نيسان وفي الخامس منه شنت الدبابات الأميركية هجمات سريعة ومتكررة على أحياء بغداد وفي السابع منه تم احتلال القصر الجمهوري في العاصمة وفي التاسع والعاشر كانت العاصمة كلها بيد القوات الأميركية. ولم يكن دفْعُ الحرس الجمهوري إلى المناطق الريفية هو القرار الخاطئ الوحيد الذي ارتكبه الرئيس العراقي، بل إضافة إلى ذلك امتنع صدام عن اتباع خطط عسكرية أعدت قبل الحرب لشن حرب شوارع للدفاع عن بغداد، على رغم البيانات المتكررة التي أعلنتها القيادة بأن الجيش العراقي سيقاتل من بيت إلى بيت دفاعا عن العاصمة، وفي المقابل اقتصرت الدفاعات العراقية على الخطوط الثلاثة المستديرة حول بغداد التي كان أضيقها على بعد 30 ميلا عن المدينة. وكشف الجنرال عبدالقادر أن خطط ما قبل الحرب تضمنت تكتيكات دفاع اعتمدت تلغيم الجسور والطرقات ومطار بغداد الدولي الذي كان من المفروض نسفه على نحو يجعل القوات الأميركية تتطاير في الهواء بعد احتلاله، لكن أيا من هذه التكتيكات لم يتم اتباعه أو تنفيذه. وألقى عبدالقادر باللوم أيضا على العسكريين العراقيين ذاتهم وأشار إلى أن شعورا كان سائداً في أوساطهم بأن بغداد عصية لن يقدر الجيش الأميركي على دخولها، فيما قال ضابط في الاستخبارات العراقية فضل عدم نشر اسمه ان العراقيين تأخروا كثيرا في الإعداد للحرب، عى رغم المؤشرات الخطيرة الى الاستعدادات الأميركية لها. واكد ذلك الضابط حيدر أحمد الذي كان مسؤولا عن 250 جنديا في منطقة الفاو جنوبالعراق بقوله ان قواته تسلمت صواريخ أرض - أرض لم يكن الجنود تدربوا على استعمالها من قبل لاستخدامها في صدّ الهجوم فقط في الأيام الأخيرة قبل نشوب الحرب وبالفعل لم تستعمل هذه لدى بدء الهجوم.