إذا سار كل شيء مساء اليوم، على ما يرام، ولم يجد رئيس لجنة التحكيم في مهرجان "كان" الفرنسي باتريس شيرو نفسه مجبراً على مراعاة بني قومه عند إعلان النتائج في الحفلة الختامية، لن يكون من الصعب توقع أين ستصب هذه النتائج. ففي دورة جرداء كدورة هذا العام، لم تعرف أحداثاً ولا مفاجآت، ليس كبيراً عدد الأفلام التي يمكن التكهن بفوزها. والمجازفة بالتكهن منذ الآن لن تكون مخاطرة حقيقية. فعند السابعة والنصف من مساء هذا اليوم الختامي لواحدة من أسوأ دورات "كان"، من المرجح أن الجوائز وهي قليلة العدد عادة ستنحصر بين خمسة أو ستة أفلام شكلت "أحداث" الدورة الرئيسة، وهي بحسب ترتيب الأهمية: "دوغفيل"، "الفيل"، "نهر مستيك"، "مسافة"، "الغزوات البربرية" وربما الفيلم السريلانكي "منزل قرب البحيرة". أما إذا ذهبت الجوائز الرئيسة، أو بعضها نواحي أخرى، مثلاً في اتجاه "المسبح" للفرنسي أوزون أو "ليلي الصغيرة" لمواطنه كلود ميلر عن مسرحية "طائر النورس" لتشيكوف، فسيكون في الأمر كثير من التعسف وربما يسمع حضور الحفلة صفيراً حاداً. والفارق في المستوى بين نصف الدزينة من الأفلام التي يمكن المراهنة على فوزها، وبين كل ما عرض عداها، فارق كبير لا يدع أي مجال للشكوك. اللهم إلا الشكوك التي أثيرت، أصلاً، من أول أداء للجنة الاختيار، متسائلة كيف تسمح هكذا لجنة لنفسها أن تختار أفلاماً من طينة "كالانداريو" و"الأرنب البني" أو غيرهما، للمسابقة الرسمية! المهم ان السعفة الذهبية تبدو، حتى اللحظة، متأرجحة بين "دوغفيل" و"الفيل"، فإن فاز أحدهما بها، ستكون الجائزة الثانية جائزة النقاد الكبرى من نصيب الثاني، أو تكون من نصيب "مستيك" ويفوز غاس فان سانت بجائزة الاخراج. بالنسبة الى أفضل ممثلة، تصب الاتجاهات كلها في خانة نيكول كيدمان، مع منافسة شبه محدودة من قبل الصينية زيوي جانغ عن دورها في الملحمة التاريخية "الفراشة الأرجوانية". وفي المقابل يبدو تيم روبنز في "نهر مستيك" صاحب الحظ الأوفر للفوز بجائزة أفضل ممثل. وفي هذا الاطار قد يكون من الأفضل أخذ "الغزوات الهمجية" في الاعتبار، للسعفة أو لأفضل ممثل، أو لأي جائزة من هذا الوزن. وكذلك الحال مع الفيلم التركي "مسافة" الذي، إذ لقي اجماعاً حين عرضه، يبدو الآن عصياً على التصنيف بالنسبة الى توزيع الجوائز وإن تأكد أن مخرجه جبلان سيرتقي الخشبة الليلة ليكون أول تركي يحقق فوزاً كبيراً في "كان" منذ يلماز غوناي وشريف غيرين. كل هذا يبدو، حتى الآن، على سبيل التكهن، ذلك أن لجان التحكيم اعتادت، أن تفاجئ و"تخبط" حيث لا يتوقع أحد. من هنا يمكن القول ان كل التكهنات التي نوردها، تظل في حيز الاختيارات الشخصية، وكذلك في حيز استشفاف الاتجاهات العامة للنقاد وللجمهور. ومن هنا يمكن القول ان مساء هذا اليوم، بقدر ما سيكشف اسماء الفائزين، سيقول، في الوقت نفسه أموراً كثيرة حول نزاهة لجنة التحكيم... وهي نزاهة ليس من السهل القول انها مضمونة دائماً.