ألغى رئيس الوزراء الفلسطيني محمود عباس أبو مازن زيارة له الى بلدة بيت حانون الواقعة شمال شرقي قطاع غزة صباح امس في أعقاب توغل قوات الاحتلال فيها مرة اخرى بعد اقل من 24ساعة على انسحابها منها. وكان "ابو مازن" ووزير الشؤون الأمنية محمد دحلان يستعدان لزيارة البلدة للاطلاع على حجم الدمار الذي حل بها بعد ستة ايام على اعادة الجيش الاسرائيلي احتلالها الخميس الماضي. ولكن الدبابات والجرافات الاسرائيلية عاودت توغلها صباح امس وباشرت تجريف المزيد من اراضي البلدة. وبينما كان العشرات من ممثلي وسائل الاعلام المحلية والعربية والعالمية والاسرائيلية ينتظرون منذ الصباح وصول "ابو مازن" ودحلان من مدخل البلدة الجنوبي، ظهرت الجرافات تحرسها الدبابات عند المدخل، الأمر الذي عنى عدم تمكنهما من الوصول الى داخل البلدة. وجرت اتصالات مكثفة من اجل "اقناع" سلطات الاحتلال بسحب الدبابات والجرافات، لكن من دون جدوى. وانشغل عدد من ضباط الامن الفلسطيني في اجراء اتصالات هاتفية من هواتفهم النقالة طوال اكثر من ساعة، فيما بدا انه محاولات لانقاذ الوضع، وايجاد "طريقة" او "مخرج" ما لاجراء الزيارة، التي لو تمت لكانت الاولى للمسؤولين منذ توليهما منصبيهما منذ اكثر من شهر. ورأى مراقبون ان توغل الدبابات والجرافات الى البلدة جاء بقرار من رئيس الوزراء الإسرائيلي ارييل شارون ووزير دفاعه شاؤول موفاز اللذين يعملان على افشال مساعي "ابو مازن" ودحلان لفتح الطريق لتنفيذ "خريطة الطريق". وقال هؤلاء المراقبون ان الرجلين أرسلا رسالة الى "ابو مازن" ودحلان مفادها ان اسرائيل هي من يقرر مجريات الأحداث في السياسة وعلى الارض أيضاً، وهي التي "تمنح" و "تمنع" ما تريد عن من تريد. ورأى آخرون ان شارون لا يرغب في اتاحة أي فرصة لتطبيق أي بند من بنود خطة "خريطة الطريق" التي لم يوافق عليها حتى الآن، بل يخلق معوقات حقيقية وجادة امام الجانب الفلسطيني الراغب بقوة في تطبيقها وطبق الكثير من المتطلبات المفروضة عليه والواردة في الخطة. الى ذلك، قال المدير العام لوزارة الزراعة الفلسطينية محمود ابو سمرة ان جرافات الاحتلال جرفت خلال الايام الستة الماضية نحو 2500 دونم مزروعة بأشجار الحمضيات في بلدة بيت حانون. واوضح ابو سمرة في حديث للصحافيين في غزة، امس ان عمر هذه الاشجار يزيد عن 50 عاماً، أي قبل احتلال قطاع غزة عام 1967 او حتى ربما مع قيام الدولة العبرية. وأشار الى ان الدونمات المجرفة تنتج نحو خمسة آلاف طن من الحمضيات تشكل حوالي 10 في المئة من انتاج قطاع غزة من الحمضيات. ميدانياً، هدمت قوات الاحتلال 10 منازل تقع جنوب غربي مدينة رفح اقصى جنوب القطاع. وقال الباحث الميداني في مجال حقوق الانسان في المركز الفلسطيني لحقوق الانسان يوسف ابراهيم ل"الحياة" ان جرافات الاحتلال المحروسة بالآليات العسكرية الاسرائيلية توغلت في منطقة "الشعوت" المحاذية للشريط الحدودي الفاصل بين فلسطين ومصر فجر امس وهدمت 10 منازل، ثلاثة كلياً وسبعة جزئياً وجرفت مساحة من الاراضي الزراعية المجاورة لها". وأضاف ابراهيم ان قوات الاحتلال هدمت كلياً نحو 700 منزل، وألحقت أضراراً بنحو ثلاثة آلاف منزل آخر، منذ اندلاع انتفاضة الأقصى أواخر ايلول سبتمبر2000.