ظهرت أمس بوادر خلاف بين واشنطن وبعض الفصائل العراقية، على انتقال السلطة. وفي حين أعلن وزير الخارجية الأميركي كولن باول ان إدارة الرئيس جورج بوش تؤيد تشكيل "حكومة من الشعب العراقي في أسرع وقت ممكن"، أكد الحاكم المدني بول بريمر أنه يواصل جهوده لإنشاء سلطة عراقية موقتة، نافياً تجميد هذه المساعي. لكن قيادياً في "المجلس الأعلى للثورة الاسلامية" بزعامة محمد باقر الحكيم هدد ب"عصيان مدني إذا لم يف الأميركيون وعودهم". ورفض قيادي في "المؤتمر الوطني العراقي" هو انتفاض قنبر في حديث الى وكالة "رويترز" ما وصفه ب"مفهوم أميركي مبهم جداً للسلطة الموقتة"، مشككاً في احتمال حضور مندوب عراقي اجتماعات منظمة "أوبك". تزامن ذلك مع اسقاط عشرات من العراقيين في منطقة المنصور تمثالاً للرئيس السابق أحمد حسن البكر. وتجددت الهجمات على الأميركيين في بغداد ليل أول من أمس، فجرح جنديان قرب الحبانية، فيما استهدف هجوم آخر بقذائف "آر بي جي" شاحنة للجيش الأميركي في العاصمة العراقية، وقتل جندي وجرح ثلاثة آخرون بانفجار ذخائر. واعتبر الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى ان المقابر الجماعية التي اكتشفت في العراق بعد الحرب، دليل ادانة للنظام السابق، داعياً الى تشكيل لجنة عربية لمتابعة هذه القضية راجع ص 3 و4. واتهمت فصائل عراقية واشنطن بالتراجع عن وعودها بتسليم السلطة الى العراقيين، وسط جدل حول تعبير "سلطة موقتة" بدلاً من "حكومة موقتة". ونقلت وكالة "رويترز" عن سياسيين عراقيين انهم يستبعدون أن يمنحهم التوجه الأميركي سيطرة كاملة على الوزارات السيادية والسياسة الخارجية للبلد. ونسبت الوكالة الى احدى تلك الشخصيات أن وزارات الدفاع والخارجية والداخلية لن تسلم في المرحلة الأولى الى الحكومة العراقية. وهدد أحمد خفاجي عضو المكتب السياسي ل"المجلس الأعلى" ب"عصيان مدني"، اذا لم يف الأميركيون وعوداً قطعوها بالسعي الى حكومة عراقية ذات سيادة. وأفادت صحيفة "نيويورك تايمز" ان بريمر ومسؤولين بريطانيين أبلغوا قياديين عراقيين الجمعة الماضي انهم ارجأوا خطة تسمح للعراقيين بتشكيل جمعية وطنية وحكومة موقتة بحلول نهاية الشهر الجاري. في السياق ذاته أكد وزير الخارجية الأميركي في مقابلة بثتها أمس قناة "ايه آر دي" التلفزيونية الألمانية ان الولاياتالمتحدة تؤيد تشكيل حكومة "من الشعب العراقي في أسرع وقت ممكن"، لتحل محل الإدارة الموقتة باشراف أميركي. وأضاف: "اننا في وضع يجب أن تقوم فيه قوات الاحتلال، الولاياتالمتحدة وشركاؤها في التحالف، بدور حكومة انتقالية حتى نتمكن من تشكيل حكومة من الشعب العراقي، وهو ما نأمل به في أسرع وقت ممكن". واستدرك: "يمكن الأممالمتحدة ان تساعدنا في ذلك، ونرى دوراً مهماً لها، ولم تقل والأمين العام كوفي انان انهما يريدان وضع أيديهما على العراق، بل ولا يريدان حكمه". وأقر بأن واشنطن وبرلين لم تتوصلا بعد الى تجاوز أزمة خلافاتهما بسبب العراق بعد زيارته ألمانيا، وزاد: "لا ينبغي أن نتصرف وكأن شيئاً لم يكن أو كأن كل شيء عاد الى طبيعته". لكنه أعرب عن تفاؤله بفرص التوصل الى اتفاق على مشروع القرار الأميركي لرفع العقوبات عن العراق، وأضاف: "تريد الحكومة الألمانية والحكومة الأميركية ان يمر هذا القرار، واعتقد بأننا سنستطيع ان نجد أرضية مشتركة في المستقبل القريب جداً. ليس هذا القرار في شأن الحرب، ولا يحاول خوض معارك الماضي. انه قرار جديد لوضع جديد. عندنا مشكلة مع الماضي ولنعمل الآن معاً لحلها". في غضون ذلك، أكد الحاكم المدني الأميركي للعراق انه يواصل جهوده لإنشاء سلطة عراقية موقتة نافياً تقارير عن توجه واشنطن الى تعليق العملية. وقال بريمر انه سيجري مزيداً من المحادثات مع الزعماء العراقيين هذا الشهر في شأن السلطة الموقتة. وصرح الى الصحافيين خلال زيارته أمس للموصل في شمال العراق: "قرأت تقريراً في الصحافة الأميركية عن تأجيل تشكيل حكومة انتقالية، لا أعرف من أين تأتي هذه الروايات لأننا لم نؤجل شيئاً". وذكر انه عقد "اجتماعاً بناء" مع زعماء عراقيين الجمعة الماضي و"سنلتقي مجدداً خلال اسبوعين في الوقت الذي نتحرك بسرعة نسبياً في هذه المرحلة الانتقالية". وأجرى بريمر محادثات مع مسؤولين في الموصل وأشاد ب"الديموقراطية الوليدة" في المدينة التي انتخبت مجلسها المحلي. والتقى ايضاً رئيس البلدية الجديد غانم الباصو الذي رحب بسياسة بريمر التي تتمحور حول استبعاد رموز حزب "البعث"، لكنه شدد على شكوى السكان القلقين من بطء عملية اعادة النظام وسيادة القانون. وعلم ان القيادات السياسية العراقية اتفقت مع ممثلي بريمر على تشكيل لجنة مشتركة يشرف عليها الجنرال جون أبو زيد، تأخذ المبادرة في تثبيت الوضع الأمني داخل العاصمة العراقية وأطرافها. وجاء الاتفاق على اللجنة الأمنية خلال اجتماع عقدته لجنة السكرتارية المنبثقة عن الهيئة القيادية السباعية العراقية، مع مساعد بريمر السفير برايان كروكر في القصر الجمهوري أمس. وأفاد مصدر شارك في الاجتماع ان كروكر والفريق الحكومي الأميركي، ناقشا مع ممثلي القوى السياسية العراقية التحضيرات لعقد مؤتمر موسع "يمثل أطياف المجتمع العراقي" على أمل ان يصبح المؤتمر "المرجعية الشرعية" لتسمية حكومة موقتة. وفي تطور لافت أعلن وزير الخارجية التركي عبدالله غل أمس ان بلاده ستفتح قنصليات في المدن الرئيسية في كردستان العراق "لتحسين التعاون" مع الأحزاب الكردية الرئيسية في هذه المنطقة. ونقلت وكالة "الأناضول" عن الوزير قوله: "آن الأوان لتحسين تعاوننا، وننوي فتح قنصليات في السليمانية واربيل". وأوضح ان هذه الخطوة تأتي استجابة لطلب من الأكراد، مشيراً الى أن تركيا ستفتح مستشفيات في كركوك، ومعرباً عن ارتياحه الى مسار العلاقات مع أكراد العراق.