ظهرت أمس بوادر أزمة جديدة في الحلف الأطلسي، إذ لمح رئيس هيئة الأركان المشتركة للجيوش الاميركية الجنرال ريتشارد مايرز بتعذر عقد اجتماعات الحلف في مقره في بروكسيل، في حال قبلت النيابة العامة الفيديرالية البلجيكية النظر في دعوى قضائية اقامتها مجموعة من العراقيين ضحايا القصف الاميركي. وتطاول الدعوى مايرز وقائد القيادة المركزية الاميركية الجنرال تومي فرانكس. وأوضح محامي الادعاء يان فيرمون ان ملف الاتهامات يتضمن استخدام القوات الاميركية، تحت امرة فرانكس، قنابل عنقودية في العراق واستهداف الأحياء السكانية وسيارات الاسعاف والمستشفيات والمراكز الثقافية. وقال بعد تقديمه ملف الشكوى الى النائب الفيديرالي انها تستهدف ايضاً العسكري في "المارينز" مايك براين "لأن بعض الشهود يتهمه باستهداف سيارات الاسعاف وانتهاك معاهدات جنيف". ورفض كشف قائمة اسماء الضحايا الذين قدموا الشكوى "خوفاً على أمنهم لأنهم في العراق وبعضهم جريح". وعرض أطباء بلجيكيون ساعدوا العراقيين، في مستشفيات بغداد، صوراً عن فظائع استهدفت المدنيين في ذلك البلد خلال الحرب. وقدم الدكتور غيرت فان مروتير، في مؤتمر صحافي شهادته وروى ل"الحياة" محنة "قصف احدى سيارات الاسعاف وقتل من فيها من جرحى". وزاد ان الجنود الأميركيين ردوا على تساؤلاته بأن "الأوامر تمكنهم من اطلاق النار ضد كل الأشياء التي تتحرك في اتجاههم ولو كانت سيارات اسعاف، لأنها قد تكون محملة متفجرات". وحذر الجنرال مايرز من عواقب توجيه اتهامات الى المسؤولين والرعايا الاميركيين، وقال خلال اجتماعات الحلف الاطلسي أول من امس ان توجيه اتهامات الى فرانكس "سيكون له تأثير بالغ على العلاقات" بين اميركا وبلجيكا، واضاف ان الولاياتالمتحدة ستبحث "بكل جدية أمر الشكوى". وكانت مصادر بلجيكية تحدثت عن تهديدات اميركية بنقل مقر الحلف الى احد البلدان الشرقية، في حال وجه القضاء البلجيكي اتهامات الى أي من المسؤولين والرعايا الاميركيين. ويفترض ان تصدر النيابة الفيديرالية العامة قرارها في شأن الشكوى العراقية في غضون أربعة أسابيع، وأوضح فيرمون ان موكليه مستعدون لتقديم طلب لاستئناف القرار في حال رفضت النيابة شكواهم. لكن النيابة قد تحيل القضية على وزير العدل، وفق مقتضيات التعديلات الأخيرة التي أدخلت على قانون الصلاحيات الشاملة. وهي تلحظ امكان ان يتشاور الوزير مع أعضاء الحكومة في شأن القضايا الحساسة، وحقه في إحالة القضية على البلد المعني، اذا توافرت شروط "الكفاءة المهنية والموضوعية". وشدد فيرمون على ان "ظروف اعتقال سجناء غوانتانامو واللجان العسكرية التي شكلتها الولاياتالمتحدة في اطار محاكم، ستكون أدلة مقنعة لدحض خيار إحالة القضية على المحاكم الاميركية، فضلاً عن ان العراق محتل ولا يمكنه اجراء محاكمات عادلة". وتوقع محامي الادعاء ان تواصل الولاياتالمتحدة ضغوطها على بلجيكا لوقف الدعوى ضد فرانكس، وشكوى سابقة ضد الرئيس جورج بوش الأب ووزير الخارجية الحالي كولن باول ونائب الرئيس الاميركي ديك تشيني. واستنكر "ازدواجية المعايير المتمثلة بإدانة القضاء البلجيكي روانديين متهمين بجرائم إبادة، وتزايد الضغط لمنع ملاحقة متهمين آخرين مثل رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون، والمسؤولين الاميركيين".