بدأ العد العكسي لمغادرة الجنرال الأميركي المتقاعد جاي غارنر، رئيس "مكتب إعادة الإعمار والشؤون الانسانية" العراق، على أن يُحسم وضعه في لقاء يجمعه اليوم في الدوحة مع بول بريمر الذي عينه الرئيس جورج بوش حاكماً مدنياً للعراق. وطوى زعيم "المجلس الأعلى للثورة الإسلامية" محمد باقر الحكيم أمس مرحلة المنفى في ايران والتي استمرت 23 سنة وعاد الى بلاده، رافعاً شعار حكومة وطنية موسعة، ومؤكداً الاستعداد ل"تحقيق الأمن لجميع العراقيين إذا سمحت لنا قوات التحالف". راجع ص 2 و4 و5 وفيما دعا الحكيم الى بناء "دولة عصرية" يكون للمرأة فيها دور رئيسي، رفض التعايش مع "الوجود البعثي". في الوقت ذاته توصل جنرال أميركي الى اتفاق مع منظمة "مجاهدين خلق" الايرانية المعارضة التي كانت لها قواعد عسكرية في العراق، يقضي بتجميع مقاتليها وتجهيزاتها في معسكر تحرسه قوات "التحالف" الأميركي - البريطاني، على أن تلقي المنظمة السلاح. وأعلنت القيادة الأميركية الوسطى ليل الجمعة العثور على مقبرة جماعية في الجنوب قد تضم رفات كويتيين فقدوا منذ العام 1991. واستقبل عشرات الآلاف الحكيم لدى دخوله أمس البصرة عبر نقطة شلامجة الايرانية الحدودية مع العراق، بعدما أمضى في ايران 23 سنة، ومن المقرر أن ينتقل الى مدينة النجف. وقبل مغادرته طهران حدد أربع أولويات: "الأولى معالجة وجود بقايا للنظام السابق ما زالوا يعيثون في الأرض فساداً، ويعملون لتدمير مقدرات الشعب العراقي، والثانية وجود القوات الأجنبية اذ أن هذه تعتبر مشكلة لا بد من معالجتها، والثالثة تحكيم النظام العام ومعالجة الأوضاع المعيشية للناس وترسيخ الأمن والاستقرار. أما الرابعة فهي تحكيم إرادة أبناء الشعب العراقي في رسم مستقبلهم، وقيام نظام ينتخبه الشعب بكل قواه وقومياته وطوائفه". وركز على أهمية تحقيق الأمن وقال: "اننا مستعدون لتحقيق الأمن لجميع العراقيين إذا سمحت لنا قوات التحالف، ولم تتدخل في ذلك". ودعا الحكيم في مؤتمر صحافي في البصرة الى بناء "دولة عصرية" تعد للبناء وتحترم مفاهيم الاسلام وتهتم بالشباب والمرأة. ولفت الى أن بعضهم "قد يتصور أن المتدينين سيحجبون المرأة عن المجتمع، وهذا غير صحيح لأنها نصف المجتمع ويجب أن يكون لها دور رئيسي في بنائه". وعدد ميزات يجب أن يقوم عليها النظام العراقي الجديد، خصوصاً العدل والحرية، وأن يكون منتخباً من الشعب، وقال: "عندما يكون العراق بهذه الخصائص يكون اسلامياً عصرياً ينسجم مع أساليب هذا العصر والزمان، ومع التطورات الاجتماعية في هذا الزمان، عندها سيكون بالامكان إرجاع العراق الى موقعه الطبيعي في العالم الاسلامي والعربي في صورة آمنة، ويصبح عراق الجهاد من أجل الإعمار وعراق المحبة والمودة لا عراق العدوان والإضرار بالآخرين". وكان ألقى في الملعب الرياضي في البصرة كلمة أمام عشرات الآلاف من أنصاره، شدد فيها على أن "العراقيين لا يحتاجون لأحد لمساعدتهم في بناء الحكومة الجديدة". وأفيد أمس أن علي شنان الجنابي الذي عيّنه الأميركيون مسؤولاً عن وزارة الصحة في بغداد، أثار ضجة أمس حين رفض التنديد علناً بحزب "البعث". ويفرض الأميركيون على أي شخص يوظف في الإدارات العامة توقيع إقرار بتخليه عن الحزب الذي حلّ رسمياً. وغادر غارنر أمس إلى قطر، للقاء مسؤولي القيادة المركزية في الدوحة، ولعقد اجتماع يضم أعضاء القيادة وبول بريمر. وعلمت "الحياة" ان غارنر سيبقى في منصبه ثلاثة أسابيع، ويغادر مطلع الشهر المقبل بغداد عائداً إلى الولاياتالمتحدة. وتوقعت مصادر مطلعة تغييرات في مكتب إعادة إعمار العراق، وربطت بقاء غارنر بتعيين الحكومة الانتقالية التي "سترى النور خلال 4-6 أسابيع". وأشارت إلى أن إعلان المؤتمر الأخير للمعارضة في بغداد أن الحكومة الانتقالية ستشهد النور قبل نهاية الشهر، لن يتحقق، وأن "تشكيلها سيتأخر ريثما يأتي بريمر إلى بغداد ويشرف على تفاصيل الترتيبات السياسية للنظام الموقت في العراق". وفي سياق آخر، أفادت وكالة "فرانس برس" في تقرير من شمال شرقي العراق أن القوات الأميركية توصلت إلى اتفاق مع "مجاهدين خلق" التي قبلت بإلقاء السلاح، كما أفاد ضابط أميركي شارك في المفاوضات. وقال الجنرال راي اوديرنو، قائد فرقة المشاة الرابعة، أن المنظمة ستجمع مقاتليها وتجهيزاتها في معسكر تحت حراسة "التحالف" الذي تقوده الولاياتالمتحدة في العراق. وتابع: "ليست عملية استسلام، بل اتفاق لنزع أسلحة وإعادة تجميع" مقاتلي "مجاهدين خلق". وأشار إلى أن "لديهم الأهداف نفسها التي للولايات المتحدة، والداعية إلى إحلال الديموقراطية ومكافحة الظلم، كانوا متعاونين جداً". واستدرك ان حوالى 4000-5000 مقاتل سيجمعون في معسكرات، وان واشنطن ستقرر وضعهم لاحقاً. وحض على معاودة النظر في ادراج وزارة الخارجية الأميركية "مجاهدين خلق" على قائمة التنظيمات الإرهابية. وأمس أفادت صحيفة "واشنطن بوست" أن سبع منشآت نووية في العراق تعرضت لأضرار أو دمرت نتيجة لأعمال النهب. طارق عزيز وفيما أعلن أحد أقرباء نائب رئيس الحكومة العراقية السابق طارق عزيز في باريس أ ف ب ان عزيز موجود منذ أيام في المغرب "تحت مراقبة أميركية"، رفضت مصادر رسمية في الرباط تأكيد الخبر أو نفيه. ولفتت صحيفة "الاسبوع" المغربية الصادرة أول من أمس الى اجتماع سري عقد الاسبوع الماضي بين مسؤولين في الاستخبارات المغربية والأميركية واستمر ثلاث ساعات. وقالت الصحيفة ان الاجتماع ناقش طلباً أميركياً باستضافة مسؤولين بارزين في القيادة العراقية السابقة بهدف مواصلة استجوابهم. وتردد في غضون ذلك ان طارق عزيز تعرض لنوبتين قلبيتين دفعتاه الى تسليم نفسه. لكن مصادر في وزارة الصحة المغربية نفت أن يكون المسؤول العراقي قد سجل في أي من المستشفيات.