أجرى الرئيسان السوداني عمر البشير والمصري حسني مبارك الذي وصل الى الخرطوم امس في زيارة مفاجئة وقصيرة، محادثات ركزت على تطورات عملية السلام والتمرد في اقليم دارفور في غرب السودان وأمن البحر الأحمر وتعزيز العلاقات الثنائية. وأطلع البشير مبارك على تطورات الأحداث في اقليم دارفور في غرب السودان، وهجوم المتمردين على مدينة الفاشر أخيراً، وتدارس الجانبان التغلغل الاسرائيلي في البحر الاحمر وتأثيراته على الأمن القومي العربي وأمن الدولتين. وابلغت مصادر مطلعة "الحياة" ان القيادة المصرية طرحت اقتراحات عملية تشمل لعب دور لضمان وحدة البلاد، وتسريع خطوات السلام والمصالحة الوطنية، وايجاد تسوية تستوعب كل القوى لمنع التوترات والنزاع المسلح. احيطت زيارة الرئيس المصري حسني مبارك الى الخرطوم امس بإجراءات أمنية مشددة اذ لم يعلن عنها قبل وصوله، وفرضتها السلطات على المطار ومُنع الصحافيون من دخوله وسمح فقط لاجهزة الاعلام الرسمي بدخول قاعة كبار الزوار. وانتشرت الشرطة وقوات الأمن منذ الفجر على الطرق المؤدية من المطار الى مركز المؤتمرات الدولية "قاعة الصداقة" حيث جرت المحادثات. وتأتي زيارة مبارك بعد 13 عاماً من آخر زيارة له الى الخرطوم في كانون الثاني يناير عام 1990. وعقدت جلسة محادثات بين البشير ومبارك في حضور وزراء الخارجية والاعلام في البلدين، وناقشت تنشيط العلاقات الثنائية وتنفيذ اتفاقات التعاون والترتيبات لعقد اجتماعات اللجنة العليا بين البلدين في تموز يوليو المقبل برئاسة رئيس الوزراء المصري عاطف عبيد ونائب الرئيس السوداني علي عثمان محمد طه. وركز النقاش على ايجاد دور مصري فاعل ومهم في عملية السلام السوداني، والسعي لضمان وحدة السودان أرضاً وشعباً. وعلم ان البشير اطلع الجانب المصري على أحداث دارفور وهجوم المتمردين على مدينة الفاشر أخيراً، كما تدارس الجانبان التغلغل الاسرائيلي في البحر الاحمر وتأثيره على الأمن القومي العربي وانعكاساته المباشرة على أمن الدولتين. ووصف وزير الخارجية السوداني الدكتور مصطفى عثمان اسماعيل زيارة مبارك بأنها "تاريخية وتمثل بداية شراكة حقيقية بين البلدين"، موضحاً ان موضوعها الرئيسي كان "تنشيط العلاقات الثنائية والدور المصري في عملية السلام السودانية والأوضاع الاقليمية والدولية" وخصوصاً في العراق بعد جولة مبارك العربية الأخيرة. وقال للصحافيين ان الزيارة أتاحت "مناقشة أمن البحر الاحمر على ضوء المتغيرات الاقليمية والدولية"، مؤكداً حرص البلدين على ارساء الأمن والاستقرار في البحر الاحمر والصومال ومنطقة البحيرات لتأثيرها على أمن الدولتين. وكان البشير زار القاهرة الشهر الماضي، كما زار الخرطوم في الفترة الماضية وزير الخارجية المصري أحمد ماهر لحضور مؤتمر السوق المشتركة لجنوب وشرق افريقيا "كوميسا"، ووزير الاعلام صفوت الشريف الذي حضر الاحتفال بمرور 47 عاماً على استقلال السودان الذي اقيم في ملكال في جنوب البلاد. وفي القاهرة، اكدت مصادر سياسية ل"الحياة" ان زيارة مبارك تأتي لاسباب تتعلق بدعم مصر موقف الخرطوم في محادثات السلام مع الجنوب، وتأكيد موقف القاهرة الرافض لأي ضغوط على الخرطوم للتفريط في وحدة البلاد من خلال الاستفتاء على تقرير المصير. ورأت إن الزيارة تأتي في اطار الجولات العربية لمبارك التي تهدف الى لم الشمل بعد محنة العراق والتي زار خلالها دمشق والمنامة وأبوظبي والرياض. وكان مبارك أكد في كلمة أمس لمناسبة عيد العمال أن قضية "السودان قضية محورية في تفكيرنا وتحركنا خصوصاً في هذه المرحلة المهمة"، مشيراً إلى "الجهود المصرية المتواصلة مع الأخوة في السودان شمالاً وجنوباً لتعميق أواصر التعاون في كل المجالات" و"تحديد فرص التوصل إلى السلام الدائم على الأسس التي يراها شعب السودان محققة لمصالحه". وأوضح أن مصر "لم ولن تدخر جهداً إلى أن يتحقق للسودان وشعبه السلام والأمن والاستقرار". وأثنى مبارك على زيارات تبادلها مسؤولون من البلدين أخيراً، وخصوصاً زيارة البشير التي وصفها بأنها كانت "ناجحة وجاءت فاتحة لمرحلة جديدة تقوم على تكثيف التعاون وتعظيم المصالح المشتركة على أساس من الإحترام المتبادل وتعميق العلاقات التاريخية التي ربطت وستربط الشعبين المصري والسوداني إلى الأبد بإذن الله". علي عثمان في لندن الى ذلك، توجه الى لندن اول من امس النائب الأول للرئيس السوداني علي عثمان محمد طه في زيارة غير معلنة تستمر اياماً عدة، وينتظر ان يجري محادثات مع مسؤولين بريطانيين تركز على عملية السلام في البلاد، ويحضر جانباً من ندوة ينظمها مركز دراسات الشرق الأوسط في جامعة اوكسفورد عن السلام بمشاركة قيادات في الحكم والمعارضة يومي الجمعة والسبت المقبلين.