أعلنت سورية موافقتها على منح ثلاثة مصارف خاصة تراخيص للعمل في البلاد، في خطوة تعتبر الأولى من نوعها، بعد أكثر من 40 عاماً على تأميم الخدمات المصرفية فيها. وكان مجلس الوزراء وافق، أول من أمس، على طلبات التأسيس المقدّمة من البنوك للعمل في سورية، حيث وافق ل"بنك الإسكان والتمويل" على طلب تأسيس مصرف باسم "المصرف الدولي للتجارة والتمويل"، وسمح ل"بنك لبنان والمهجر" بتأسيس مصرف باسم "بنك سورية والمهجر". كما وافق على طلب "البنك الأوروبي للشرق الأوسط" لتأسيس مصرف باسم "بنك بيمو السعودي - الفرنسي". وتتزامن الموافقة على استحداث المصارف الخاصة مع أول اجتماع عقده "مجلس النقد والتسليف"، بعدما أصدر الرئيس بشار الأسد مرسوماً قضى بتسمية أعضائه. ويتولى رئاسته حاكم "مصرف سورية" المركزي، الدكتور محمد بشار كبارة. ويحدّد القانون الجديد مهام "مجلس النقد والتسليف" بوضع السياسة النقدية في سورية وإدارتها، وفقاً للاستراتيجية العامة للدولة وحاجات الاقتصاد الوطني، بما في ذلك السياسات المتعلقة باستقرار الأسعار والقوة الشرائية للنقد وسياسات التسليف والادخار المصرفي وأسعار الصرف وتنظيم مؤسسات النقد والتسليف في البلاد. وقال وزير الاقتصاد، غسان الرفاعي، في مؤتمر صحافي: "ان الموافقة على الترخيص لتأسيس مصارف خاصة في البلاد تتطلب منا تسريع وتيرة الإصلاح الاقتصادي وتحديث القوانين والأنظمة وتطوير السياسات النقدية ودعم وتطوير المصارف العامة وتحسين أدائها، لتمكينها من مواكبة التغييرات الحاصلة في أساليب العمل المصرفي وتقنياته ومواجهة المنافسة القادمة مع المصارف الجديدة". وأشار الى وجود "طلبين آخرين لكل من البنك العربي الاردني والبنك السوري البحريني سيتم الترخيص لهما بعد استكمال اجراءاتهما". ودعا الى الوفاء بمتطلبات منطقة التجارة العربية الحرة والشراكة السورية - الأوروبية، خصوصاً في ما يتعلق بتحرير الخدمات. "بنك سورية والمهجر" ويبلغ رأس مال "بنك سورية والمهجر" بليون ونصف بليون ليرة سورية 30 مليون دولار أميركي مقسّم الى ثلاثة ملايين سهم اسمي قيمة السهم الواحد 10 دولارات أميركية. ويساهم فيه كل من "بنك لبنان والمهجر" بنسبة 39 في المئة ومؤسسة التمويل الدولي بنسبة 10 في المئة، بالاضافة الى مجموعة من رجال الأعمال السوريين بنسبة 22 في المئة. "بنك بيمو السعودي الفرنسي" ويساهم في "بنك بيمو السعودي الفرنسي"، الذي يبلغ رأس ماله 30 مليون دولار، كل من "البنك السعودي الفرنسي" بنسبة 27 في المئة و"البنك الأوروبي للشرق الاوسط" بنسبة 22 في المئة، فيما تبلغ مساهمة رجال الأعمال السوريين 3 في المئة، على ان تُطرح النسبة المتبقية للاكتتاب. "المصرف الدولي للتجارة والتمويل" أما "المصرف الدولي للتجارة والتمويل"، فيبلغ رأس ماله 30 مليون دولار أميركي، ويساهم فيه "بنك الاسكان للتجارة والتمويل" بنسبة 49 في المئة ومجموعة من الشركاء السوريين بنسبة 2 في المئة، بينما ستُطرح النسبة المتبقية للاكتتاب. وأعرب الرفاعي عن أمله في ان يعطي السماح للمصارف الجديدة بمزاولة عملها المجال لسورية بان تصبح مركز جذب رئيسي للموارد المالية الوطنية والخارجية واستقطابها، من أجل إقامة المشاريع التنموية والاستثمارية. وقال: "سنعمل على دراسة تحريك سعر الفائدة وجعلها أكثر فاعلية مع العرض والطلب ومتجانسة مع ما هو معمول به في الدول المجاورة، كي لا نكون الوحيدين في هذا الموقع". وكانت سورية أقرت في عام 2000 تشريعاً يقضي بالسماح بالعمليات المصرفية الخاصة، للمرة الأولى منذ تأميم القطاع المصرفي السوري في حقبة الستينات. ويقضي هذا القانون باستمرار ملكية السوريين لحصة نسبتها 51 في المئة في البنوك التي سيشارك القطاع الخاص في ملكيتها. وكان الرئيس بشار الأسد وعد بتحرير الاقتصاد بعد خلافته لوالده الرئيس الراحل حافظ الأسد عام 2000. وعملت الحكومة منذ ذلك الحين على وضع تشريع يهدف الى تحرير سعر صرف الليرة جزئياً. واتخذت البلاد خطوات لتعزيز المنافسة في القطاع التجاري، من خلال إنهاء حقوق الوكالات الحصرية والسماح لبعض الأجانب بشراء وتأجير أرض في سورية من أجل القيام بمشاريع تنموية في قطاع السياحة. إلا ان خبراء اقتصاديين يعتقدون ان تنفيذ هذه القوانين لا يزال يسير بخطى بطيئة. ويشير محللون الى ان السماح للمصارف الخاصة بالعمل في البلاد ربما يؤدي الى جذب الودائع السورية في الخارج، التي يُقدر حجمها بين 80 و120 بليون دولار أميركي، والى تحريك عجلة الاقتصاد.