شككت اسرائيل في فرص نجاح رئيس الوزراء الفلسطيني المكلف محمود عباس ابو مازن في تشكيل حكومته الجديدة بمعزل عن تأثير الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، فيما لمح رئيس الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية الى "اندلاع ازمة جديدة" بين اسرائيل والفلسطينيين اذا ما "عرقل" عرفات خطة الاصلاح التي وضعها "ابومازن". جاء ذلك في الوقت الذي وردت فيه ردود فعل اسرائيلية شديدة السلبية ازاء اعلان الرئيس الاميركي جورج بوش عزمه نشر نص خطة "خريطة الطريق" وتكريس قدر كبير من الجهود لإحلال السلام في الشرق الاوسط بعد ان أهمل هذه القضية خلال السنتين الماضيتين. وصفت مصادر فلسطينية قريبة من رئيس الوزراء الفلسطيني المكلف ابو مازن التقارير الاسرائيلية التي تحدثت عن إمكان رجوع الاخير عن قراره ترؤس الحكومة الجديدة بسبب "تدخلات" الرئيس الفلسطيني بأنها "كلام فارغ". وقالت هذه المصادر ل"الحياة" ان "ابو مازن" يواصل اتصالاته ومشاوراته مع الأطراف والقطاعات الفلسطينية كافة منذ نحو شهر تمهيداً لعرض حكومته الجديدة لثقة المجلس التشريعي الفلسطيني حال انتهائه من تشكيلها. وكانت مصادر اسرائيلية نسبت الى مقربين من "ابو مازن" قولهم ان الأخير اوصل رسالة الى عرفات مفادها انه يفكر في التخلي عن جهوده لتشكيل حكومة جديدة بسبب محاولات الرئيس الفلسطيني "فرض" بعض الشخصيات الفلسطينية داخل الحكومة الجديدة. واشارت صحيفة "هآرتس" العبرية الى ان رئيس الوزراء الفلسطيني المكلف اصطدم بإصرار عرفات على ابقاء جهازي المخابرات الفلسطينية برئاسة توفيق الطيراوي وقوات الامن الوطني برئاسة اسماعيل جبر تحت قيادته المباشرة كما اصطدم بإصرار حركة "فتح" حزب السلطة على ابقاء وزير الداخلية الحالي هاني الحسن في منصبه رغم محاولات "ابو مازن" الحثيثة للتخلص منه ليعين بدلاً منه حكم بلعاوي، أحد أعضاء اللجنة المركزية ل"فتح" ومحمد دحلان مسؤول الامن الوقائي السابق في قطاع غزة نائباً لوزير الداخلية في قطاع غزة. وذكرت المصادر ذاتها ان "ابومازن" بات يدرك حجم "المصاعب التي تواجهه"، مشيرة الى التوقيت "السيء" لمهمته في وقت تشن فيه الولاياتالمتحدة حربها على العراق وتكيل له المديح في الوقت ذاته. وفي المقابل، صرح رئيس الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية زئيفي فركش امام لجنة الخارجية والأمن التابعة للبرلمان الاسرائيلي الكنيست بأن "ابو مازن معني بالتحدث مع اسرائيل واجراء مفاوضات". وقال المسؤول العسكري الاسرائيلي ان "ابو مازن" يريد "استبعاد العناصر المتطرفة والارهابية من صفوف الاجهزة الامنية الفلسطينية في اطار إعادة بنائها ولكنه يواجه عراقيل من قبل عرفات". وتابع انه "في حال إقدام عرفات على وضع العراقيل امام ابو مازن فهناك احتمال لفشل خطة الاصلاح الأمر الذي سيؤدي الى اندلاع أزمة جديدة" بين الفلسطينيين واسرائيل. ويأتي التركيز الاسرائيلي المفاجئ على رئيس الوزراء الفلسطيني المكلف بالتزامن مع تجديد الرئيس الاميركي جورج بوش ورئيس الوزراء البريطاني توني بلير التزامهما نشر خطة "خريطة الطريق" بعد تشكيل الحكومة الفلسطينية الجديدة كما ورد على لسان بوش امس في المؤتمر الصحافي المشترك في ختام قمة الحرب البريطانية - الاميركية في قلعة هلزبورو في مدينة بلفاست في ايرلندا الشمالية. ولفت المحللون الاسرائيليون بقلق الى تعهد بوش علناً وللمرة الاولى انه "مصر على بذل نفس القدر من الجهد الذي بذله بلير للتوصل الى تسوية في ايرلندا الشمالية للتوصل الى سلام في الشرق الاوسط". واعتبر هؤلاء هذه الاشارة "تحولاً" في مواقف بوش الذي نأى بنفسه عن قضية الشرق الاوسط منذ توليه منصبه بصورة معاكسة تماماً لسلفه الديموقراطي بيل كلينتون الذي اعتبر كثير من الاميركيين انه "انغمس اكثر من اللازم" في القضية الفلسطينية. ويرى الكثير من الاسرائيليين ان بوش قد ينتهي به الامر في النهاية الى حمل رؤيته الخاصة بإقامة دولتين فلسطينية واسرائيلية الى البيت اذا ما رفض الاستجابة لضغوط اسرائيل واللوبي النافذ المؤيد لها في مؤسسات صنع القرار في واشنطن تماماً كما فعل كلينتون الذي سحب عن الطاولة "أفكاره" التي عرضها على الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي عشية اندلاع الانتفاضة الفلسطينية في صيف عام 2000. وفي مؤشر آخر الى "القلق" الاسرائيلي، أرجأ دوف فايسغلاس مدير مكتب شارون زيارته التي كانت مقررة اول من امس الى واشنطن لعرض شروط تل ابيب على خطة "خريطة الطريق". وعزت بعض المصادر الصحافية الاسرائيلية هذا الإرجاء الى كون كوندوليزا رايس مستشارة الامن القومي الاميركي خارج الولاياتالمتحدة، إذ انها زارت موسكو ثم رافقت بوش في زيارته لايرلندا الشمالية.