لم يطابق حساب الحقل حساب البيدر، اذ لم تصح التوقعات التي سادت قبل اندلاع الحرب على العراق، بتأثر محدود للقطاع السياحي اللبناني وبتدفق الرعايا الخليجيين الى لبنان. وتعددت المعطيات التي استقتها "الحياة" من اصحاب "الكار" السياحي، الذين خالف بعضهم صحة هذه التوقعات، فمنهم من اشار الى تفضيل المواطنين العرب البقاء في دولهم لادراكهم بأن "شظايا" هذه الحرب لن تصيبهم. وافترض بعضهم ان "لا احد ينفق المال في ايام الحرب". فيما لاحظ آخرون ان "وجهتهم كانت قبرص". الارقام تشير الى وضع سياحي "معدم" لم يقتصر على لبنان، بل ينسحب على كل دول المنطقة وتلك المحيطة ببلد الصراع، وكذلك على اوروبا وأميركا البعيدة وبالتالي آسيا التي ضربها نوع آخر من الحروب هو "الفيروس الغامض". ووصف احد المتخصصين التأثير الذي عكسته هذه الحرب بأنه "اشد قسوة وخطراً من التداعيات التي تركتها احداث 11 ايلول سبتمبر 2001، خصوصاً على قطاع الطيران المدني في العالم، الذي لم يتعاف بعد من آثارالنكسة الاولى". اما المستقبل المنظور للنشاط السياحي في لبنان، اي فصل الصيف، فهو "ضبابي"، نظراً الى عدم وضوح السيناريوات الحربية من مختلف جوانبها. لكن رئيس شركة طيران الشرق الاوسط محمد الحوت توقع ل"الحياة" التعويض في فصل الصيف، كما رجح رئيس نقابة اصحاب الفنادق في لبنان بيار اشقر ان "يكون الموسم وسطاً". وبدأت تداعيات الحرب على واقع النشاطات الاقتصادية تبرز قبل اندلاعها فعلياً في 20 آذار مارس الماضي. وكشف الحوت ان "حركة الركاب في هذا الشهر تراجعت بنسبة 35 في المئة عن تلك المسجلة في الفترة نفسها من العام الماضي"، مشيراً الى ان "عدد الركاب انخفض من 196 ألف راكب الى 127 ألفاً". ولفت الى ان هذه النسبة تشمل حركة شركات الطيران العربية والاجنبية و"ميدل ايست"، لكنه اكد ان الشركة الوطنية قادرة على "تجاوز هذه الازمة، كما تخطت ازمة 11 ايلول، ويمكن ان تعوض في موسم الصيف. وبالتالي سيكون تأثير هذه الازمة عليها اقل من التأثير في الشركات الاخرى لأن شبكة الخطوط موضوعة في شكل مدروس، وسبق لها ان نفذت خطة اصلاحية". وشدد على ان "ذلك لن يؤثر ايضاً في مسار الشركة وهي ثابتة في مواعيد تسلم الطائرات الجديدة وفق قرار اتخذه مجلس الادارة، لأن الشركة تستبدل الطائرات ولا تزيد العدد في اطار التوسيع". وأشار الحوت الى كلفة اضافية في التشغيل نظراً الى التعديل في الممرات الجوية مع بدء الحرب، ما ادى الى زيادة في ساعات الطيران، لتتفاوت بين 45 و50 في المئة الى منطقة الخليج وبين 25 و30 في المئة الى اوروبا"، لكنه اعلن ان "تعديلاً جديداً طرأ على هذه الممرات بتقصيرها لتتراجع الزيادة في ساعات الطيران على المسارات الطبيعية، من معدل وسط كان يتجاوز الساعتين الى 60 دقيقة". الفنادق والحال في الفنادق لا تختلف، اذ اشار اشقر الى تراجع "نسبة الاشغال فيها في آذار الى اقل من 20 في المئة في بيروت وصفر في المناطق، في مقابل 80 في المئة عموماً في النصف الثاني من شباط فبراير الماضي". واوضح ان "التوقعات بمجيء العرب كانت غير صحيحة، وكنا اكدنا على ذلك، نظراً الى بناء ترجيحاتنا على الحجوزات". ولفت الى ان "المكاسب المحققة في شباط نسفتها التطورات في آذار". ورأى ان التراجع طبيعي، معتبراً ان "السياحة والحرب لا تتعايشان". واطلق اشقر "صرخة استغاثة لانقاذ القطاع الفندقي والسياحي قبل فوات الاوان، خصوصاً ان للحرب على العراق تداعيات لن تقتصر على العراق بل ستشمل كل الدول المجاورة ومنها لبنان". وقال: "لا ندرك حجم الكارثة اذا استمرت الحرب طيلة هذا الشهر". وطالب اشقر الدولة اللبنانية بان "تتحرك للتخطيط لفترة ما بعد الحرب بالتسويق والدعاية لضمان موسم اصطياف جيد، واتخاذ الاجراءات الداعمة للقطاع لحفظ ما تبقى من قدرة المؤسسات السياحية على الصمود ازاء الازمات" على اعتبار ان "هذا القطاع ما زال في طور اعادة تأهيل القطاع الفندقي والاعباء التمويلية باهظة فضلاً عن تكاليف الكهرباء والمياه والهاتف وبقية الخدمات". واضاف: "بدأت المؤسسات الفندقية تتلقى الفواتير تحت ضغط قطع المياه والكهرباء والهاتف". وطالب الدولة ب"التريث في مطالبة هذه المؤسسات بما يتوجب عليها من رسوم وضرائب والايعاز الى المصالح المعنية بعدم قطع امدادها بهذه الخدمات". واعتبر اشقر انه "في حال كان موسم الاصطياف سيئاً، فسيؤدي ذلك الى توقف عدد من الفنادق عن العمل وصرف عمالها قسراً ما يسبب ازمة اجتماعية سترتد نتائجها على الحكومة". ولفت الى الاجراءات التي اتخذتها الدول المجاورة التي تأثر فيها القطاع السياحي لدعم المؤسسات، "منها تركيا التي رصدت بليون دولار لدعم القطاع عبر سلسلة اعفاءات، وسورية التي ألغت الرسوم على مختلف المواقع السياحية، ومصر التي خفضت الضرائب ومددت الاستحقاقات المصرفية". وقالت مديرة المبيعات والتسويق في فندق "بريستول" في بيروت فيفيان سركيس ل"الحياة" ان "نسبة الاشغال في الفندق متدنية جداً بسبب الحرب"، لافتة الى ان "هذا الموسم ينشط عادة بسياحة المؤتمرات والمعارض العربية والدولية، وتستمر حتى منتصف تموز يوليو". وقالت ان "لا تصور لدينا لموسم الصيف". وكالات السفر والسياحة ورأى نقيب وكالات السفر والسياحة في لبنان جان عبود ان القطاع "لم يشهد تراجعاً في مبيعات التذاكر كالذي سجل في آذار الماضي، والذي وصل الى70 في المئة"، متوقعاً "مواصلة العمل بنسبة 30 في المئة فقط خلال هذا الشهر بسبب استمرار الحرب". ورجح ان "يتعثر بعض المؤسسات السياحية، في حال طال امد الحرب". ولم يخف عبود انعكاسات الحرب التي تخطت التوقعات "بحصول تأثير محدود كون لبنان بعيداً نسبياً، فضلاً عن مجيء المواطنين العرب، اذ يبدو ان لغة الحرب لم تؤثر عليهم في الداخل، ومن غادر منهم كانت وجهته الى قبرص". وكشف ان "لا حجوزات مسبقة لموسم الصيف المقبل". نشاط المطاعم وقال رئيس نقابة اصحاب المطاعم والمقاهي والملاهي بول عريس ل"الحياة" ان "التوقعات بمجيءالعرب لم تصح". ولفت الى "تراجع اقبال اللبنانيين نسبياً نظراً الى انشغالهم بمتابعة ما يجري في العراق". الرحلات البحرية اما حركة الركاب عبر مرفأ بيروت، فمن غير المتوقع ان تستأنف طالما استمرت الحرب، وكانت البواخر السياحية توقفت عن تنظيم الرحلات الى المرفأ منذ كانون الاول ديسمبر 2002، على ان تستعيد الحركة بدءاً من هذا الموسم، الا انها تأجلت بسبب اندلاع الحرب. وقال رئيس غرفة الملاحة الدولية في المرفأ ايلي زخور ل"الحياة" ان "مشروعاً اعد لزيادة عدد الرحلات البحرية الى بيروت، نظراً الى النشاط الذي سجلته العام الماضي بوصول بواخر كبيرة في رحلة تنظمها كل اسبوعين تتسع ل2500 سائح، لتصبح اسبوعية. وكانت اتخذت كل الاجراءات مع السلطات المختصة لتسهيل دخول السياح"