يتوافد يومياً اكثر من مئتي مريض الى مستشفى ام قصر جنوبي العراق الذي يعاني نقصاً شديداً في المياه وفي اليد العاملة، ناهيك عن ارتفاع درجات الحرارة التي بدأت تناهز ال 35 درجة مئوية في هذه الفترة من العام. واشتكى الدكتور محمد المنصوري مدير مستشفى ام قصر وهو يستقبل امرأة مسنة تنوء تحت الامها، فقال "منذ ثلاثة ايام لم نتلق اي ليتر من المياه. هل يمكن لمستشفى ان يعمل من دون مياه؟ وعدوني الاميركيون والبريطانيون بها".ويؤمن توزيع المياه الصالحة للشرب في مدينة ام قصر مبدئيا بواسطة انبوب متصل بشبكة كويتية، الا ان تسرباً في هذا الانبوب يحول دون وصول المياه الى المدينة التي تعد 40 الف نسمة وباتت خاضعة لسيطرة التحالف الاميركي - البريطاني بشكل كامل". وفي الايام الاولى من الهجوم تلقى واحد وثلاثون جريحاً العناية في هذا المستشفى الذي يضم 120 سريراً، وتوفي خمسة اشخاص اخرين. ولفت الطبيب الى ان "اثنين من الذين توفوا ماتوا متأثرين بجروحهما بعد ان نزفا لمدة ست ساعات من دون ان تتمكن سيارة اسعاف من الوصول اليهما بعد ان منع الجنود التنقل". وكان خمسة اطباء يعملون انذاك في قسم الطوارىء في المستشفى، الا ان احدهم اضطر للرحيل لاسباب شخصية فيما انتقل اثنان اخران للعمل في البصرة. وقبل بضعة اسابيع من الهجوم الاميركي البريطاني كانت مستشفى ام قصر تتضمن قسما لطب الاطفال وقسما لطب النساء اضافة الى جناح للعمليات الجراحية. اما حاليا فبات على "الدكتور محمد" كما يناديه مرضاه، ان يحقق معجزات حقيقية للاعتناء بالمرضى الذين يتدفقون الى المؤسسة. وعند المدخل هناك ثلاث سيارات اسعاف متوقفة لكن اطارات احداها مثقوبة. وفضلا عن المرضى العاديين يقوم الاطباء بتوفير العناية لمرضى كثيرين يعانون من مشكلات قلبية ناجمة عن الارهاق والاضطراب النفسي، من دون حساب حالات الاسهال وحمى التيفوئيد بسبب المياه الملوثة التي يشربها ابناء المدينة كما قال. والطبيب قلق ايضا من تدفق عشرات العراقيين الى المدينة خصوصا وان بينهم العديد مرضى من سفوان والزبير او البصرة حيث الوضع الامني اكثر تزعزعاً. وما يزيد من خطورة الوضع ارتفاع الحرارة بشكل مفاجىء في هذه المنطقة الفقيرة التي تتميز بمناخ صحراوي ما يجعل مياه الشفة مادة حيوية اكثر من اي وقت مضى.