يشرف المستشفى على أسرّة العناية المركزة خارج الرياض بواسطة الإنترنت. أما ما يثير الاهتمام حقيقة، فهو تطور «التيلي ميديسن»، ويقصد بذلك التشخيص والتوصية بالعلاج عن بعد. يرتبط مستشفى الملك فيصل التخصصي بجميع المستشفيات الحكومية في المملكة عبر هذه التكنولوجيا، بمعنى أن لدى التخصصي ملفات متنوعة لمرضى لم تطأ أقدامهم الرياض، وهذا برأيي عمل عظيم لا يمكن تجاهله. بدأ طب الاتصال مع مراكز أميركية كبرى في 1995، كان في طليعتها مستشفى جامعة «ديوك»، ويستمر حتى اليوم مع مراكز الطب العالمية كمستشفى «مايو كلينيك»، ومستشفيات أخرى ذات عراقة وتاريخ في المجال الطبي المتقدم، هذا بالطبع إضافة إلى مراكز الداخل. من المبادرات الخلاقة أيضاً، قرار المستشفى بتخصيص أطباء متخصصين لزيارة مرضى المستشفى خارج الرياض، بدلاً من زيارة المريض للمستشفى للمراجعة العادية، وتحمل عناء السفر والمشقة. وهذا يعني وضع أشخاص عدة في بيشة مثلاً ممن يراجعون التخصصي في موعد واحد، في مستشفى بيشة الحكومي ومعاينتهم جميعاً بواسطة دكتور التخصصي الذي وصل بالأمس لهذا الغرض. يستثنى من هؤلاء بالطبع بعض الحالات التي تتطلب وجود المريض بنفسه في الرياض. وحصل المستشفى على شهادات من منظمة الصحة العالمية لحوض البحر الأبيض في ممارسة «التيلي مديسين»، تضع هذه المبادرات في طليعة إنجازات هذا الصرح الكبير. كنت شاهداً على اتصال من مستشفى الطائف والشاشة أمامي، ورأيت دكتورة سعودية بجانبها دكتور آخر يستعرضون حالة مريض مع طبيب في التخصصي، وبجانبه ممرضة تدوّن الملاحظات. لم أستمر طويلاً في هذه الغرفة، لأن هؤلاء الأشخاص غارقون في تفاصيل لا أعرفها، ويتحدثون من دون عجل ويتجادلون أحياناً في تحليل بعض الأعراض لدى المريض، وكلٌ لديه وجهة نظر. هذا هو الطب وليس كتابة الروشتة حتى قبل أن يكمل المريض شرح الأعراض. أقسام «التيلي مديسين» أيضاً تشرف على عدد من غرف العناية المركزة عن بعد، أي خارج المستشفى وفي مدن متعددة من مدن المملكة، وبدأ العمل بهذه التكنولوجيا في 2008. يشاهد الطبيب المشرف في المستشفى التخصصي بالرياض أمامه شاشات عالية الجودة، تحمل معلومات عن أي سرير عناية مركزة تمّ وضعه ضمن هذه الدائرة، نظراً إلى حال المريض، سواء أكان في الدمام أم في حائل.