الذين شبهوا المعركة في العراق بالمعارك الفاصلة التي حدثت في تاريخ المسلمين، وبشروا بأن العراق مقبرة للأميركيين، بانتصارات تعيد الى الأمة مكانتها تسرعوا كثيراً، وبسطوا المشكلة الى حد كبير، وغفلوا عن سنن التغيير، وقوانين النصر والهزيمة والضعف والقوة. وكل معركة فاصلة حدثت في تاريخ المسلمين، ونقلتهم من الهزيمة الى النصر كمعركة حطين وعين جالوت سبقها إعداد وتحولات شملت الأمة على مختلف المستويات. فمعركة حطين كانت نتيجة لإصلاح فكري وسياسي وأخلاقي وإداري بدأ منذ عهد نور الدين الزنكي، واستمر مئة عام توحدت في أثنائها البلاد، وتقلصت مظاهر الفساد السياسي والصراعات المذهبية، ووجهت طاقات الأمة كلها الى معركة التحرير. تصور خاطئ أن نستعجل النصر العسكري على أعدائنا، ونحن على هذه الحال من الفوضى السياسية، وتهميش الشعوب، وانعدام المساءلة، وتردي القضاء، وتفشي الهدر وسوء الإدارة. تصور خاطئ أن نتوقع نصراً عسكرياً لا يدعمه اقتصاد قوي، ولا تقف خلفه أمة موحدة، وشعوب تنعم بالحرية، وقادة صادقون ومخلصون، ودول عربية تتمتع بإرادة سياسية حرة ومستقلة تعبر عن تطلعات شعوبها. إن ذلك لا يعني أن لا يدافع المرء عن أرضه إذا وطئتها أقدام الغازي الأجنبي، وإنما يعني أن ندرك ان النهوض الحقيقي، والنصر الحقيقي، لا يمكن أن يحدثا في ظل فكر جامد، وأنظمة... مستبدة، وشعوب نائمة في معظمها لا تتحرك من أجل حريتها. دمشق - الدكتور ياسر العيتي [email protected]