جاء اليوم الذي بعت فيه "المستانغ"، ولحقه ثلاثة أيام من "المعاملة الصامتة" لي من طارق الذي لم يبلغ سنواته الثلاث. فهو وأخوه عماد، مغرومان بالسيارات. وهذا طبيعي كونهما صبيان وأشتري لهما سيارات للعب. زد على ذلك إحساس فائض بالحشرية أدى الى أسئلة عن أنواع السيارات على اختلافها وتعدد أسمائها... وعن سرعاتها وقوة محركاتها. كل من لديه "شباب" يدرك ولعهم بالسيارات. سألني عماد عندما بلغ ثلاث سنوات من العمر عن اسم سيارتي فقلت له: "مستانغ". ومذذاك راح يسألني عن السيارات التي يراها على الطريق، فضلاً عن تلك التي يلعب بها. وفي كل مرة كنت أجيبه. ثم شرع يعطي طارق، أخوه الصغير، دورساً عنها، فصارا يتباهان بها أمام الأصدقاء ويحددان لهم أيتها أسرع، المستانغ، الفيراري، البورش، اللامبورغيني، الهوندا أو البيجو الخ... ولكن حبهما الدفين كان للمستانغ. نعاملهما كالراشدين ولا نترك سؤالاً من دون جواب ولا نعطيهما أجوبة مبهمة. وبطبيعة الحال صار لديهما معرفة واسعة بالسيارات. كانت القناعة ان المستانغ من السيارات السريعة والنادر من بقية الطرازات أسرع منها. رسخت هذه الفكرة في ذهنيهما لكن بالنسبة الى طارق المستانغ هي الأسرع وكل يوم في الطريق الى المدرسة ومنها، يصرخان لأصحابهما ومعلماتهما ليأتوا ويمتعوا نظرهم بالمستانغ. وعلمت لاحقاً انه في معظم وقت المدرسة يتطرق عماد وطارق في أحاديثهما الى سيارتنا المستانغ والى شغفهما بها وبالسرعة وهدير المحرك الكبير الذي يسيئ الى حنجرتيهما حين يقلدان الصوت. وفي يوم "الفاجعة" بعد أن أتممت صفقة البيع، عدت الى البيت وأخبرت عماد وطارق ان المستانغ بيعت ولم تعد لنا. عماد انزعج قليلاً لكنه تقبل الموضوع على أساس اننا سنشتري سيارة بديلة. طارق تسمر مكانه ودمعت عيناه، ثم راح يبكي ويسأل: "لماذا؟ أنا لا أريد إلا المستانغ ولا أحبك". فشرحت له الأسباب مفصلة لعلها تروي حشريته، بمساعدة أخيه، من طقطق الى السلام عليكم، لكنه أبى أن يقنع. وبقي ثلاثة أيام لا يكلمني لأنني بعت "سيارته". ولا يزال حزيناً على "خسارته"...