يتمتع الجنرال الاميركي المتقاعد جاي غارنر الذي وصل امس الى بغداد لتولي مهماته على رأس الادارة المدنية الموقتة في العراق، بخبرة واسعة في الشرق الاوسط، لكنه يثير جدلا كبيرا بسبب علاقته الوثيقة بقطاع الاسلحة واسرائيل. غارنر بشعره الاشقر ووجهه المستدير والذي يتمتع بروح المرح، 64 عاماً من العمر، ويتكلم اللغة الانكليزية بلهجة الجنوب الاميركي. وهو يوحي بالثقة ويرد بسهولة على الاسئلة ويشجع باستمرار مرؤوسيه المقبلين. وقد اختير ليكون المدير المدني الموقت المسؤول عن الجهود الاولى لاعادة الاعمار المدني والمساعدة الانسانية في العراق، نظراً الى سمعته الجيدة كخبير محنك في الشؤون اللوجستية. لكنه مثير للجدل. وغارنر صديق شخصي لوزير الدفاع دونالد رامسفيلد. وهو عمل في القطاع العسكري في منصب نائب رئيس اركان القوات البرية الاميركية. وقبل ذلك كان قائد الدفاع الاستراتيجي والفضاء في القوات البرية، الهيئة التي انشئت في اطار برنامج الدفاع المضاد للصواريخ حرب النجوم والعزيز على قلب الرئيس السابق رونالد ريغان. وفي حرب الخليج الثانية 1991 كان مسؤولاً عن انظمة صواريخ "باتريوت" المضادة للصواريخ قبل ان يكلف في نهاية النزاع بضمان عودة اللاجئين الاكراد الى شمال البلاد. ويقول زملاؤه السابقون انه رجل يتصف "بالرأفة واللطف ويهتم كثيراً بشؤون العالم". وبعدما غادر الجيش العام 1997، وعلى رغم خبرته شبه المعدومة في القطاع الخاص، عين غارنر رئيساً لمجلس ادارة "اس واي تكنولوجي" الشركة التي اشترتها العام الماضي المجموعة الصناعية الدفاعية "ال-3 كوميونيكيشن" المتخصصة في التحكم بالصواريخ. وغادر هذه المؤسسة في كانون الثاني يناير الماضي. وتثير صلته هذه بالقطاع العسكري الصناعي لإدارة العراق مدنيا بعد الحرب تساؤلات عن تضارب في المصالح. وتعيين عسكري اميركي سابق لإدارة جهود لإعادة إعمار بلد بعد الحرب ليس أمراً جديداً جاك كلاين عين العام 1999 ممثلاً في البوسنة للأمين العام للأمم المتحدة. لكن الأمر الجديد هو تعيين شخص كان يقود شركة مسؤولة جزئياً عن دمار بلد، على رأس عملية اعادة اعماره. وقال استاذ علم الاخلاق في جامعة بيركلي ديفيد كيرب "انه مثال رائع عن استهتارنا بالشعب العراقي. وهذا يعكس كثيراً غياب الجدية في التفكير لدى ادارة الرئيس جورج بوش". وخلال ترؤسه الشركة نفسها اتهم غارنر الصيف الماضي باستغلال نفوذه. وقد اتهمه اللفتنانت كولونيل السابق في قيادة الفضاء بيف بيكر بأنه حصل على عقود بقيمة مئة مليون دولار من وزارة الدفاع الاميركية البنتاغون مستغلا علاقاته. ونفى غارنر ان يكون خالف القانون بأي شكل من الاشكال. وادعى على بيكر امام القضاء بتهمة التشهير، قبل تسوية القضية ودياً وبشكل سري خارج اطار المحاكم في كانون الثاني الماضي. من جهة اخرى، اتهمه بعض الاوساط العربية بأنه "صهيوني" بسبب مواقفه السياسية المؤيدة لاسرائيل وعلاقاته مع المعهد اليهودي لقضايا الأمن القومي. وربما يكون هذا هو السبب الذي دفع البنتاغون الى تأكيد انه لن يبقى في منصبه اكثر من شهور لتحلّ محله شخصية مدنية تتمتع بسمعة دولية.