في الوقت الذي تستعد الولاياتالمتحدة للاعلان رسمياً عن "خريطة الطريق" بعد ان يشكل رئيس الوزراء الفلسطيني محمود عباس ابو مازن حكومته، سعت الدولة العبرية الى جر الفلسطينيين الى ردود افعال عنيفة رداً على سياسة القتل والتدمير المستمرة في الاراضي الفلسطينية. ومن اجل افشال أي محاولة للتهدئة، وبالتالي تأجيل استحقاقات عملية السلام الجاري انعاشها ببطء حالياً، اقدمت قوات الاحتلال على ارتكاب مجزرة جديدة في مدينة رفح اسفرت عن استشهاد خمسة فلسطينيين وهدم منازل ونفقين تحت الارض، وذلك في واحدة من سلسلة المجازر البشعة التي ارتكبتها في المدينة الحدودية المنكوبة منذ اندلاع الانتفاضة قبل اكثر من 30 شهراً. كما استشهد شاب سادس في مواجهات في مدينة قلقيلية شمال الضفة الغربية. استباقاً لتشكيل حكومة محمود عباس ابو مازن المتوقعة خلال اليومين المقبلين في حال تسوية الخلافات، سارعت قوات الاحتلال الاسرائيلي الى ارتكاب مجزرة بشعة جديدة في مدينة رفح 40 كيلومتراَ جنوب مدينة غزة في وقت شهدت فيه المدينة هدوءاَ شبه تام منذ ايام طويلة خلت، كما باقي مدن قطاع غزة وقراه ومخيماته. وقتلت قوات الاحتلال خمسة شبان وجرحت نحو 30 آخرين في طريقها الى هدم منازل عدد من ناشطي الانتفاضة المتواصلة منذ ايلول سبتمبر عام 2000، في حين قتلت سادساَ في بلدة عزون شمال شرقي قلقيلية في الضفة الغربية. وتمكن الفلسطينيون من قتل جندي اسرائيلي وجرح ثلاثة آخرين، جراح احدهم خطيرة، عندما فجروا عبوة ناسفة اسفل دبابتهم في مدينة رفح التي اجتاحتها 50 آلية ودبابة وجرافة تساندها ثلاث مروحيات من نوع "اباتشي" الاميركية الصنع في ساعة متقدمة من ليل السبت - الاحد. واسفرت العملية التي استغرقت ست ساعات، عن هدم نفقين تحت الارض، كما تزعم اسرائيل، وخمسة منازل كلياً ونحو 25 منزلاً جزئياً، وتدمير 15 سيارة مدنية، من بينها سيارة اسعاف. وقال الباحث الميداني في المركز الفلسطيني لحقوق الانسان في المدينة يوسف ابراهيم ل"الحياة" ان دبابات الاحتلال وآلياته توغلت في المدينة من محورين، شمالي وجنوبي، قبل ان تتجه شرقاً وتحاصر بلوك "ج" ومخيم الشعوت ويبنا الواقع جنوبالمدينة بمحاذاة الشريط الحدودي الفاصل بين فلسطين ومصر. واضاف ان قوات الاحتلال نسفت اربعة منازل بالديناميت وهدمت خامساً بجرافة كلياً، و25 منزلاً بشكل جزئي، وحاصرت مقراً لجمعية الهلال الاحمر ومنعت سيارات الاسعاف من مغادرة المقر والتوجه الى اماكن الاحداث لانقاذ الشهداء والجرحى. وقالت مصادر طبية في مشفى الشهيد ابو يوسف النجار في المدينة ان جراح 10 من المصابين خطيرة، في حين اصيب آخران بجروح خطيرة جداً. واعلنت المصادر نفسها ان الشهداء الخمسة هم محمود أحمد ابو كرش 15 عاماً واصيب بعيار ناري في البطن، ومحمد ابراهيم الحمايدة 14 عاماً وأصيب بعيار ناري في البطن والساق، وسعيد ابراهيم المصري 28 عاماً واصيب بعيار ناري في الرأس، وسعدي جمعة ابو حدايد 26 عاماً وأصيب بعيار ناري في الرأس، وحسين محمود زنون 22 عاماً وأصيب بعيار ناري في الرأس والصدر. وقال شهود ل"الحياة" ان قوات الاحتلال واجهت مقاومة عنيفة اثناء اجتياحها المنطقة، وان مقاومين عن كل الاجنحة العسكرية التابعة للفصائل المسلحة شاركوا في التصدي لقوات الاحتلال. وقالت "كتائب شهداء الاقصى"، الذراع العسكرية لحركة "فتح" انها تمكنت من تدمير دبابة اسرائيلية، ما أدى الى مقتل جندي وجرح ثلاثة اخرين فيها، في حين اعلنت "كتائب المقاومة الوطنية"، الذراع العسكرية ل"الجبهة الديموقراطية" ان مجموعاتها دمرت دبابتين. "القسام" تطلق "القسام" على اسرائيل وقالت "كتائب القسام"، الذراع العسكرية ل"حركة المقاومة الاسلامية" حماس انها قصفت بلدة سدوروت جنوب اسرائيل بخمسة صواريخ من نوع "قسام"، ما ادى الى اصابة اسرائيلية بجروح واحتراق احد منازل البلدة. من جهة اخرى، استشهد الفتى عبدالرحمن زهدي عابد 16 عاماً واصيب آخران في بلدة عزون الواقعة شمال شرقي مدينة قلقيلية شمال الضفة. وقالت مصادر فلسطينية ان قوات الاحتلال أطلقت النار على الفتى عابد اثناء عودته من المدرسة الى منزل عائلته ظهر امس. الى ذلك، اعلنت "سرايا القدس"، الذراع العسكرية لحركة "الجهاد الاسلامي" في بيان لها امس اسم منفذ عملية "شاكيد" الاستشهادية، وقالت ان انس عجاوي 23 عاماً من مدينة جنين هو منفذ العملية التي أصيب فيها جنديان وحارس في ساعة متقدمة من ليل السبت - الاحد في مستوطنة "شاكيد" الجاثمة فوق اراضي المواطنين جنوب غربي جنين قرب بلدة يعبد شمال الضفة. وكان عجاوي اقتحم المكان واطلق النار على الجنود والحارس قبل ان يستشهد برصاص رفاقهم. السلطة تندد بالعدوان الاسرائيلي من جانبها، نددت القيادة الفلسطينية بالعدوان العسكري والارهاب الاسرائيلي. واعتبر ناطق رسمي فلسطيني في تصريح بثته وكالة الانباء وفا ان "نيات حكومة اسرائيل وجيشها" تتمثل في "الاستمرار في حربها التدميرية الواسعة المفروضة على شعبنا وأرضنا ومقدساتنا واستغلال انشغال العالم في الحرب على شعب العراق الشقيق". واضاف ان العدوان الاسرائيلي يأتي "في وقت تعمل فيه القوى العالمية الصديقة بكل جد لطرح خريطة الطريق وتنفيذها على الارض كما هي"، مشدداً على ان "هذه القوى المتطرفة في اسرائيل تصّر على مواصلة حربها ضد ابناء شعبنا رجالاً ونساءً وأطفالاً وتريد تغيير الواقع الديموغرافي والجغرافي على الارض من خلال عمليات التهويد والاستيطان المتنامي وابتلاع المزيد من الأراضي الفلسطينية بالمصادرة، ولأنها لا تريد اقامة السلام العادل والشامل والدائم من اجل مصلحة شعبنا ومن اجل مصلحة اطفالنا واطفالهم".