أعلنت الحكومة المغربية خطة استراتيجية في مجال الطاقة والنفط تهدف الى تنويع مصادر التزود من الاسواق الدولية بعد انتهاء الحرب على العراق والسماح للشركات الدولية بالاستثمار في مجالات النفط والغاز والكهرباء وتسويق المحروقات وتعميم الكهرباء في الارياف استعداداً لتحرير قطاع الطاقة بالكامل في افق سنة 2007. جاء في وثيقة تدارستها الحكومة المغربية وحصلت "الحياة" على نسخة منها ان الخطة الاستراتيجية، التي تم اعتمادها اواخر الاسبوع الماضي خلال اجتماع عقده رئيس الوزراء ادريس جطو، تتضمن ستة محاور يمتد العمل بها خلال السنوات الاربع المقبلة وتشمل اجراءات آنية واخرى متوسطة الأمد. وتقضي الخطة بضمان تزويد السوق المغربية بانواع مختلفة من الطاقة "في جميع الظروف والاحوال" من خلال تنويع مصادر الموارد المستوردة وزيادة حجم المخزون الاستراتيجي من النفط المقدر حالياً بما يكفي لتغطية الاستهلاك المحلي لمدة ثلاثة شهور، وفي حين سيحافظ المغرب على مزوديه الرئيسيين من النفط الخام من دول الخليج العربي وخصوصاً السعودية، تقرر تنويع الاسواق والاستيراد من دول اخرى وخصوصاً الجزائر التي سترتفع كميات الغاز الطبيعي المستوردة منها بعدما قرر المغرب تعميم استخدام الغاز في الصناعة والمنازل بحلول سنة 2005 انطلاقاً من محطة تحضارت الحرارية قرب طنجة. ولم تكشف الوثيقة عن المصادر الجديدة للطاقة، لكن المغرب ربما قرر تعويض وارداته من العراق بدول اخرى في المنطقة بانتظار اتضاح الرؤية في بغداد. وكان العراق احد اهم مزودي المغرب من النفط الخام في اطار برنامج النفط مقابل الغذاء، الى جانب السعودية وايران، وكانت حصة العراق من واردات النفط المغربية قبل حرب الخليج الثانية في التسعينات تقدر بنحو 52 في المئة. وبلغت كلفة واردات المغرب من النفط الخام العام الماضي نحو 1,7 بليون دولار ويتوقع زيادة مقدارها 300 مليون دولار على فاتورة النفط الخام في حال عادت الاسعار الى الارتفاع خلال السنة الجارية. ويمثل قطاع الطاقة نحو سبعة في المئة من اجمالي الناتج المحلي، أي ما يعادل حجم قطاع السياحة في الاقتصاد. وجاء في الوثيقة ان "السلطات العمومية ستضطلع بدورها في مجال التنسيق والمراقبة ووضع الاصلاحات اللازمة لتنمية التعاون الاقليمي والدولي لتشجيع عناصر التكامل في المنطقة"، في اشارة الى التعاون مع الجزائر في مجال انبوب الغاز المغاربي والتعاون مع اسبانيا في مجال الربط الكهربائي عبر مضيق جبل طارق. وقرر المغرب بناء وحدات جديدة لتخزين النفط للاستخدام في حالات الطوارئ وتقوية المنشآت القائمة واخضاعها الى انظمة السلامة وحماية البيئة، تحسباً لعدم تكرار تجربة الحرائق التي نشبت العام الماضي في جزء كبير من مصفاة التكرير في شركة "سامير" في ميناء المحمدية في جنوبالرباط والتي كانت تؤمن 80 في المئة من حاجات المغرب المقدرة ب10 ملايين طن. وتبحث "سامير" منذ فترة في امكانية استثمار 720 مليون دولار لبناء وحدات تكرير جديدة وتطالب بإرجاء برنامج تحرير القطاع لتنفيذ مشاريعها. لكن الشركات الدولية الاخرى، وخصوصاً "رويال داتش/شل" و"توتال فينا الف" و"موبيل" تحبذ خطة الحكومة التي تقوم على تسريع وتيرة تحرير قطاع الطاقة. وسمح لتلك الشركات بتوريد النفط المصفى من دون دفع رسوم قبل واثناء وبعد الحرب على العراق. وتقدر الضرائب على الطاقة في المغرب بنحو 1,2 بليون دولار، اي 14 في المئة من مجموع الضرائب. وكانت الضرائب على الطاقة تراجعت في المغرب بنسبة 28 في المئة خلال الفترة بين 1997 و2000. وسيتم اقتطاع جزء من الضرائب على الطاقة لتمويل مشاريع الكهربة الريفية في المناطق النائية وتعميم تزود البادية المغربية بالكهرباء بحلول سنة 2007. ويسمح قانون المحروقات المعروض على البرلمان للشركات الدولية بالاستثمار في انواع الطاقة كافة والتنقيب والمعالجة والتسويق بحرية كاملة. وقالت الوثيقة ان حجم الاستثمار في الطاقة يقدر حالياً بنحو 800 مليون دولار وتسعى الرباط الى جذب استثمارات جديدة الى قطاع الطاقة لا تقل عن 1,5 بليون دولار سنوياً، بما في ذلك مشاريع التنقيب في عدد من سواحل البلاد وخصوصاً في مناطق المحيط الاطلسي الجنوبية. ويراهن المغرب على امكانية اكتشاف النفط في بعض المناطق قبالة السواحل، لتقليص الاعتماد على مصادر الطاقة الخارجية التي تشكل نحو 14 في المئة من اجمالي الواردات، ما يجعل الاسعار المحلية الاغلى عربياً ويحد من تنافسية الصناعات الموجهة للتصدير. وينتظر ان يؤدي الانفراج في علاقات دول المغرب العربي، خصوصاً بين المغرب والجزائر، الى انشاء انابيب جديدة للنفط والغاز بعضها من نيجيريا وسط افريقيا، في اطار برنامج سياسة التنمية الافريقية الجديدة نيباد التي تدعمها الولاياتالمتحدة في المنطقة وتقدر كلفتها بنحو سبعة بلايين دولار.