أعلنت الحكومة المغربية أمس تعليق فرض الرسوم الجمركية على واردات النفط ومشتقاته الى حين استعادة نشاط التكرير في شركة "سامير" النفطية في المحمدية، التي كانت تعرضت الى حريق كبير في 26 تشرين الثاني نوفمبر الماضي، دمّر جزءاً من وحدات الانتاح الرئيسة في المحطة التي تنتج نحو ثمانية ملايين طن من المحروقات. وقالت الحكومة ان قرار تعليق الرسوم الجمركية على واردات الطاقة يهدف الى ضمان تزويد السوق المحلية بالمحروقات ومشتقات النفط والفيول وزيوت المحركات، استجابة لطلب الموردين من أجل تعويض النقص المسجّل في إنتاج النفط والزيوت منذ الفيضانات الأخيرة. وبموجب القرار الجديد الذي يحتاج الى مصادقة إضافية من مجلس الوزراء، يُسمح للشركات المحلية والأجنبية العاملة في المغرب باستيراد النفط والمحروقات من الأسواق الدولية بحرية، شرط المحافظة على توازن العرض والطلب، وحماية الأسعار. وكانت "سامير" قبل الحريق الأخير الذي كبّدها خسائر تزيد على 400 مليون دولار، تُعتبر المزود الرئيسي للسوق المحلية بنحو 80 في المئة من حاجاتها، تستوردها أساساً من السعودية وايران والعراق. ويُنتطر ان يستورد المغرب هذه المرة النفط المكرر من الجزائر وليبيا اللتين يمكنهما تعويض نحو 30 في المئة من الحاجات المحلية. وكان وفد من شركة "سوناطراك" الجزائرية قام بزيارة للمغرب عقب الحريق، وتفقد موقع "سامير"، عارضاً الرغبة في التعاون في مجال الطاقة مع المغرب، بما في ذلك إمكان إصلاح الأضرار التي وقعت في محطة التكرير في المحمدية. وتخطط "سامير" منذ فترة لاستثمار نحو 720 مليون دولار لتحديث وتوسعة محطة التكرير التي يعود إنشاؤها الى نهاية الخمسينات. ويملك المغرب وحدتين للتكرير في المحمدية وسيدي قاسم شمال الرباط لانتاج عشرة ملايين طن من النفط ومشتقاته. وحسب مصادر وزارة الاقتصاد، فان استيراد الغازاويل والنفط الممتاز والعادي والفيول والزفت لن يخضع للرسوم الجمركية ابتداءً من 20 كانون الأول ديسمبر الجاري الى حين صدور قرار جديد يتوقع المراقبون ان يمتد الى منتصف السنة المقبلة، وهي المهلة التي حدّدها الخبراء لاستعادة النشاط في "سامير" المملوكة بنسبة 67 في المئة لمجموعة "كورال اويل" السعودية في السويد. وقالت "سامير" ان خسائرها الأولية من الحريق تقدر ب150 مليون دولار من دون احتساب توقف الإنتاج، وهي مشمولة بتغطية إئتمانية دولية بنسبة 95 في المئة على المعدات والأجهزة. وتتخوف الشركة من فقدان الريادة في السوق النفطية المغربية لفائدة منافساتها "دتش شل" و"توتال فينا" و"موبيل" التي شرعت في توريد النفط المكرر من محطاتها في عدد من دول الاتحاد الاوروبي. وكان النفط المكرر المستورد يخضع قبل الحريق والفيضانات لرسوم جمركية بنسبة 17 في المئة منذ الصيف الماضي، تاريخ بداية العمل في برنامج تحرير قطاع الطاقة الذي سيمتد حتى سنة 2007. ويستورد المغرب حاجات نفطية بقيمة بليوني دولار معظمها من دول الخليج. واعتبرت المصادر انه حتى في حال حدوث أزمة نفطية على المستوى الدولي بسبب التهديدات بالحرب ضد العراق، فان الشركات المعنية التزمت تزويد السوق المحلية في نفس الظروف العادية من دون تغيير في الأسعار التي تراوح بين 0.5 و 0.9 دولار للتر الواحد من البنزين. وتعوّل الموازنة المغربية على عائدات الضرائب على النفط في نحو بليون دولار تمثل أحد أهم مصادر الخزانة من الضرائب غير المباشرة. يذكر ان الفيضانات والحرائق التي تلت الأمطار الطوفانية التي شهدها المغرب أخيراً خلفت خسائر مادية كبيرة وأدت الى مقتل 65 شخصاً وتوقف العمل في عدد من الوحدات الصناعية في منطقتي المحمدية وبرشيد وسطات. وخصصت الحكومة 120 مليون دولار لتعويض المتضررين وإعادة بناء التجهيزات التي دمّرتها المياه.