شيّع مخيم برج البراجنة امس الفلسطيني ثائر نايف عثمان الذي تطوع للدفاع عن العراق، فقضى في الغارة الأميركية على الحافلة التي تقله قرب الحدود السورية الاسبوع الماضي. وكان عثمان جاء مباشرة من هولندا حيث يعيش منذ 13 عاماً، الى سورية واستقل منها الحافلة الى بغداد. وأمام مبنى السفارة العراقية في الحازمية شرق بيروت تحلق خمسة شبان يتهامسون وفي يد أحدهم ورقة ممهورة بخاتم السفارة، هي عبارة عن تأشيرة دخول جماعية أصدرتها السفارة باسمهم لأنهم أصروا على نيلها بعدما طُلب منهم العودة بعد عشرة أيام، قائلين: "لا يعرف أحد ما قد يحصل بعد عشرة أيام". وتتألف هذه المجموعة من ثلاثة لبنانيين وفلسطينيين اتفقوا على الذهاب الى العراق عبر سورية لمحاربة القوات الاميركية والبريطانية. وفي تلك الاثناء، كان آخرون يعطون أسماءهم وأرقام هواتفهم لموظف السفارة يسجلها على ورقة، واعداً بالاتصال بهم. وطالب كثر بأن تقوم جمعية بتنظيم ذهاب المتطوعين وتأمين المال لهم. وقال الملحق الثقافي في السفارة العراقية في بيروت نوري التميمي ل"الحياة": "ذهبت خمس مجموعات تتألف كل واحدة من نحو 40 شخصاً نالوا تأشيرات من السفارة". وأوضح ان "السفارة تتبع الاجراءات القانونية العادية لناحية صلاحية الجواز وموافقة ولي الأمر وملء استمارة، للحد من ذهاب المتطوعين". وقبل ان يصعدوا الى الحافلة التي ستقلهم الى العراق أدى المتطوعون الذين تتراوح اعمارهم بين 19 و25 عاماً الصلاة أمام السفارة. وفيما كان احدهم يودع زوجته واطفاله الذين رافقوه عانق آخر مطولاً والده قبل الصعود الى الحافلة وهو يحمل على غرار رفاقه الاخرين كيساً صغيراً يحوي أغراضه. وأكد التميمي، ان "بادرة هؤلاء الشبان تؤكد انهم مدركون مثل الشعب العربي كله بأن الأمة العربية كلها مستهدفة بالعدوان الاميركي - البريطاني وليس العراق وحده". واضاف انه "رد فعل طبيعي للدفاع عن النفس لأن معركة العراق هي معركة جميع العرب". وفي بغداد أكد وزير الخارجية العراقي ناجي صبري ان عدد المتطوعين العرب "تعدى الخمسة آلاف" متطوع من مختلف الدول العربية. "فتح" وأكد مسؤول حركة "فتح" في بيروت منير المقدح ان مئات المتطوعين الفلسطينيين توجهوا الى العراق "للقتال الى جانب الشعب العراقي ضد الغزاة الاميركيين والبريطانيين". وقال المقدح إن "مئات المقاتلين في الجيش الشعبي ارسلوا الى العراق عن طريق الدول المجاورة". وأضاف: "لدينا مقاتلون مدربون بشكل جيد لكنهم لم يتمكنوا من القيام بواجبهم ودعم اشقائهم الفلسطينيين عسكرياً، فقرروا التوجه الى العراق مستفيدين من بقاء حدود بعض الدول العربية مفتوحة". وفي الجزائر، أعلن مسؤولون امس ان مزيداً من المتطوعين الجزائريين للقتال إلى جانب العراقيين ودعوا عائلاتهم لمواجهة ما يعتبرونه "حرباً صليبية" تقودها الولاياتالمتحدة ضد المسلمين. واحتشدت اعداد كبيرة من الشبان المتحمسين "للجهاد" في السفارة العراقية في العاصمة الجزائرية، بينما دعا نواب الى محاكمة دولية للرئيس الاميركي جورج بوش. وذكرت السفارة قبل سبعة أيام انها منحت نحو 100 تأشيرة لجزائريين يريدون "الجهاد"، لكن المستشار الاعلامي في السفارة شاكر الفلاحي قال إن عدد طالبي التأشيرة التي تعطى مجاناً، تضاعف كثيرا خلال الايام القليلة الماضية. واضاف رافضاً تقديم رقم محدد: "المتطوعون في تزايد. العدد جيد حتى الآن، وما زلنا نستقبل الشبان يومياً". وتابع مشيراً إلى مجموعة من المتطوعين ينتظرون تسلم التأشيرة: "انظر الى تلك القاعة المملوءة. انهم من مختلف الاعمار والمهن". وأعلن وزير الإعلام العراقي محمد سعيد الصحاف في وقت سابق أمس ان طائرة حربية اميركية هاجمت اول من أمس الاثنين حافلتين تقلان ناشطي سلام اميركيين وبريطانيين على الطريق بين بغداد وعمان، موضحاً ان هذا الهجوم أسفر عن سقوط جرحى. وقال الصحاف في مؤتمر صحافي في بغداد ان طائرة عسكرية اميركية هاجمت حافلتين تقلان مدنيين غربيين بينهم اميركيون، موضحاً ان هؤلاء "دروع بشرية يدافعون عن مواقع مدنية". وأضاف: "جرح عدد كبير منهم ونقلوا الى مستشفى الرطبة على الحدود مع الاردن. الاميركيون البواسل بدأوا يطلقون النار على الاميركيين". ورد البريغادير جنرال فنسنت بروكس وهو احد القادة العسكريين الاميركيين في الحرب على العراق امس انه لا يستطيع تأكيد التقارير التي تحدثت عن قصف طائرات اميركية لحافلتين تقلان متطوعين دوليين.