انهى المخرج الإيراني محمد ضورمنش تصوير المشاهد الأخيرة من فيلمه الروائي الطويل "حب على مقياس ريختر"، الذي تدور أحداثه المفترضة في مخيم جنين ابان الحصار والاجتياح اللذين تعرض لهما المخيم وبقية مدن الضفة الغربية ومخيماتها من القوات الاسرائيلية التي فوجئت بمستوى المقاومة التي أبداها أبناء المخيم، وكبدوا خلالها قوات الاحتلال أفدح الخسائر، فكان انتقامها من الحجر والبشر في غاية القسوة والهمجية، ما حدا بالمبعوث الأوروبي تيري رود لارسن الى وصف ما حدث في المخيم بأنه شبيه بزلزال. يحكي الفيلم قصة طالبين فلسطينيين شاب وفتاة عادا لتوِّهما من بريطانيا، حيث يدرسان، ليقيما حفلة زفافهما في المخيم في الفترة التي تعرض لها للحصار ومن ثم الاجتياح. تتكشف شخصية الشاب حسان عن تردد وخذلان في مستوى انتمائه الى القضية، ما يربك علاقته بمحيطه وبزوجته هيام التي تبدي تماسكاً وصلابة في مواجهة الظروف المأسوية التي يتعرض لها المخيم بما حفلت به من رعب ودموية تفوق التصور، حاول المخرج أن يؤرخ لها اعتماداً على شهادات أبناء المخيم، فيصور تفاصيل الحياة اليومية للأهالي وهم يدافعون عن مخيمهم ويصرون على التشبث بمواقعهم الأخيرة، فيما الجرافات والدبابات الاسرائيلية تهدم بيوتهم وتفجرها على رؤوس سكانها. قام بأداء الأدوار الرئيسة كل من الممثلين السوريين: ريم علي، جهاد سعد، عابد فهد، طارق مرعشلي، ميسون أبو أسعد، نادية حمزة وآخرون. وصورت معظم المشاهد في بلدة غروشا التي تبعد نحو 30 كيلومتراً عن العاصمة دمشق قرب سفوح جبال الشيخ الشرقية، إذ رأى المخرج تشابهاً بين جغرافيتها وجغرافية المخيم. وقد عمل فريق الفيلم في ظروف مناخية قاسية، بخاصة أثناء العاصفة الثلجية، ما أثر الى حد ما في العمل. وبالطبع، فقد حفل الفيلم بمشاهد المجاميع وحركة الآليات العسكرية، والتفجيرات التي عمل عليها خبراء مؤثرات ايرانيون، واستلزم الأمر اعادة تصفيح دبابات روسية الصنع لتبدو شبيهة بالدبابات الاسرائيلية، وإحداث دمار كبير في بيوت بُنيت هناك بغرض تفجيرها. استغرق تصوير الفيلم ثلاثة أشهر كان طاقم الفيلم ينتقل خلالها يومياً بين دمشق وغروشا، تلك البلدة التي لم يسبق لسكانها أن رأوا موقعاً للتصوير، ما أثار فضولهم واستغرابهم، خصوصاً وهم يسمعون دوي الانفجارات وأزيز الرصاص قربهم. يذكر ان للمخرج محمد ضورمنش فيلماً روائياً واحداً أنجزه بعد تجربة طويلة في التصوير والمونتاج. وهو يقول ان تجربته هذه أكسبته معارف سينمائية أهَّلته للعمل الإخراجي في وقت تقوم صناعة السينما الايرانية على نجوم كبار، حظي بعضهم بشهرة عالمية واسعة مثل عباس كيورستامي ومحسن مخملباف ومجيد مجيدي وبرهان بيضائي وداريوش مهرجوي. وربما تكون تجربة المخرج المديدة في التصوير هي التي دفعته للإصرار على تضمين مشاهد العرس في الفيلم لقطات للألعاب النارية الليلية، على رغم اعتراض معظم فريق العمل على ذلك، كون العرس الفلسطيني لا يحتوي على احتفال من هذا القبيل، وهو ما أشارت اليه الممثلة الفلسطينية فرح بسيسو، التي رشحت لأداء دور هيام، واعتذرت بسبب ارتباطها بأعمال تلفزيونية. وبالنسبة الى الممثلين السوريين في فريق الفيلم، بدا واضحاً أن سطوة التلفزيون انعكست على أدائهم ووقوفهم أمام الكاميرا، ولوحظ ارتباك جلي في ادارة المشهد السينمائي. ومن الملاحظ أن ممثلة شابة ريم علي لعبت دور هيام تمكنت من أن تفرد مساحة جيدة لدورها، في حكم ابتعادها الى حد ما عن العمل التلفزيوني. وتجربتها المحدودة في أفلام سينمائية، ما يشير الى تلك العلاقة الملتبسة بين الممثل من جهة وكل من التلفزيون والسينما، ليؤكد فرضية متداولة، هي أن التلفزيون لا يصنع ممثلاً، كما بدا واضحاً من الفيلم قبل أن يرى النور. "حب على مقياس ريختر" هو الفيلم الإيراني الثاني الذي يتخذ من القضية الفلسطينية موضوعاً له، وهو لا يعكس مستوى الاهتمام الإيراني بالقضية الفلسطينية، خصوصاً ان هناك أصواتاً في ايران تذهب الى اعتبار ان النظام يبالغ في تصديه لهذا الموضوع على رغم ان مخرجاً ايرانياً واحداً هو مخملباف قام بإخراج فيلمين عن الموضوع الأفغاني، وابنته تعد الآن الفيلم الثالث عن أفغانستان.