تنتظر المصارف المصرية وضع "خريطة مصرفية جديدة" في غضون شهور فرضتها الظروف التي تتعرض لها المنطقة، اذ لم يعد هناك مناص امام هذه المصارف من مواجهة استحقاقات المرحلة المقبلة التي اعلن البنك المركزي المصري أن "لا استثناءات منها"، خصوصاً ان التشريع الجديد لادارة السوق المصرفية في البلاد أكد على ان الذي يعجز عن توفيق اوضاعه عليه الخروج من السوق. ألزم التشريع الجديد 58 مصرفاً وطنياً وفرعاً لمصارف اجنبية من اصل 62 مصرفاً في السوق برفع رؤوس اموالها في حدود 50 مليون جنيه. وهذا يشير الى ان عنصر رأس المال سيكون المحرك الرئيسي في تشكيل الخريطة الجديدة للسوق، اذ تحتاج اكثر من 90 في المئة من كيانات السوق الى دعم مراكزها واحتياطاتها. وسيؤدي ذلك الى تغيب بعض الكيانات عن السوق في احد ثلاثة أشكال، هي الدمج أو التملك او الخروج تماماً من السوق. وفي الوقت الذي اتخذت فيه السلطات النقدية في مصر هذه الخطوة من تلقاء نفسها، فإن مدير ادارة التخصيص في البنك الدولي الدكتور خالد شريف الذي زار القاهرة قبل ايام لم يتردد في التشديد على الحكومة على ضرورة الاسراع في اتخاذ اجراءات فعالة لتخصيص المصارف العامة، وهي "الاهلي" و"مصر" و"القاهرة" و"الاسكندرية" وهو ما يعني ان هذه المصارف قد تلحق بهذه الخارطة على اساس ما سيطرأ على هيكل المساهمات بها، اذا ما استجابت لمقترحات البنك الدولي. في ضوء هذا الوضع، تقف كيانات مصرفية كبيرة على اعتاب السوق، بعضها عربي والآخر اجنبي، تراقب كما يلاحظ الخبير المصرفي محمود جمعة ما سيطرأ من تغييرات داخلها والدخول في الوقت المناسب متى سنحت الفرصة. ويأتي في مقدم الكيانات المصرفية العربية، التي يتوقع ان تدخل السوق المصرية وتملك احد المصارف الصغيرة او جزءاً منها، "بنك الكويت الوطني" و"بنك برقان" وكونسورتيوم من بعض المصارف السعودية، وهي كيانات تمتلك بعض المساهمات داخل مصارف قائمة في السوق المصرية أو كانت قائمة في السابق. اما قائمة الكيانات الاجنبية التي تستعد لدخول السوق المصرية او توطيد وجودها داخله فهي "ستاندرد شارترد" البريطاني، الذي جمد محاولاته لفترة من الوقت بعد ان تعثرت عملية استحواذه على المصرف "المصري الاميركي" قبل نحو عامين، الا انه لم يلغ خططه حتى الآن خصوصاً مع التطلعات للمشاركة في عملية اعادة إعمار العراق. وهناك مصرف "باركليز" البريطاني، الذي كشف عن رغبته في زيادة وجوده داخل السوق المصرية وكذلك "اتش اس بي سي" البريطاني و"كريدي اغريكول" الفرنسي الذي دخل السوق منذ عام ونصف العام. وإذا كانت تحركات الكيانات المذكورة اعلاه تنبع من اهتمامها بالمشاريع المستقبلية، فإن اوضاع المنطقة وحركة التحويلات الرأسمالية والنشاط التمويلي قد يدفع غيرها من داخل المنطقة أو من خارجها إلى التفكير في المشاركة في رسم حدود خارطة السوق المصرفية في البلاد.