القاهرة، لندن، كوبنهاغن، دبي، باريس - رويترز، ا ف ب - تفاوت تعطيل النشاطات الاقتصادية والمالية والمصرفية نتيجة الأحداث التي تشهدها مصر منذ أسبوع، بحسب حساسيتها وتأثيرها على الاقتصاد المصري وبحسب المناطق لجهة قربها من ساحات التحرّك أو بعدها، إذ تستمر البورصة المصرية والمصارف العاملة متوقفة عن العمل لليوم الثالث، وأعلن البنك المركزي المصري أمس، أن المصارف «ستظل مقفلة اليوم»، من دون تحديد موعد بعد لاستئناف عملها. وأوضح نائب محافظ البنك المركزي هشام رامز، في تصريح نقلته وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية، أن المصرف «يتابع الموقف يومياً». كذلك يتوقف التداول في البورصة المصرية اليوم، إذ أشار مصدر مسؤول فيها، في تصريح إلى وكالة «رويترز»، إلى أن إدارة البورصة «تأخذ قرار إغلاق السوق يوماً بيوم في ضوء الظروف». ورجّح العضو المنتدب لشركة المصريين في الخارج لإدارة المحافظ المالية عيسى فتحي، «استئناف التداول في البورصة بعد عودة الاتصالات عبر شبكة الإنترنت وتعيين حكومة جديدة وإنهاء حظر التجول وعودة الجيش إلى ثكناته»، إذ اعتبر أن البورصة «لا يمكنها العيش إلا في جو من الاستقرار». ولفتت وكالة «رويترز» إلى أن مصر تملك احتياطات كبيرة لتجنب أزمة في المدفوعات الخارجية، لكن يمكن استنفادها في بضعة أسابيع في حال استمرت الاحتجاجات، فيما يمكن أن تواجه المصارف تدافعاً على سحب الأموال. وأعلن متعاملون في سوق الصرف، أن «مستثمرين مصريين وأجانب حوّلوا مئات الملايين من الدولارات إلى الخارج، خلال يومي العمل بعد بدء الاحتجاجات الثلاثاء الماضي الذي كان يوم عطلة للمصارف». وافترض مصرفيون «خروح 500 مليون دولار يومياً خلال الأسبوع الماضي». احتياطات العملة الأجنبية وأفادت بيانات البنك المركزي، بأن الاحتياطات بالعملة الأجنبية بلغت 36 بليون دولار نهاية العام الماضي، ولفت «سيتي بنك» في مذكرة في 27 من هذا الشهر، إلى أن الحكومة «كان لديها 21 بليون دولار من الأصول الإضافية لدى المصارف التجارية حتى نهاية تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، وهي «احتياطات غير رسمية». وأكدت البيانات أن «لا خطر فورياً من حدوث أزمة في ميزان المدفوعات». وأشار كبير الاقتصاديين في البنك السعودي الفرنسي جون سفاكياناكيس، إلى أن «لدى مصر احتياطات للطوارئ، لكن يمكن استنفادها في بضعة أسابيع وليس أياماً». ولم يستبعد بروز «أثر حاد في الأسواق لدى عودتها إلى العمل مجدداً (في تداول الجنيه المصري)». واعتبر أن الوضع المالي في الاقتصاد المصري «سيواجه اختباراً صعباً جداً في حال استمرت أعمال العنف والشغب لأسابيع». ويمكن أن تشهد مصر انسحاب استثمارات ضخمة كانت استقطتبها بفضل العائدات المرتفعة للسندات الحكومية المحلية، وقدرت «باركليز كابيتال»، ما يملكه الأجانب من الأصول المصرية قبل الاحتجاجات ب 25 بليون دولار نصفها على شكل سندات وأذون خزينة». ويُستبعد تأثر الاستثمارات الأجنبية المباشرة المستندة إلى تخطيط طويل الأجل بالاضطرابات السياسية، إذ جذبت مصر استثمارات أجنبية مباشرة بقيمة 6.76 بليون دولار في السنة المالية الماضية المنتهية في حزيران (يونيو) الماضي، منها 3.6 بليون دولار توجّهت إلى قطاع النفط. ورأى محللون، إمكان أن «تدرس السلطات فرض قيود للحد من التحويلات إلى الخارج، لكن استبعدت المحللة في «نومورا» أن وايمان، «اللجوء إلى فرض قيود على رأس المال، وفي حال فعلت لوقف خروج رؤوس الأموال القائمة، لأن التداعيات ستكون سلبية على المدى الطويل». وأشارت إلى أن مصر «تعتمد على التدفقات الأجنبية على البلاد، لذا من المهم العمل للأجل الطويل». أما القطاع السياحي، فسيكون تضرره كبيراً من تعطله لفترة طويلة. ويُشار إلى أن الإيرادات السياحية بلغت 11.59 بليون دولار في السنة المالية الماضية، ووصل العجز في ميزان المعاملات الجارية إلى 802 مليون دولار بين تموز وأيلول (سبتمبر) من العام الماضي، ويُتوقع أن يرتفع العجز أكثر في الربع الجاري بسبب السياحة. وعلى صعيد المصارف الأجنبية العاملة في مصر، أكد «بنك باركليز» البريطاني، أن شبكة فروعه في مصر «أقفلت بناء على توصية من البنك المركزي المصري في ظل الاضطراب السياسي الحاصل في البلاد». يُشار إلى أن ل «بنك باركليز» 65 فرعاً في مصر، وأوضح ناطق باسمه في لندن، أن المصرف «يراقب الوضع في البلاد عن كثب». وأكد «بنك اتش أس بي سي» إعداد «خطط تمكّنه من مواصلة أعماله في مصر، على رغم الاضطرابات»، بعدما أعلنت السلطات استمرار إقفال المصارف لليوم الثالث. وشدد على أن هذه الخطط «فُعّلت بنجاح». وأوضح أنه سيواصل «مراقبة الأحداث في مصر عن كثب، وسيأخذ الخطوات اللازمة لحماية الموظفين والزبائن ومصالحهم». ويملك المصرف 100 فرع في 13 مدينة ويعمل لديه 2100 موظف في مصر. واعتبر محللون أن المصارف الفرنسية هي الأكثر تعرضاً للأخطار في مصر عن نظيراتها الأميركية والأوروبية، إذ يمكن أن «تشهد أكبر خسائر للقروض المشكوك في تحصيلها». وتوقع محلل مصرفي في باريس، «زيادة في مخصصات هذه القروض». وتشير البيانات إلى أن مصارف فرنسية مثل «سوسييته جنرال» و»كريدي أغريكول» تقدم أكثر من ثلث القروض الدولية إلى مصر. وأظهرت بيانات «بنك التسويات الدولية»، أن القروض الدولية الى الشركات والحكومة المصرية بلغت 49.3 بليون دولار نهاية أيلول (سبتمبر) الماضي، بما في ذلك 17.6 بليون من فرنسا و10.7 بليون من بريطانيا و6.3 بليون من ايطاليا و5.4 بليون من مصارف أميركية. في قطاع النقل البحري، أكد عضو مجلس إدارة هيئة قناة السويس ومسؤول حركة المرور فيها أحمد المناخلي، في تصريح إلى التلفزيون المصري، أن القناة «تعمل بطاقتها الكاملة»، لافتاً إلى أن «حركة الملاحة فيها لم تتأثر والعمل يسير في شكل طبيعي». ونفى التلفزيون المصري نقلاً عن مصدر رسمي، الأنباء عن إضراب عمال في القناة بعد دعوة الحركات المشاركة إلى إضراب عام أمس ومسيرة مليونية اليوم. وتُعد قناة السويس (طولها 192 كيلومتراً) التي تربط بين البحرين المتوسط والأحمر، محوراً إستراتيجياً للتجارة العالمية، وتمثل المصدر الثالث من العملات الأجنبية بعد السياحة والتحويلات المالية للمغتربين. ويشكل حجم الحركة فيها مؤشراً إلى صحة التجارة البحرية في العالم. قناة السويس وأوضح المسؤول الفني لدى رابطة سوق «لويدز» نيل روبرتس، أن «لا تهديد مباشراً للملاحة في قناة السويس حالياً، على رغم الاضطرابات». وقال: «من غير المنطقي أن يفعل المصريون أي شيء في شأن قناة السويس يوقف تدفق التجارة». ونفى «أي ارتفاع في علاوات التأمين على السفن المارة في القناة، فهذه تكهّنات». وأعلنت الهيئة العامة لموانئ البحر الأحمر، أن هناك «عشرة موانئ تحت سلطتها، منها ميناء السويس، وهي تعمل في شكل طبيعي، ولم تتلق السلطات أي إلغاءات من سفن تتجه إلى مصر». وأكدت مصادر أخرى أن الموانئ «تعمل، لكن حظر التجول أبطأ الحركة». لكن مجموعة الشحن والنفط الدنمركية «إيه بي مولر- ميرسك» لشحن الحاويات في العالم، أفادت أمس بأنها «علّقت نشاطاتها إلى محطات الموانئ في مصر وأقفلت مكاتبها الملاحية». وأوضحت أن «عدم الاستقرار في مصر أثّر على نشاطاتها التجارية والتشغيلية»، وطمأنت إلى أن «الموظفين بخير». كما علّقت شركة موانئ دبي العالمية عملياتها في مصر ك «إجراء وقائي»، لأن «سلامة الموظفين تبقى الأولوية القصوى». وأشارت ناطقة باسم الشركة إلى «مراقبة الوضع عن كثب». وعلى صعيد الملاحة الجوية، ألغت شركات الطيران الأوروبية بعض الرحلات الدولية إلى القاهرة، لكن رحلات بعضها ل «مصر للطيران» واصلت العمل مع حصول تأخير. لكن لا تزال بعض الرحلات السياحية تصل إلى ساحل البحر الأحمر. وأعلنت ناطقة باسم شركة «توماس كوك»، «نقل مجموعة جديدة من السياح من ألمانيا أول من أمس». وأكدت وكالة السياحة الروسية، أن «40 ألف روسي في منتجعات البحر الأحمر لن يقطعوا عطلاتهم».