سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
منزل طارق عزيز "نظف" من كل شيء باستثناء "المجموعة الكاملة" لصدام وكتاب عن المافيا . عصابات السلب تجوب شوارع بغداد وتنهب الوزارات والسفارات ومنازل كبار المسؤولين
جابت عصابات السلب ومن بينها افراد مسلحون شوارع العاصمة العراقية أمس الخميس لتواصل عمليات النهب التي بدأتها لمبان حكومية من بينها مبنى سلاح الدفاع الجوي العراقي اضافة الى منازل كبار مساعدي الرئيس صدام حسين بينما وقف الجنود الاميركيون يراقبون هذه الاعمال من دون تدخل. كما تعرض مبنى السفارة الالمانية في العاصمة العراقية لعمليات نهب مماثلة. جلس السارقون عند مدخل المنزل الفخم لنائب رئيس الوزراء العراقي طارق عزيز، وراحوا يتبادلون الكلام بلغة انكليزية ركيكة جداً مع جنود المارينز الذين امضوا ليلتهم في منزل المسؤول العراقي البارز. انتظر هؤلاء العراقيون بفارغ الصبر الدخول الى المنزل، الا ان الجنود الاميركيين كانوا يمنعونهم باشارة من ايديهم. قال قائد الوحدة المؤلفة من ثلاث آليات مدرعة: "اعتقد انه منزل نائب رئيس الوزراء. لقد أمضينا الليلة فيه وسنرحل". لم يهتم بتاتاً بما يمكن ان يحصل بعد رحيلهم ف"هذا لا يشكل جزءاً من مهمتنا. ليفعلوا ما يريدون. انه مجرم. ونحن علينا ان نرحل". في الحادية عشرة والنصف بالتوقيت المحلي 30،7 توقيت غرينيتش، انطلق الموكب وسط فرحة المنتظرين الذين سارعوا الى الدخول الى المبنيين المؤلفين من طابقين لكل منهما وتفصل بينهما حديقة. حملوا في ايديهم مطرقات وسكاكين ومفكات تساعدهم على "تنظيف" المنزل. وذكرت وكالة "رويترز" ان السارقين أخذوا كل شيء من منزل طارق عزيز من قطع الاثاث الى الثريات واللوحات والستائر وانتزعوا الاسلاك الكهربائية من لوحة المفاتيح الكهربائية الرئيسية للفيلا. كما سرقوا ايضاً المكتبة لكنهم خلفوا وراءهم المجموعة الكاملة لمؤلفات صدام وكتاباً عن الجغرافيا السياسية من تأليف الرئيس الاميركي السابق ريتشارد نيكسون وقصص المافيا لماريو بوزو مؤلف "الاب الروحي" الغد فاذر. وحين سئل رجل مشارك في عمليات النهب عن سبب اقدامه على سرقة المنزل، اشار الى فمه المفتوح في اشارة يُفهم منها انه جائع. وذكرت "فرانس برس" ان اثنين من السارقين حاولا من دون جدوى اخراج ثلاجة ضخمة من باب المطبخ. ثم خرجا حاملين صحوناً وزجاجات من الكحول وادوات مطبخية اخرى، في حين استولى ثالث على تمثال للسيدة العذراء من الجص. وعلى لوحة خشبية في المنزل عُلّقت صور عائلية لطارق عزيز مع زوجته واولاده وأحفاده. وفي الطابق الارضي، في مكتبة أصابتها احدى القذائف، اهتم سارق آخر بكتب بالعربية والانكليزية، ومجموعة من المجلات، بينها مجلات "فانيتي فير". انتزع سارق آخر في قاعة الاستقبال صورة طارق عزيز مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من اطارها، ووضع الاطار الى جانب اطارات اخرى ليأخذها معه. وفي غرفة الملابس، احتضن صبي صغير ملابس مدنية واخرى عسكرية خاصة بحزب البعث. وحمل في يده مسبحة صلاة من الخشب. وفي الطابق الاول، فرغت غرف النوم تماماً، واختفت ملابس زوجة نائب رئيس الوزراء بسرعة لا تصدق، كما اختفت زجاجات من العطر أيضاً، وتم تفكيك الاسرّة. كانت عملية السرقة تتم في شكل شبه منظم وبصمت، ومن دون تنازع. كل شخص يأخذ ما يقع عليه نظره. ويقول حيدر عبدالله 18 عاماً: "اننا لا نسرق، بل نستعيد ما أخذوه منا. كل هذا ملك للشعب، وقد سرقوه منه". زرع صوت انفجار قريب الرعب بين السارقين، فهرب بعضهم وبقى آخرون. ثم استأنف الجميع أعمالهم بعد عودة الهدوء. وتقع الطريق الى منزل طارق عزيز في حي الجادرية الفخم على الضفة الشرقية من نهر دجلة والتي تضم فيلات عائدة لمسؤولين عراقيين. وكانت هذه الطريق مقفلة امام المرور خلال فترة حكم النظام العراقي. اما الآن، فقد أصبحت مراكز المراقبة التي كان يشغلها رجال امن يمنعون المرور خالية، فيما تزدحم الطريق بمزيج من الشاحنات والسيارات وغيرها من العربات المسروقة. كذلك تمت سرقة منزل نجل الرئيس العراقي الأكبر عدي. ولم يبق فيها الا مشواة على عجلات من الحديد الابيض في وسط الحديقة. وكانت شاحنة متوقفة امام الفيلا تحمل طاولة من خشب السنديان وكراسي مذهبة بينما تركت على الأرض الرخامية صورة ممزقة للرئيس العراقي. وقال أحد الذين شاركوا في السرقة: "وجدنا ايضاً صوراً ودليلاً للهاتف يضم عناوين النساء اللواتي كان عدي يعاشرهن". وخرج رجل مغطى بالغبار من منزل علي حسن المجيد، ابن عم صدام حسين المعروف ب"علي الكيماوي" بسبب دوره في الهجوم بالاسلحة الكيماوية على الاكراد في حلبجة في 1988. حمل الرجل سجادتين من المنزل المدمر في شكل تام نتيجة سقوط صاروخ عليه. كذلك تعرض منزلا ابنة الرئيس العراقي حلا صدام حسين، وعبدالجبار شنشل رئيس هيئة الاركان السابق في الجيش العراقي، للمصير نفسه. خرج من هذا المنزل الاخير رجال ضاحكين يرتدون ملابس عسكرية رسمية مزينة بالميداليات ويعتمرون القبعات العسكرية. وتعرض منزل وطبان، اخ صدام حسين غير الشقيق، للسرقة ايضاً. وهو منزل ضخم مع مدخل شبيه بمداخل القصور. واضرمت عصابات السلب والنهب النار امس في مبنى وزارة التجارة العراقية وكانت احرقت وزارة المال الأربعاء. كما احرق مبنى آخر تابع لوزارة الداخلية مخصص لاستخراج بطاقات الهوية. كما نهبت ايضاً بعض المباني الديبلوماسية ومنها المركز الثقافي الفرنسي ومنزل سفير فنلندا الذي خرج منه أحد اللصوص وهو يحمل جهازاً لتكييف الهواء. وقال الضابط الاميركي الكولونيل براين ماكوي الموجود في فندق فلسطين حيث ينزل الصحافيون الاجانب: "لا يهمنا بتاتاً ان يقوموا بسرقة منازل المسؤولين العراقيين او الوزارات. هذا يعبر عن رغبة بإحلال العدالة يمكن فهمه. نريد فقط ان نحمي البنى التحتية المدنية كالمستشفيات ومولدات الكهرباء ومحطات ضخ المياه". وفي عمان، اكدت وكالة الاممالمتحدة ان المستشفيات في بغداد ومختلف المناطق العراقية تتعرض لأعمال نهب. وقالت فيرونيك تافو ممثلة منسق الشؤون الانسانية للعراق لدى الاممالمتحدة ان "الوصول الى المستشفيات في العاصمة بات امراً مستحيلاً تقريباً في بغداد بسبب غياب اي قانون او نظام"، مضيفة ان "مستشفى الكندي، أحد اكبر المستشفيات في بغداد، تعرض لعمليات نهب". وأكدت ان "التنقل في بغداد بات شديد الخطورة والمشكلة لم تعد تقتصر على جرحى الحرب بل ايضاً المرضى الذين يحتاجون الى علاج منتظم مثل غسل الكلى والذين لم يعد في إمكانهم الحصول على هذا العلاج". كذلك، اكدت ممثلة منظمة الصحة العالمية فضيلة شعيب ان "التقارير تشير الى ان طواقم المستشفيات يرفضون مغادرة منازلهم الى عملهم خوفاً من عمليات النهب"، مضيفة انه "لم يعد ممكناً نقل الامدادات الطبية من المخازن الرئيسية الى المستشفيات في حين ان مخزون هذه المستشفيات يتراجع". وقالت المتحدثة باسم صندوق الاممالمتحدة لرعاية الطفولة اليونيسف كاريل دي روي ان مكاتب الوكالة في بغداد تعرضت للنهب بما فيها اجهزة الهاتف والكراسي وكل شيء يمكن ان ينقل. ولفتت الى التراجع الكبير في عدد الاطباء العاملين في المستشفيات اذ "تراجع عديد الطاقم الطبي في أحد المستشفيات في بغداد الى طبيبين من أصل عشرة اطباء وعالج هؤلاء حتى العاشرة صباحاً مئة حالة بينهم جرحى وعدد كبير من الاطفال والنساء".