تقدم عدد من اعضاء مجلس الأمة البرلمان الكويتي أمس باقتراح بإعادة تنظيم "الصندوق الكويتي للتنمية العربية" على نحو يوقف مساعدات وقروض هذا الصندوق لمدة سنتين في خطوة لمواجهة ما وصفه نواب ب"سقوط سياسة دفتر الشيكات الكويتية". وتعكس هذه الخطوة غضب النواب مما يعتبرونه تحاملاً عربياً على الكويت على خلفية الحرب في العراق. وصوّت 30 نائباً أمس بتحديد جلسة 14 نيسان ابريل الحالي لمناقشة تقرير برلماني حول خطوات اعادة التنظيم للصندوق الذي أنشئ عام 1974، وقدم قروضاً ومساعدات لأكثر من خمسين دولة عربية ونامية بأكثر من 20 بليون دولار. وفي حين اعترضت الحكومة على الفكرة قال نواب أمس انهم "لا يرون أي أثر لهذه البلايين على الدول المستفيدة من الصندوق في دعم قضية الكويت بمواجهة العراق"، واعربوا عن سخطهم من "عدم استنكار عواصم عربية كثيرة لإطلاق العراق صواريخ على مدينة الكويت". وكان الصندوق عند انشائه فكرة رائدة حاولت الكويت من خلاله تقديم قسم من فوائض العائدات النفطية لمساعدة دول عربية شقيقة ودول نامية على النهوض الاقتصادي ومحاربة الفقر. ووصف الصندوق في سنوات السبعينات والثمانينات "الذراع الاقتصادية للسياسة الخارجية الكويتية". غير ان النواب قالوا أمس ان "الفكرة كلها كانت وهماً، وأكثر الدول استفادة من الصندوق أسوأها مواقف تجاه الكويت" وكان مقترح اعادة تنظيم الصندوق والموقف العربي تجاه الكويت في ضوء الحرب موضوع ندوة برلمانية استضافها النائب الدكتور وليد الطبطبائي عشية جلسة الأمس. وقال الطبطبائي انه "ينعى الصندوق الكويتي للتنمية المتوفى روحاً وجسداً وفكرة في ظل مواقف بعض الدول العربية المستفيدة من قروضه تجاه الكويت في ظل الحرب في العراق"، وهاجم سورية "التي تتآمر على الكويت في أروقة الجامعة العربية بينما هي تتلقى مئات الملايين من مساعدات وقروض الصندوق"، في حين هاجم النائب صالح الفضالة الحكومة التونسية "التي تحظى بعشرة في المئة من القروض الكويتية ولم نرَ منها خيراً قط لا في أزمة الاحتلال العراقي عام 1990 ولا في الأزمة الحالية". وتابع ان "الحكومة الكويتية غلبتنا بعد الغزو واعادت على مدى سنوات العلاقات مع دول الضد وجددت المساعدات اليها، لكن هذه الدول لم تغير مواقفها الشائنة تجاهنا ولا نجد منها في المؤتمرات البرلمانية العربية والدولية وفي الجامعة العربية إلا الانحياز الى النظام العراقي ضدنا". ويرى الفضالة ان التظاهرات التي خرجت تؤيد العراق ويتهجم مشاركون فيها على الكويت "تظاهرات تسيّرها وتديرها استخبارات تلك الدول والحزب الحاكم وليست تظاهرات شعبية عفوية"، وأشاد الفضالة والطبطبائي ونواب آخرون في الندوة بقرار الخارجية الكويتية طرد القائم بالأعمال الليبي، وقالوا انها "خطوة صحيحة وان جاءت متأخرة". وسأل الفضالة: "كيف نمول بناء 100 مستشفى ومستوصف في لبنان وتكون النتيجة ان الفضائيات التلفزيونية اللبنانية صارت أبواقاً للنظام العراقي وتتهجم برامجها على الكويت". أما النائب مبارك الدولية الذي يمثل "الحركة الدستورية الاسلامية"، فقال ان على الكويتيين ألا ينزعجوا من الموقف العربي الشعبي المتعاطف مع العراق ضد الهجوم الاميركي - البريطاني، وقال: "هذا الموقف طبيعي ومنطقي من وجهة نظر هذه الشعوب وهم لم يمروا بالاحتلال العراقي الذي مررنا به ولن يسهل عليهم فهم ان لنا - وللشعب العراقي - أوليات نحو إزالة نظام الحكم في بغداد"، وتابع انه يؤيد وقف القروض الخارجية "التي تذهب لجيوب حكومات ولا تصل الى الشعوب"، وتوجيه أموال الصندوق للتنمية داخل الكويت، وهاجم تونس بشدة وقال: "التفسير الوحيد لاستمرار استثماراتنا في تلك الدولة ان بعض النافذين عندنا لهم استثمارات هناك ويريدون تنفيع أنفسهم". وقال الدويلة ان الكويتيين يفهمون ان يتظاهر الفلسطينيون ضد الولاياتالمتحدة لمواقفها الشائنة من القضية الفلسطينية "ولكننا لا نفهم لِمَ يرفع فلسطينيون صور صدام حسين ويهتفون بحياته وهو الذي قدم الى اسرائيل اكبر الخدمات"، وانتقد في الوقت نفسه الإعلام الرسمي الكويتي لاندفاعه في تأييد الحرب، وقال: "من يرى تقارير مراسل تلفزيون الكويت في الجبهة يظن ان الكويت هي التي غزت العراق وليس أميركا". اما النائب عبدالله الرومي فانتقد سياسة الحكومة وقال: "منذ شهور والحكومة تقول للعرب وللعالم اننا لسنا جزءاً من هذه الحرب على رغم الحشود الغربية على أراضينا، فلما بدأت الحرب وقعنا في الإحراج. كان يجب أن نكون واضحين ونقول ان نظام صدام حسين يهدد وجودنا واننا اتخذنا الخطوات التي تساعد على انهائه"، واعرب عن امتعاضه من "فضائيات مملوكة لدول خليجية تهاجم الكويتيين والخليجيين"، وهاجم الجامعة العربية "التي تعاملت مع الكويت باستخفاف وتجاهلت الأوراق التي قدمتها اليها، مع ان الكويت أكبر ممولي هذه الجامعة".