نشرت "الحياة" في 15/3/2003 مقالاً للسيد خوسيه ماريا اثنار، رئيس وزراء اسبانيا، تحت عنوان "مفهوم اسبانيا للأزمة! وجوب نزع اسلحة العراق وإحراز تقدم في السلام". أراد السيد اثنار الايحاء بأن العراق يواجه المجتمع الدولي. ولذا تكررت عبارة المجتمع الدولي عشر مرات. هذا الادعاء تكذبه، وترد عليه تحركات المجتمع الدولي، ويرد عليه ان 2 في المئة من الاسبان يؤيدون اتجاه الحرب، واندفاع حكومتهم نحوه، و60 في المئة من البريطانيين يعارضون الحرب، واندفاع زميله توني بلير نحو العراق. والقلق الذي يواجه حكومته وعبرت التظاهرات الصاخبة عن رفض منطق الحرب، وحل النزاعات بالقوة. وأكثر من 300 مدينة اميركية تعارض الحرب. والفاتيكان يعتبر الحرب التي يدافع عنها اثنار عملاً من اعمال الشر، ولا يمكن تبريرها اخلاقياً او دينياً. وكذلك فعلت الكنيسة الانكليزية والكنائس الشرقية جميعاً، الى جانب ملايين المسلمين الذين يتظاهرون ضد الحرب من جاكارتا الى الرباط. اهداف ادارة بوش من الحرب اصبحت معلومة. ووراءها مجموعة متطرفة تعشش في وزارة الدفاع البنتاغون، ومكتب نائب الرئىس ديك تشيني. وهي تسير باتجاهين: خدمة اسرائىل، وهو ما عبرت عنه "نيويورك تايمز" في 9/3/2003 بمقال بيل كلير: "ان مسؤولين بارزين في الصف الثاني في ادارة بوش من اليهود المحافظين الجدد، يدعون لاطاحة صدام لدعم اسرائىل"، وهم بول وولفوفيتز، نائب وزير الدفاع، ودوغلاس فيث، وكيل وزارة الدفاع، وريتشارد بيرل مستشار وزارة الدفاع، واليوت ابرامز مسؤول الشرق الاوسط بمجلس الامن القومي، ولويس فيلبي رئيس هيئة الموظفين لنائب الرئيس. وكان فيث قال في الشهر الماضي في اجتماع بمجلس الشيوخ "ان اقامة ديموقراطية في العراق تساعد على تولي زعماء فلسطينيين قد ترغب اسرائىل في التفاهم معهم". اما الهدف الثاني للعدوان فهو خدمة مصالح كبريات الشركات النفطية التي ثبت ان اقطاب الادارة مستفيدون منها، ولهم علاقات بها ومصالح فيها، وفي مقدمهم الرئىس بوش نفسه، ووالده، وديك تشيني، وكذلك كوندوليزا رايس، وكولن باول، وغيرهم من اقطاب الادارة. أما اشارة السيد اثنار الى مؤتمر مدريد، فما هو إلا تأكيد على انتهازية وازدواجية سياسة الغرب التي تتزعمها الولاياتالمتحدة، وتشاركها فيها اسبانيا وبريطانيا. فالمواطن العربي، والفلسطيني خصوصاً، يسأل ماذا بقي من مؤتمر مدريد الذي يفاخر به السيد اثنار؟ ولماذا لم يشر بمقاله، ولو بكلمة عابرة، الى حملة الارهاب الصهيوني اليومي ضد الشعب الفلسطيني، من اغتيالات وتدمير وحصار؟ يستغرب الانسان العربي من موقف حكومة اثنار المندفع وراء سياسة بوش، وغطرسته العدوانية. فالنظرة العربية الى اسبانيا انها الاقرب الى قضايا العرب، لما يجمع بين الشعبين من تراث حضاري. وكان المفروض ان يكون قناة سلام وحوار بين العالمين العربي والغربي. ام ان محاكم التفتيش لا تزال في مخيلة السيد اثنار، وتدفعه لتأييد سياسة الحرب والعدوان. القاهرة - د. كريم العاني [email protected]