بينما تشن القوات الاميركية والبريطانية عدوانها على العراق وتغزو اراضيه، يسعى رئيس الوزراء البريطاني ووزير خارجيته جاك سترو الى الضغط على ادارة الرئيس جورج بوش من اجل دفعها الى نشر نص خطة "خريطة الطريق" لانهاء الصراع الفلسطيني - الاسرائيلي واقامة دولة فلسطينية في غضون ثلاث سنوات. ويهدف بلير من ذلك الى استرضاء حزبه الحاكم وقطاعات واسعة جداً من الشعب البريطاني تنقده على الانقياد للولايات المتحدة والتورط في الحرب. وفي الوقت نفسه تتظاهر اسرائيل ب"القلق" من هذه الضغوط البريطانية على ادارة بوش لاعطاء الاولوية بعد الحرب لتنفيذ تلك "الخريطة" رغم ادراكها قدرتها على فرض أي "تعديلات" تريدها ادخالها في "الخريطة" على ادارة الرئيس بوش الذي وصف رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون بأنه "رجل سلام". وافادت الانباء أن بلير اراد في محادثاته امس مع بوش مناقشة موضوعين رئيسيين هما اعطاء اتلامم المتحدة دورا في ادارة العراق بعد الحرب، ونشر "خريطة الطريق" والعمل لتنفيذها. وفي ما يتعلق بالمسألة الاولى، يبدو واضحا ان الصقور في ادارة بوش، مثل نائب الرئيس ديك تشيني ووزير الدفاع دونالد رامسفيلد ونائبه بول وولفوويتز ومستشار الرئيس لشؤون الشرق الاوسط اليوت ابرامز وغيرهم، لا يريدون اي دور فعال للامم المتحدة في ادارة العراق ويصرون على الاحتفاظ بكل الخيوط في ايدي الاميركيين. وتشير المعلومات الواردة من واشنطن الى ان طاقم ادارة، أي "حكم"، العراق المحتل سيكون مؤلفاً كله من اميركيين. وليس من المرجح ان يحالف النجاح محاولة بلير اقناع بوش بالعمل بعد الحرب لتنفيذ "خريطة الطريق" من دون السماح لاسرائيل بادخال تعديلات جوهرية عليها تفقدها معناها. والسبب هو النفوذ الواسع للوبي الصهيوني في اميركا. وقد حمل شارون وزير خارجيته سيلفان شالوم الذي سيلقي خطاباً في مؤتمر "لجنة الشؤون العامة الاميركية الاسرائيلية" ايباك تعليمات للتشديد في لقاءاته مع اركان الادارة على ضرورة ارجاء الحديث عن "خريطة الطريق" وتنفيذها واعطاء الاولوية لمواجهة ما تسميه اسرائيل "التهديد الايراني"! ومن شأن هذا الاقتراح الذي من الممكن جدا ان تتبناه ادارة بوش ان يكفل لاسرائيل التهرب من "الخريطة" واي خطة سلام مع الفلسطينيين. واذا لم ينجح شالوم في بيع هذا الاقتراح لاركان الادارة الذين سيلتقيهم، وهم تشيني وباول وكوندوليزا رايس وربما بوش نفسه، فإن من المؤكد انه سيقنعهم ب"التعديلات" الاسرائيلية الجوهرية على "الخريطة" ومن ابرزها تغيير القيادة الفلسطينية واقاة الدولة الفلسطينية ضمن حدود موقتة مع ربط حسم وضعها النهائي بنتائج مفوضات ثنائية مع الفلسطينيين وبموافقة اسرائيل، وعدم الموافقة على قيام الدولة الا بعد التفكيك الكامل ل"البنية التحتية للارهاب"، واعطاء الجيش الاسرائيلي حرية "العمل" في اراضي السلطة الفلسطينية! ولا ينبغي ان نغر باي تصريحات قد يدلي بها بوش الآن عن دور للامم المتحدة في العراق او عن نية صادقة لتنفيذ "خريطة الطريق". ذلك ان الرهان على حصان اعرج للفوز بسباق الداربي اضمن من الرهان على صدقية هذا الرئيس او شرفه.