هددت بغداد بضرب قواعد عسكرية اميركية، وقبل ساعات من جلسة مجلس الأمن اليوم، وفي ظل اتساع المعارضة للحرب على العراق، في صفوف أعضاء المجلس، أعلن البيت الأبيض استعداده لتعديل مشروع القرار الأميركي - البريطاني - الاسباني الذي يفتح الباب لتفعيل الخيار العسكري. وفيما كثفت اميركا وبريطانيا الطلعات الجوية لطائراتهما فوق شمال العراقوجنوبه، وأخرج الجيش الأميركي شاحنات من ميناء الاسكندرون في تركيا، توجهت الى الحدود العراقية، قال الأمين العام للأمم المتحدة كوفي انان: "لست متأكداً من أن الرئيس العراقي صدام حسين سيتنحى، ولا اعتقد أنه سيلجأ الى بلد آخر". وفي حديث الى "الحياة" نصه في الصفحة 8 حذر انان من أن "أميركا ستفتقر الى شرعية مجلس الأمن، في حال خاضت الحرب في شكل منفرد". في غضون ذلك، اعتبر صدام ان أي هجوم أميركي على العراق سيكون "حماقة مطلقة"، واصفاً المبادرة الاماراتية التي تقضي بتنحي القيادة في بغداد مقابل ضمانات، بأنها "أفكار أميركية". وأكدت مصادر أميركية مطلعة اعتذار واشنطن عن عدم استقبال الوفد الوزاري العربي الذي شكل لدى انعقاد القمة العربية في شرم الشيخ، لمحاولة بذل مساع لتفادي الحرب على العراق. وقالت المصادر ل"الحياة" ان الوفد كان يخطط لزيارة واشنطن بعد نيويورك، لكن الإدارة الأميركية "لا ترى فائدة في محادثات لم يعد لها جدوى". ووصل الى نيويورك الوفد العربي الذي سيحضر جلسة مجلس الأمن، التي يشارك فيها 11 وزير خارجية بينهم الأميركي والبريطاني والفرنسي والروسي والألماني والسوري. وقبل المؤتمر الصحافي الذي كان متوقعاً أن يعقده الرئيس جورج بوش في وقت متقدم ليلاً، توقع وزير الخارجية الأميركي كولن باول أن تعطي أي حكومة جديدة في العراق مزايا تفضيلية للبلدان التي تساعد في اطاحة صدام. وأبلغ لجنة فرعية في مجلس الشيوخ ان الولاياتالمتحدة لا تنوي بعد غزو العراق ان تملي على شعبه مستقبله، مشيراً الى أن الأمر سيكون متروكاً لحكومة ما بعد صدام كي تقرر "مع من ستبرم اتفاقات اقتصادية". وكان باول يرد على سؤال عن الدور الاقتصادي الذي يتوقعه في العراقلفرنسا التي تحبذ اعطاء المفتشين مزيداً من الوقت. ونصح بعدم "رد الصاع" الى باريس. وكرر أن العراق سيوضع تحت قيادة قائد عسكري اميركي اذا حدث الغزو، وذلك لبعض الوقت، لكن الولاياتالمتحدة ستحتفظ بنفط العراق "أمانة" لشعبه. الى ذلك، قال انان ل"الحياة" انه قرأ بين سطور البيان الفرنسي - الروسي - الألماني استعداد روسياوفرنسا لاستخدام حق النقض الفيتو لاحباط مشروع القرار الأميركي - البريطاني - الاسباني. واعتبر أن الوضع بات "أكثر دقة وصعوبة بسبب تصلّب المواقف" مقارنة بما كان عليه قبل الاتفاق على القرار 1441، وزاد: "اننا بعيدون كل البعد" عن احتمال التوصل الى أرضية مشتركة في مجلس الأمن. ولفت الى أن ما يتردد عن فترة انذار اضافية ل48 ساعة قد لا يكون كافياً للاتفاق على قرار "اذ أننا لم نتوصل الى حل في الأسابيع الماضية، ولا أرى كيف يمكن التلميح الى امكان التوصل اليه في غضون 48 ساعة". وعن الدعوة الى تنحي صدام قال الأمين العام ان ذلك هو "أحد الخيارات المتوافرة، لكنني لست متأكداً من أن الرئيس العراقي سيتنحى، ولا اعتقد أنه سيلجأ الى بلد آخر". واعتبر ان العراق "اختار الاذعان للمفتشين اليوم، وهذا ما يبرر وجهة نظر الدول الأعضاء التي تؤمن بوجوب اعطاء المفتشين فرصة" لنزع السلاح. ونبه الى ان "المسألة الأساسية بالنسبة الى الأممالمتحدة هي نزع سلاح العراق، أما الأسباب الأخرى التي تُعطى لشن الحرب فيصعب على الدول الأعضاء الأخرى قبولها" في اشارة الى قائمة الأسباب التي تشمل تغيير النظام في بغداد وربط العراق بشبكة "القاعدة" والارهاب. وأكد وجود أفكار مبدئية لما بعد الحرب، رهن موافقة مجلس الأمن، ولكن "لا خطة للأمم المتحدة في شأن الإدارة العراقية لما بعد الحرب، أو هندسة شاملة لكيفية إدارة البلد بعد الأزمة". وفي تطور لافت حسمت الصين موقفها معلنة تأييدها البيان الفرنسي - الروسي - الألماني الذي شدد على عدم السماح بتمرير قرار في مجلس الأمن يتيح استخدام القوة ضد العراق. ورأى نائب وزير الخراجية الروسي الكسندر سلطانوف ان العراق "لا يشكل خطراً" على العالم وجيرانه، مشدداً على أنه "لا يستبعد" استخدام "الفيتو" لاحباط قرار دولي يجيز الحرب. وأشار سلطانوف الى أن روسيا قررت "تقليص" جاليتها في العراق بسبب "ازدياد التوتر"، معلناً ان طائرات وزارة شؤون الطوارئ ستنظم خمس رحلات لنقلهم. وكررت فرنسا أنها لن تتدخل عسكرياً ضد العراق في أي حال، من دون قرار للأمم المتحدة، في وقت شدد رئيس لجنة التفتيش هانس بليكس على أنه ليس مخولاً اعطاء "الضوء الأخضر أو الأحمر" للحرب أو السلام، وأن ذلك مسؤولية مجلس الأمن. وتابع ان العراقيين "يتعاونون جيداً في مجال تدمير الصواريخ، ولا بد أنهم يعتبرون الأمر كدواء مر، لكنهم يدركون ان ذلك هو العمل الذي يثبت تعاونهم". وأشار الى انه لم يشعر ب"أي ضغط مفرط" من الأميركيين على لجنة التفتيش. وفيما نقلت وكالة "اسوشييتدبرس" عن مصدر دفاعي في واشنطن ان الطائرات الأميركية والبريطانية ضاعفت ثلاث مرات طلعاتها فوق منطقتي الحظر الجوي في شمال العراقوجنوبه، اعلن في بغداد عن مقتل ثلاثة عراقيين في غارة استهدفت جنوب غربي البلد. وأقرت وزارة الدفاع البريطانية بتكثيف الطلعات الجوية فوق المنطقتين على مدار ال24 ساعة. وفي صوفيا أ ف ب نقلت صحيفة "مونيتور" البلغارية عن السفير العراقي يحيى مهدي قوله: "لا نهاجم ولا نهدد أي بلد صديق، لكن كل القواعد والمواقع الأميركية في العالم مهددة بضربات من جانبنا" اذا هوجم العراق. وكانت واشنطن قررت طرد موظفين في البعثة العراقية لدى الأممالمتحدة، ملمحة الى اتهامهما بالتجسس، وطالبت ستين دولة برصد "عملاء المخابرات العراقية". في غضون ذلك، نفى مصدر مأذون له في وزارة الدفاع والطيران السعودية ان يكون طرأ أي تغيير على مهمة القوات الأجنبية الموجودة في المملكة لمراقبة جنوبالعراق. وقال ل"الحياة" ان مسألة التعليمات التي تأتي من الدول لرعاياها في المملكة أمر يخص هذه الدول.