حذر وزير الدفاع الاميركي وليام كوهين العراق أمس من أن الضربات العسكرية الأميركية ستكون "كبيرة" اذا لم يتراجع عن قراره وقف التعاون مع فرق التفتيش، فيما اعلن البيت الابيض ان الوقت "لم يعد وقت التفاوض"، مؤكداً ان الاستعدادات العسكرية باتت كافية لتسمح للرئيس بيل كلينتون باتخاذ قرار بتوجيه ضربات إلى العراق. وادت زيادة الحشود الاميركية في المنطقة الى مكاسب لأسعار خام "برنت" وارتفاعه الى مستوى 72،12 دولار للبرميل في عقود كانون الثاني يناير المقبل راجع ص 4 و9. وأعلن نائب رئيس الوزراء العراقي السيد طارق عزيز مساء أمس ان بغداد مستعدة للعمل مع الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان من أجل تسوية الأزمة. وقال كوهين اثناء زيارة قاعدة بحرية في نورفولك، قبل ان يعود الى واشنطن لحضور اجتماع رفيع المستوى حول الازمة العراقية، انه لم يتخذ بعد أي قرار في شأن توقيت الضربة المحتملة. لكنه أكد ان الولاياتالمتحدة تملك قوة كبيرة في المنطقة بالاضافة الى الطائرات التي تقرر ارسالها. وقال الناطق باسم البيت الابيض جو لوكهارت ان "الرئيس كلينتون يفضل بوضوح حلاً سلمياً ولكن اذا لم يكن ذلك ممكناً، فهو يمتلك خيارات متنوعة". وأكد ان الوقت "لم يعد وقت التفاوض" وان كانت الجهود الديبلوماسية جارية لمحاولة اقناع الرئيس صدام حسين باحترام التزاماته والسماح للمفتشين باستئناف عملهم. وكان السفير العراقي لدى الاممالمتحدة نزار حمدون اعتبر أمس ان الوسيلة الافضل لنزع فتيل الازمة هي ان يقترح أنان "بذل مساعيه الحميدة"، موضحاً انه تم ابلاغه "برغبتنا في ان يزور بغداد". وشدّد لوكهارت على وحدة موقف المجتمع الدولي في مواجهة بغداد. وأوضح ان كلينتون لا يزال يعتزم مغادرة واشنطن مساء غد للمشاركة في منتدى آسيا - المحيط الهادئ الاقتصادي في كوالالمبور. واقلعت 12 قاذفة ضخمة من طراز "بي - 52"، مزودة صواريخ "كروز" من قاعدتين اميركيتين في طريقها الى جزيرة دييغو غارسيا في المحيط الهندي، وذلك في اول دفعة من حشد عسكري كبير يشمل ارسال 129 طائرة الى منطقة الخليج، من أجل اجبار العراق على استئناف التعاون مع اللجنة الخاصة المكلفة إزالة اسلحة الدمار الشامل اونسكوم. وعبّر مسؤولون اميركيون عن اعتقادهم ان الازمة مع العراق لن تحل سلماً لأنه لا يوجد بعد أي مؤشر الى ان بغداد تستعد لتغيير موقفها. وبدا واضحاً ان المسؤولين في البيت الابيض علقوا اهمية كبيرة على بيان وزراء خارجية دول اعلان دمشق الذي صدر أمس في الدوحة وحمّل بغداد المسؤولية الكاملة عن أي تداعيات تنجم عن العمل العسكري. وعقد مستشارو كلينتون لشؤون الامن القومي والسياسة الخارجية اجتماعاً اخر في البيت الابيض امس. وتوحي اللهجة المتشددة للتصريحات الرسمية وعمليات الانتشار العسكري بأن الضربة الأولى باستخدام صواريخ "كروز" قد تنفذ خلال اليومين المقبلين ويمكن ان تتبعها ضربات جوية وصاروخية قوية مطلع الاسبوع المقبل. في غضون ذلك، طلبت وزارة الخارجية الألمانية أمس من رعاياها المقيمين في العراق "لأعمال غير مهمة" مغادرة هذا البلد بسبب "الوضع المتوتر حالياً". كما طلبت بريطانيا من جميع رعاياها بمن فيهم الصحافيون مغادرة العراق. ووجه الرئيس حسني مبارك تحذيراً الى الرئيس صدام حسين، مطالباً بابداء المرونة و"تحكيم العقل وتفهم خطورة الوضع وتنفيذ قرارات مجلس الأمن" لتجنيب الشعب العراقي "مزيداً من المعاناة". ولفت الى مضاعفات استخدام القوة على الشعب العراقي والمنطقة. وأكدت الخارجية الروسية انها ستعمل من اجل "منع تطور الاحداث وفق سيناريو القوة". وأفاد بيان اصدرته الوزارة ان المندوب الروسي في مجلس الأمن "ضغط" اثناء جلسة المجلس ليل اول من امس لتوضيح الاسباب التي دفعت "اونسكوم" والأمم المتحدة الى اجلاء فرق التفتيش وموظفي المنظمات الدولية والبرامج الانسانية من العراق. وأضاف البيان ان هذا القرار اتخذ من دون التشاور مع المجلس وينطوي على "عواقب خطيرة" بالنسبة الى آليات الرقابة الدائمة على البرامج العسكرية العراقية وعلى تنفيذ برنامج "النفط للغذاء". وعبّر الناطق المساعد باسم الخارجية الفرنسية فرانسوا ريفاسو عن دعم حكومته موقف الأمين العام للأمم المتحدة الذي دعا بغداد الى استئناف التعاون مع المفتشين الدوليين. وأضاف ان توجه انان الى بغداد غير مطروح الآن، مشيراً الى ان رئيس قسم رعاية المصالح الفرنسية في بغداد ايف اوبان دولاميسوزيير الذي كان استدعي الى باريس للتشاور "سيعود الى العراق في الأيام القليلة المقبلة ولا يحمل اي رسالة محددة الى السلطات العراقية". ورافقت عودة انان الى نيويورك دفعة من الديبلوماسية الهادئة من اجل اعطاء العراق تطمينات شفوية تدفعه الى الغاء قراره وقف التعاون مع فرق التفتيش. واجتمع السفير البريطاني السير جيريمي غرينستوك مع السفير العراقي نزار حمدون، وسيستمع مجلس الأمن الى انان اليوم لمراجعة الوضع. وقال حمدون لپ"الحياة" ان انان هو "الطرف المؤهل اكثر من اي طرف آخر للعب دور ايجابي" في هذه المرحلة. وزاد ان الديبلوماسية الآن "ليست نشطة" بما يكفي في هذه المرحلة وان "نجاح الديبلوماسية ممكن عندما تكون هناك ديبلوماسية نشطة ورغبة جدية لدى اطراف مجلس الأمن والأمين العام للقيام بها". وأعرب السفير الروسي سيرغي لافروف عن دعم حكومته دور انان. وقال لپ"الحياة" ان روسيا لا يمكنها ان تضمن للعراق نتائج "المراجعة الشاملة" للعقوبات.