من المقرر ان يوصال المبعوث الاميركي الخاص زلماي خليل زاد محادثاته في العاصمة التركية اليوم وغداً، في محاولة للتوصل الى صيغة مشتركة مع السلطات حول مسار الحرب في شمال العراق. وكان خليل زاد الذي بقي الاسبوع الماضي اربعة ايام في انقرة، عاد اليها صباح السبت قادماً من اربيل، حيث اجرى لقاءات موسعة مع زعماء الفصائل الكردية التي تعهدت بالمشاركة في الحرب على جبهة الشمال. وقالت مصادر مطلعة ان رغبة واشنطن في توسيع استخدام قوات البشمركة الكردية في الحرب ضد القوات العراقية تثير قلقاً متزايداً في تركيا التي كانت اعلنت الاربعاء رسمياً، وعلى لسان رئيس الاركان العامة الجنرال حلمي اوزكوك، تعليقها خطة إقامة حزام امني في شمال العرق بعدما عبّرت واشنطن وعواصم اوروبية عن خوفها من احتمال اندلاع مجابهة كردية تركية تحرف الحرب داخل العراق عن مسارها. واكد خليل زاد الذي أجرى خلال الثماني والاربعين ساعة الماضية محادثات مطولة مع المسؤولين في وزارة الخارجية ان الغرض من لقاءاته في انقرة هو العثور على صيغة توافقية تراعي وجهات النظر التركية والاميركية معاً. واشار لدى خروجه امس، من وزارة الخارجية التركية الى ان تصريحات الجنرال اوزكوك لقيت ترحيباً من الزعماء الاكراد في شمال العراق، وان هناك بعض التوضيحات التي لا بد من بلورتها في هذا الصدد. وقالت مصادر مطلعة في انقرة ان اتفاق اللجنة التركية الاميركية الكردية التركمانية الموقع في 19 الشهر الجاري في انقرة، نص على تعهد القوات الكردية عدم الدخول الى كركوك والموصل وكذلك منع عودة السكان الاكراد اليها. الا ان هذا الشرط لم يعد صالحاً من وجهة نظر اميركية بل بات يعتبر عائقاً اساسياً في وجه خطط الحرب الاميركية، بعدما وجدت واشنطن نفسها مضطرة الى فتح جبهة الشمال لتخفيف المصاعب التي تواجهها حملتها العسكرية في الجنوب. واشارت الى ان الاميركيين الذين ينتظر ان يرتفع عدد قواتهم الى خمسة آلاف جندي في الايام المقبلة، راغبون في تنفيذ خطة وضعها البنتاغون لإنهاك القوات العراقية التي تدافع عن الجبهة الشمالية، والبالغ عددها 120 الف جندي. وتنص الخطة على استخدام قوات البشمركة كعناصر مشاة، على ان تتولى القوات الاميركية التي اجرى انزالها قيادة الهجمات وتوجيه مجموعات البشمركة، وكذلك توجيه الهجمات الصاروخية والمدفعية والجوية الكثيفة التي ينتظر ان تستهدف فرقتين من الحرس الجمهوري، وفرقاً اخرى من القوات النظامية العراقية التي ستتحصن داخل كركوك والموصل. وذكرت ان الاميركيين أرسلوا حتى الآن قرابة 100 طائرة شحن عسكرية قامت بإنزال مدرعات وبطاريات مدفعية وصاروخية ومركبات عسكرية وذخائر ومعدات ومواد تموين وتجهيزات طبية في منطقة باكراكو بين السليمانية وجمجمال. وقالت ان تركيا تراقب بحذر الجسر الجوي الاميركي الذي سيجري تحويل جزء كبير من المعدات الثقيلة التي تنقل عبره الى قوات البشمركة التي تعاني عدم امتلاكها اسلحة ثقيلة متطورة. وقالت المصادر ان محادثات خليل زاد تهدف الى تبديد مخاوف انقرة وتقديم ضمانات من واشنطن والقيادات الكردية بعدم قيام وضع يتمكن فيه الاكراد من اقامة دولة او دولتين داخل كونفيديرالية يشك الاتراك في ان واشنطن اعطت سراً الضوء الاخضر لتشكيلها بعد انتهاء الحرب على العراق. واشارت الى ان انقرة لا تختلف مع الادارة الاميركية على الامور الاستراتيجية، الا انها تختلف معها حول الخطط التكتيكية، وهي لذلك تحتفظ بحقها في التدخل اذا بدا ان مواقف واشنطن على الارض يمكن ان تفضي الى دولة كردية قد تشجع على انفصال اكراد تركيا الذي يناهز عددهم 15 مليوناً. وقالت ان الموقف التركي، على رغم دعوة طهران الى اقامة تفاهم ثلاثي يضم ايضاً سورية، يبقى حتى الآن اقرب الى التنسيق مع واشنطن في السعي الى اقامة حلف ثنائي مع ايران على اعتبار انه مهما تقلّبت الامور فان "الولاياتالمتحدة تبقى الحليف الاستراتيجي الاساسي لتركيا سواء حكمتها حكومة ذات طابع اسلامي أم لا". من جهة اخرى أ ف ب اعتبر مسؤول اميركي كبير ان تركيا لديها "مخاوف مشروعة" في ما يتعلق بشمال العراق، ولكن عليها ان لا تتدخل عسكرياً في هذه المنطقة من دون "مبررات كافية". واعقبت هذه التصريحات تحذيراً من رئيس الحكومة التركية رجب طيب اردوغان الذي اشار الى انه يعود لتركيا وحدها مسألة تقرير او عدم تقرير ارسال قوات في شمال العراق. وقال المسؤول الاميركي الذي فضل عدم كشف اسمه مساء اول من امس انه "لا يتوجب على تركيا الذهاب الى شمال العراق الا على الاقل في حال توفر مبرر كاف، واذا لم تكن هناك طريقة اخرى للرد على الوضع". واكد ان تركيا قبلت عدم نشر قوات اضافية "في القريب العاجل" في شمال العراق، وعدم التحرك "إلا في حال الضرورة" و"بالتنسيق" مع الولاياتالمتحدة. وبحسب المسؤول الاميركي فإن تركيا نشرت اخيراً 50 الف جندي اضافي على طول حدودها مع العراق تحسباً لعملية انتشار محتملة في شمال العراق. واكد ان الاكراد في شمال العراق وافقوا على عدم محاولة الاستيلاء على مدينة كركوك، والتي اتجه نحوها في الايام الاخيرة المقاتلون الاكراد.