لطالما وقفت الى المرآة أسند شيئاً ما الى بطني ليظهر متكوراً، مقلدة مظهر المرآة الحامل في شكلها الامامي والجانبي، وبحسب ما يتناهى الى سمعي من حديث الكبار أن فلانة حملها أكابري والأخرى يقعد بطنها على ساقيها. أفعل ذلك خفية مع حلم يدغدغ أنوثتي... متى سأصبح أماً؟ أضم طفلي الحبيب الى صدري... أرضعه بشغف ودفء وحنان ... أداريه بكل ما أملك من حس وعواطف متدفقه... أسمعه دقات قلبي ليطمئن ويسكن ويرتوي... أعطيه أحلى حال أمان وجدت في الكون. كنت أخبر صديقاتي عما يعتمل في داخلي، وأرغب بالزواج ولو لشهر واحد فقط لأحمل أرقى نبتة في الوجود. ثم في مرحلة الشباب كنت أختار الثياب الفضفاضة التي لا خصر لها على رغم نحافتي وقوامي المتناسق. لكن هاجساً يعود كل فترة... أنني لن أكون أماً، أفسره بالحنين الجارف لتلك الحال. وتوالت الأيام والسنون، أصبحت في السابعة والعشرين ولي أم حبيبة هي ملاذ وراحة وأمان، وراتب وظيفي يؤمن حاجاتي، كنت سعيدة جداً أعيش حياة هانئة، ولم يكن الزواج هاجسي بقدر الاختيار: من سيكون أباً لأولادي. كنت أؤمن بمثالية الحب وأرغب بالتحيز له، وما علقت اهتماماً على مراكز الجاه والأشياء الأخرى. وانتظرت فالحياة أمل متجدد وهي مملوءة بالمصادفات والمفاجآت التي قد لا نحلم بها اطلاقاً، فالحلم حال جميلة تنقلنا الى عالم وردي هانئ، وهي الشيء الوحيد الذي نستطيع نسجه على هوانا من دون أن يطاولنا، أو يمسسنا، أو يراقبنا أحد. انتظاري كان بعيداً عن هذا كله... لأنني لم أتصور أن مبضعاً سيطاول حلماً من أحلامنا ويبتره. لكنه فعل... ونثره في مهب الريح كجثة بوذي مؤمن. استفقت من حلمي على واقع جامد... هذا الركن في أحشائي لم يعد مرتعاً لطفلي... لن تنبت فيه زهرة... لن ينضج ليصبح متكوراً... ولن يقرعه أي من أطفالي. طال المشوار في عتابي الصامت... وفقدت حلماً رائعاً من حياتي، لكن أحلاماً أخرى ما زالت تنتظر لتعلن عن ولادتها في شكل أتمنى أن يكون جميلاً.