علمت "الحياة" ان رئيس الوزراء الفلسطيني الجديد محمود عباس "ابو مازن" عرض اخيرا منصب وزير الداخلية على العقيد محمد دحلان مسؤول الامن الوقائي السابق في قطاع غزة، الذي وافق بدوره على تولي الحقيبة. ويجري ابو مازن مشاورات مع عدد من القوى والشخصيات في اطار سعيه الى تشكيل حكومته في غضون اقل من ثلاثة اسابيع. وقالت مصادر فلسطينية انه عقد سلسلة من الاجتماعات مع عدد من ممثلي الفصائل بينهم ممثلون عن الجبهتين "الشعبية" و"الديموقراطية لتحرير فلسطين"، وشخصيات اخرى مستقلة بعضها اعضاء في المجلس التشريعي. وكان دحلان الذي استقال قبل اشهر عدة من منصبي مستشار الامن القومي ومدير الامن الوقائي في قطاع غزة، رفض تولي حقيبة الداخلية قبل ان يستجيب اخيرا لطلب أبو مازن. وفي حال توليه هذه الحقيبة الحساسة، يصبح دحلان ثالث وزير للداخلية في اقل من تسعة اشهر، أي منذ ان قرر الرئيس ياسر عرفات التخلي عن الحقيبة التي احتفظ بها لنفسه حتى العام الماضي. وتوقعت المصادر ان يدخل الوزارة الجديدة عدد من اعضاء اللجنة المركزية لحركة "فتح" التي يتزعمها عرفات، وتعتبر حزب السلطة الوحيد. ومن بين الاسماء المطروحة عباس زكي النائب في المجلس التشريعي عن مدينة الخليل جنوب الضفة، وحكم بلعاوي النائب في المجلس عن مدينة طولكرم، واللواء نصر يوسف مدير الامن العام الفلسطيني. ومن المستقلين طرحت اسماء اياد السراج احد ابرز قياديي العمل الاهلي الفلسطيني في قطاع غزة، وممدوح العكر العضو السابق في الوفد المفاوض، والمفوض في الهيئة المستقلة لحقوق المواطن. واشارت المصادر الى ان وزير التخطيط والتعاون الدولي عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" الدكتور نبيل شعث، ووزير الطاقة والموارد الطبيعية عبد الرحمن حمد فتح، ووزير الشؤون الاجتماعية عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" انتصار الوزير سيبقون في وزاراتهم. ورجحت ان يظل عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير وزير الثقافة والاعلام ياسر عبد ربه فدا في الوزارة الجديدة، خلافا لرغبة حركة "فتح" التي تشترط عدم اختيار أي وزير من اعضاء اللجنة التنفيذية، وربما خلافا لرغبة ابو مازن شخصيا، خصوصا ان خلافات قد نشبت في فترات سابقة بين الرجلين. يذكر ان عبد ربه اصبح في السنوات الاخيرة من اقرب المقربين للرئيس عرفات، علما ان ابو مازن، امين سر اللجنة التنفيذية للمنظمة، يعتبر الرجل الثاني بعد عرفات. الى ذلك، أكد مسؤولان في الجبهتين "الشعبية" و"الديموقراطية" ل"الحياة" ان أبو مازن عرض عليهما المشاركة في حكومته في اجتماعين منفصلين عقدهما في رام الله اول من امس مع وفدين من الجبهتين. وقال عضو المكتب السياسي للجبهة جميل مجدلاوي "ان الجبهة لن تشارك في الحكومة"، لافتا الى "اننا قدمنا البرنامج البديل وجوهره الانطلاق من استمرار الانتفاضة والمقاومة ضد الاحتلال"، و"تشكيل قيادة وطنية موحدة تقود العمل الوطني الفلسطيني كله، بما يحافظ على ارادتنا الوطنية ويحمي الانتفاضة والمقاومة كوسيلة وطريق لتحقيق الاهداف الوطنية". وأكد مجدلاوي ل"الحياة" ان "وفد الجبهة تحدث بصراحة مع ابو مازن عن استحداث منصب رئيس الوزراء الذي جاء نتيجة ضغوط اميركية واسرائيلية تهدف الى اعادة ترتيب النظام السياسي الفلسطيني كي يصبح أكثر استعدادا للتساوق والاستجابة للسياسة الاميركية"، مشددا على انه "ليس سرا ان ابو مازن من اشد المتحمسين لخريطة الطريق الاميركية الخاصة بمشروع التسوية السياسية في المنطقة تساوقا وتواصلا مع موقفه كأحد الصناع الرئيسيين لاتفاقات اوسلو". من جانبه، قال قيس عبد الكريم نائب الامين العام ل"الديموقراطية" ان "هيئات الجبهة تدرس بجدية الموقف من الحكومة". وشدد ل"الحياة" على ان الجبهة "ستحدد موقفها من الحكومة في ضوء ما يتم التوصل اليه في شأن برنامجها وتشكيلها". وقال عبد الكريم الذي رأس وفد الجبهة للقاء ابو مازن ان الوفد اكد ان "الظروف الراهنة تملي اولوية بناء الوحدة الوطنية وتشكيل القيادة الوطنية الموحدة التي تضم جميع القوى الوطنية والاسلامية والشخصيات الفاعلة، تحت مظلة منظمة التحرير كي تمارس دورها كمرجعية سياسية عليا للشعب الفلسطيني". ودعا الوفد ابو مازن الى "تشكيل حكومة اتحاد وطني وفق برنامج سياسي مشترك وخطة متفق عليها للاصلاح والتغيير الديموقراطي لجميع مؤسسات السلطة"، اضافة الى "استثناء العناصر المتهمة بالفساد من التشكيلة الوزارية". بدورها، دعت راوية الشوا رئيسة كتلة التحالف الديموقراطي في المجلس التشريعي الى "تغيير في الوجوه والنهج والاسلوب" لدى تشكيل الحكومة "كي تحوز على موافقة المجلس التشريعي". واعتبرت ان "المجلس مصمم على اعتبار هذه الفرصة الاخيرة للسلطة الفلسطينية كي تفتح صفحة جديدة وان تقنع المواطن بانها جادة في العمل والاصلاحات ومحاربة الفساد والتوجه الوطني والقومي". وشددت في حديث ل"الحياة" على اهمية ان "تكون المسألة السياسية واضحة"، مضيفة: "لدينا حذر كبير تجاه ما قد تحمله المرحلة المقبلة خصوصا امام الحرب على العراق وتداعياتها، وخريطة الطريق وما تحمله من مخاطر كبيرة على القضية الفلسطينية". ولفتت رئيسة الكتلة الوحيدة المعارضة لكتلة "فتح" في التشريعي الى ان "التشكيلة الوزارية ونوعية الشخوص التي ستحتل المناصب فيها هي التي ستشجع أي من العاملين في الحقل السياسي على الدخول اليها". واضافت انه "ما لم يكن هناك تغيير حقيقي وتوجه واضح وملتزم، فليس هناك أي مبرر لاحد لان يغامر ويدخل الحكومة".