نفى الجيش التركي أن تكون قواته توغلت في شمال العراق، بعدما أكد مصدر عسكري تركي أن قوة "كوماندوس" من 1500 عسكري عبرت الحدود إلى الشمال ليل الجمعة، لتأمين انتشار واسع للقوات التركية في هذه المنطقة. وفيما نقل عن قائد عسكري تركي ان عدداً كبيراً من الطائرات الحربية الأميركية، عبر المجال الجوي التركي، حذرت برلينأنقرة من أنها ستسحب طواقمها العسكرية التي تعمل على طائرات "اواكس" التابعة للحلف الأطلسي، في حال ارسلت قوات تركية إلى شمال العراق. ورفضت موسكو أي تدخل تركي، فيما نفت لندن وجود تفاهم مع أنقرة على ارسال القوات، ونفت واشنطن موافقتها عليه. أكد مصدر عسكري تركي لوكالة "رويترز" أن قوة "كوماندوس" تركية تضم حوالى 1500 عسكري عبرت الحدود إلى شمال العراق ليل الجمعة "لاتخاذ اجراءات أمنية في نقاط، وستضمن سلامة وحدات تتبعها، وسيحدث مزيد من العبور للقوات في فترات متباينة". وكانت تركيا أكدت أنها تريد ارسال قوات إلى العراق لمنع تدفق اللاجئين، و"أي محاولة لإقامة دولة كردية" في شمال العراق، وهي خطوة تخشى أن تعيد اذكاء روح "الانفصال" في المناطق الكردية التركية. وبدأ رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان محادثات أمس مع قادة الجيش التركي، فيما نفى الأكراد التوغل التركي. وقال مسؤول عسكري كردي رفيع المستوى: "لو كانت أي قوات تركية دخلت العراق، لكنت سمعت بالقتال وقواتنا لديها أوامر باطلاق النار" على هذه القوات. لكن مصادر مدنية ومحلية ذكرت أن آلافاً أخرى من القوات التركية دخلت شمال العراق عبر ثلاث نقاط منفصلة على الأقل، على الحدود العراقية في ساعة مبكرة صباح أمس. ووافقت تركيا الجمعة على السماح لطائرات حربية أميركية بعبور مجالها الجوي، للمشاركة في الهجمات على العاصمة العراقية، لكنها رفضت طلبات أميركية بالبقاء خارج الأراضي العراقية. وقال مسؤول أميركي أمس إن المجال الجوي التركي مفتوح الآن كما يبدو، لكنه لا يعلم هل استخدمته طائرات أميركية في طريقها إلى العراق. وتخشى واشنطن نشوب "حرب داخل الحرب"، أي اشتباكات بين القوات التركية والأكراد، من شأنها أن تعطل الحرب الأميركية على العراق. وأشارت أنقرة إلى نيتها انشاء "منطقة عازلة" عرضها 20 كيلومتراً في شمال العراق، لكنها أكدت أنها قد توسعها إذا تهددت المصالح التركية. وقال وزير الخارجية عبدالله غل ليل الجمعة إن القوات التركية ستعبر إلى العراق لإبقاء اللاجئين في مخيمات على أرضه. وفي اشارة إلى المواجهات مع عناصر حزب العمال الكردستاني المحظور في تركيا، قال غل إن بلاده عانت من تحركات الحزب وعملياته من شمال العراق منذ العام 1991. وأضاف: "القوات التركية ستدخل، حدث فراغ في شمال العراق، أصبح عملياً معسكراً للنشاط الإرهابي ولا نريد فراغاً هذه المرة". وشدد غل على أن "كل المشاكل مع الولاياتالمتحدة حلّت والجنود الأتراك سيتوجهون إلى الشمال"، مشيراً إلى عدم وجود "اطماع" لبلاده في أراضي العراق. وبثت شبكة "سي ان ان - ترك" التلفزيونية ان ألف جندي تركي دخلوا ليل الجمعة - السبت إلى شمال العراق من معبر جوكورجا. لكن المسؤول العسكري في حزب مسعود بارزاني الحزب الديموقراطي الكردستاني وحيد باكوزي نفى التوغل. وفي واشنطن، قال مسؤول أميركي إن الولاياتالمتحدة لم توافق على دخول قوات شمال العراق. وأضاف: "الأتراك يعتقدون أن من الضروري استخدام الجيش لإقامة ممر إنساني في الشمال، لكننا لا نوافق". وانتهج وزير الدفاع البريطاني جيف هون خطاً مماثلاً، لكنه أشار إلى أن انتشاراً محدوداً للقوات التركية قد يكون مقبولاً. وقال ل"هيئة الإذاعة البريطانية": "ربما يكون هناك عدد محدود من القوات التركية في شمال البلد العراق، لكن هناك تفهماً واضحاً أن الهدف هناك هو الحفاظ على السلامة الاقليمية للعراق". ونفى وجود ترتيب مع أنقرة على حساب وحدة العراق. وكان وزير الدفاع الأميركي دونالد رامسفيلد أكثر صراحة في تحذيره تركيا، إذ قال: "لدينا وحدات من القوات الخاصة مرتبطة بقوات كردية في الشمال، ويمكنكم أن تتأكدوا من اننا حذرنا الحكومة التركية والقوات المسلحة التركية من أن ارسال قوات بأعداد كبيرة إلى الشمال لن يكون عاملاً مساعداً". أما وزير الخارجية الروسي ايغور ايفانوف فحذر من أن دخول قوات تركية إلى شمال العراق "يزيد الوضع تعقيداً"، واعتبره مرفوضاً بوصفه "مظهراً للحرب". إلى ذلك، حذرت الحكومة الألمانية تركيا أمس من أنها ستسحب طواقمها العسكرية المشاركة في طائرات "اواكس" للانذار المبكر، التابعة لحلف الأطلسي إذا ارسلت قوات إلى شمال العراق، وأصبحت جزءاً من الحرب. وقال وزير الخارجية يوشكا فيشر في ختام الاجتماع الاستثنائي الذي عقده مجلس الأمن القومي الألماني برئاسة المستشار غيرهارد شرودر، ان المشاركة الألمانية في طائرات "اواكس" لحماية الأجواء التركية "ستبقى طالما الوضع العسكري على الحدود التركية - العراقية لم يتغير". وأضاف انه بمجرد أن تصبح تركيا طرفاً في الحرب "سيشكل ذلك وضعاً جديداً يتطلب اتخاذ موقف مغاير". وحذر وزير الدفاع بيتر شتروك من أن حكومته ستسحب طواقمها من طائرات الانذار المبكر، إذا حركت أنقرة قوات إلى شمال العراق. وذكرت مصادر جهاز الاستخبارات الألمانية "بي ان دي" أمس أن المعلومات المتوافرة لديه تشير إلى أن وضع القوات التركية في شمال العراق "لم يتغير في صورة جوهرية". وتحدثت مصادر عسكرية المانية عن وجود آلاف من الجنود الأتراك في شمال العراق منذ فترة غير قصيرة.