بعد ساعات من عمليات القصف الاميركية الاولى لبغداد، عقدت الحكومة البريطانية صباح امس مجلس حرب برئاسة رئيس الوزراء توني بلير الحليف الرئيسي للرئيس الاميركي جورج بوش في الحرب ضد العراق. وشارك بلير مساء امس في اجتماع رؤساء حكومات ودول الاتحاد الاوروبي في بروكسيل حيث كان من المتوقع ان يواجه اجواء متوترة، خصوصاً بسبب افتراق موقف بلاده عن مواقف دول مثل فرنسا والمانيا وغيرهما بخصوص العراق. وانحى وزير الخارجية البريطاني جاك سترو باللوم امس على الرئيس العراقي صدام حسين "في دفع التحالف الى اعتماد خيار الحرب". ومن جهته، قال وزير الدفاع البريطاني ان القوات البريطانية شاركت ليل الاربعاء - الخميس في عدة عمليات عسكرية "تمهيدية". شارك في "مجلس الحرب" الذي انعقد برئاسة رئيس الوزراء توني بلير صباح امس، نائب رئيس الوزراء جون بريسكوت ووزراء المال غوردن براون والخارجية جاك سترو والداخلية ديفيد بلانكيت والدفاع جيفري هون وزعيم حزب العمال جون ريد. وتلا اجتماع الحكومة المصغرة اجتماعا للحكومة بكامل اعضائها. وقال ناطق باسم رئاسة الحكومة ان بلير ابلغ بعيد منتصف الليل ان "الضربات اطلقت على عدد محدود من الاهداف القيادية والمتعلقة بالمراقبة" في العراق. واضاف ان رئيس الوزراء سيتحدث "في الوقت المناسب" عن مشاركة القوات البريطانية. وتابع ان بلير لا يعتزم تغيير مواعيده لبقية نهار امس. وتوجه بلير امس الى بروكسيل للمشاركة في قمة الاتحاد الاوروبي حيث سيلتقي خصوصاً الرئيس الفرنسي جاك شيراك، الذي وقف بثبات ضد شن حرب على العراق. وتبادلت الحكومتان البريطانية والفرنسية انتقادات مهينة عشية لقاء شيراك - بلير، تلت اتهام لندن للرئيس الفرنسي باضاعة فرصة تحقيق تسوية ديبلوماسية في الازمة مع العراق. وثمة مخاوف في لندن من احتمال ان تجد بريطانيا نفسها معزولة داخل الاتحاد الاوروبي بسبب تحالفها مع الولاياتالمتحدة في الحرب على العراق. واتصل وزير الخارجية الفرنسي دومينيك دوفيلبان اول من امس مع نظيره البريطاني جاك سترو ليعبر له عن شعوره ب"الصدمة والامتعاض" بسبب اللغة الطنانة المناوئة لفرنسا التي يستخدمها وزراء ومسؤولون ونواب بريطانيون. وكان بلير وسترو ألقيا باللوم على فرنسا في "شل" الجهود الديبلوماسية في الاممالمتحدة باصرارها على استخدام الفيتو ضد اي قرار ثان في مجلس الامن. وانتقدت صحف فرنسية موقف بريطانيا من الازمة العراقية، واتهمت المعسكر المؤيد للحرب على العراق في بريطانيا ب"التشويه المعيب" لموقف فرنسا من قرار ثان في مجلس الامن. سترو يلوم صدام وانحى سترو امس باللوم على الرئيس العراقي صدام حسين لتسببه في "دفع التحالف الى اعتماد خيار الحرب في حل أخير للتخلص من النظام العراقي وتدمير ما لديه من أسلحة الدمار الشامل". واتهم سترو في مؤتمر صحافي عقده في لندن، الرئيس العراقي بعدم احترام قواعد الشرعية الدولية وقرارات الأممالمتحدة خصوصاً في السنوات الاثنتي عشرة الأخيرة. وأعرب عن ثقته الكاملة بوقوف دول العالم "وفي طليعتها الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي، حتى التي اعترضت منها على اللجوء الى الحرب ضد العراق الى جانب التوجه الدولي لإعادة إعمار العراق وإعادة تأهيله بعد انتهاء الحرب". وقال سترو انه ضمن هذا الاطار وهذا الهدف توجه أمس مع زميله وزير المال البريطاني الى قمة دول الاتحاد الأوروبي في بروكسيل كي تطرح هناك من جانب بريطانيا الهيكلية المطلوبة لإعادة إعمار العراق بعد الحرب، ووضع هذا البلد من جديد على طريق التنمية والحرية. وقال ان الحكومة البريطانية رصدت اعتماداً أولياً وفورياً قيمته 20 مليون جنيه استرليني للمساعدات الانسانية في العراق، الى جانب رصد 60 مليون جنيه استرليني ستصرف لاحقاً للهدف نفسه، و30 مليوناً وضعت بتصرف القوات البريطانية التي ستدخل العراق لاستكمال أهداف هذه المساعدات على الأرض. الى ذلك، قال وزير الدفاع البريطاني جيفري هون ردا على على سؤال عن مشاركة القوات البريطانية في المرحلة الاولى من عمليات القصف، ان "عدداً من العمليات التحضيرية جرى ليلاً بمشاركة قوات بريطانية". الا ان الوزير البريطاني لم يوضح نوع العمليات التي شارك فيها العسكريون البريطانيون. وكان هون اعلن في سلسلة من المقابلات التي اجريت معه قبل ظهر امس ان الضربات الاولى للعراق سيليها "قريباً جداً" هجوم واسع النطاق. واوضح ان "العمليات الاولى" استهدفت خصوصاً "القادة العراقيين ومراكز القيادة" في النظام العراقي.