أصبحت صربيا على شفا حرب أهلية بعدما اصطدمت أجهزة الأمن بمقاومة عنيفة من عناصر عصابة "زيمونسكي كلان" وواجهت إجراءات السلطة معارضة شديدة من الفئات القومية فيما يسعى الاتحاد الاوروبي إلى الحفاظ على الوضع الراهن من خلال إيجاد اتفاق بين أطراف الائتلاف الحكومي لاختيار رئيس للوزراء. واعترفت الحكومة باعتقال نحو 70 شخصاً، بينهم ثمانية فقط من أفراد عصابة "زيمونسكي كلان" ليس بينهم أي من زعمائها أو الأشخاص الثلاثة الذين نفذوا عملية اغتيال رئيس الوزراء زوران جينجيتش، ورفضت كشف الأسماء "حفاظاً على سرية التحقيق وتواصل الاعتقالات". لكن مصادر في بلغراد أبلغت "الحياة" أن عدد المعتقلين يزيد على المئة شخص، بينهم سياسيون معارضون بارزون، إضافة إلى مسؤولين أمنيين في عهد الرئيس السابق سلوبودان ميلوشيفيتش بينهم رئيس جهاز الأمن يوفيتسا ستانيشيتش وقائد وحدات الشرطة الخاصة فرينكي سيماتوفيتش. وأشارت المصادر نفسها، إلى أن مواجهات مسلحة حدثت في مدينة زيمون ضاحية بلغراد الشمالية الغربية ومناطق أخرى خارج بلغراد أثناء حملة الاعتقالات ودهم وحدات الأمن للمنازل. وأكدت أنه جرى تدمير منزلين على الأقل في مدينة "زيمون" أحدهما يعود لزعيم "زيمونسكي كلان" ميلوراد لوكوفيتش ليغيا والآخر لعضو العصابة البارز دوشان سباسوييفيتش شيبتار "انتقاماً لإخفاقها في القبض عليهما". وطلب "الحزب الراديكالي الصربي" من المحكمة الدستورية بحث مدى شرعية قرار الحكومة فرض حال الطوارئ ووقف كافة الحريات السياسية والنقابية والإنسانية والشخصية. وأوضح الحزب أن حوادث الاغتيالات أصبحت أمراً عادياً ويومياً في صربيا خلال العامين الأخيرين "لأن البلاد تحولت إلى أوكار للمافيا الحكومية وغيرها". وأعلنت السلطات الحكومية غلق شوارع وسط بلغراد كافة ومنعت وقوف العربات فيها اعتباراً من مساء أمس، كما أكدت أن قوات الأمن والشرطة والجيش ستطلق النار على أي شخص ينتهك إجراءات حال الطوارئ أو يقاوم اعتقاله. وسعى المسؤولان الكبيران في الاتحاد الاوروبي خافيير سولانا وكريس باتن، الموجودان في بلغراد، إلى بقاء الائتلاف الحكومي الذي كان يقوده جينجيتش قائماً، حيث يكون رئيس الوزراء الجديد "ملتزماً النهج الذي سلكته الحكومة سابقاً في معالجاتها للقضايا المحلية وعلاقاتها الدولية". ووعد المسؤولان بدعم سياسي متواصل ومادي كبير "إذا لم يحصل تغيير في الخطط الحكومية". ويحاول الاتحاد الاوروبي استمرار الائتلاف الحكومي لأن انهياره يعني إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية تشير الاستطلاعات إلى أن الفوز فيها سيكون للعناصر القومية، ما سيؤدي إلى تغيير كبير في السياسات الداخلية والبلقانية والدولية التي سلكها جينجيتش. ويريد "الحزب الديموقراطي" الذي كان يتزعمه جينجيتش اختيار نائب رئيس الحزب زوران جيفكوفيتش ليتولى رئاسة الحكومة، لكن غالبية الفئات الأخرى في الائتلاف الحكومي الذي يضم أكثر من 15 حزباً سياسياً ترفض حصر رئاسة الحكومة بالحزب الديموقراطي، وترى أن يتناوب نواب رئيس الحكومة الأربعة في حكومة جينجيتش على الرئاسة حتى نهاية أيار مايو المقبل، من أجل توفير الوقت المناسب لاختيار رئيس دائم أو إجراء انتخابات حاسمة. ويذكر أن جيفكوفيتش كان وزيراً للداخلية في حكومة الاتحاد اليوغوسلافي الملغى ومرشحاً لتولي وزارة الدفاع في حكومة اتحاد صربيا والجبل الأسود. ويشيّع بعد ظهر اليوم جثمان جينجيتش إلى "المقبرة الجديدة" في بلغراد، بعد مراسم دينية خاصة في "كنيسة القديس سافا" يترأسها بطريرك الكنيسة الأرثوذكسية الصربية بافلي.