رفض العراق الشروط البريطانية التي طالبت لندنبغداد بتنفيذها، واعتبرها "شروطاً من أجل الحرب وتزويقاً وتلميعاً لمشروع قرار مرفوض"، ودعا رئيس الوزراء البريطاني توني بلير الى "تغيير سياسته لانقاذ نفسه من السقوط". وستسلم بغداد اليوم الأممالمتحدة تقريراً عن كميات الانثراكس الجمرة الخبيثة التي اكدت تدميرها عام 1991. وفيما واصل المفتشون عملهم، استمر العراق في تدمير صواريخ "الصمود -2". رفض وزير الخارجية العراقي ناجي صبري الافكار البريطانية التي تتضمن ستة شروط على بغداد تنفيذها، واعتبرها "شروطاً من أجل الحرب وتزويقاً وتلميعاً لمشروع قرار مرفوض" في اشارة الى مشروع القرار الاميركي - البريطاني - الاسباني المقدم الى مجلس الامن. وقال الوزير العراقي في حديث اجرته معه قناة "الجزيرة" التلفزيونية القطرية ان النقاط التي تقدمت بها بريطانيا "تزويق وتلميع لمشروع قرارها المرفوض في مجلس الامن والذي يرفضه العالم". وكانت بريطانيا تقدمت بأفكار عبارة عن شروط رأت انها يمكن ان تكون ملحقاً لمشروع القرار الاميركي - البريطاني - الاسباني الذي رفع الى مجلس الامن اواخر الشهر الماضي ويعتبر ان العراق اضاع الفرصة الاخيرة لتطبيق القرار 1441. واضاف الوزير العراقي: "بالطبع نرفض اي مشروع يخالف ما اعتمده مجلس الامن من قرارات تنص على معالجة موضوع اسلحة الدمار الشامل عبر القرار 1441" ورداً على سؤال عن الشرط الاول البريطاني الذي يطالب الرئيس العراقي بالظهور على شاشة التلفزيون للاعلان بأنه يخفي اسلحة دمار شامل قال الوزير العراقي: "هذا يتنافى مع آلية الاممالمتحدة التي لا تتعامل مع اشخاص بل مع دول"، مضيفاً: "لقد قبل العراق التعامل مع القرار 1441 واكد ذلك في اجتماع للحكومة العراقية الاربعاء". واتهم واشنطنولندن بالعمل على "شخصنة القضية وصرف الانظار عن مخططاتها الاستعمارية عبر التركيز على اشخاص"، واعتبر ان الشروط البريطانية "غير قابلة للنقاش حتى من جانب مع أكثرية اعضاء مجلس الامن"، ووصفها بأنها "شروط من اجل الحرب ودفع للامم المتحدة الى الانتحار، لانها عندما تتحول الى مكتب لاعطاء تراخيص الحرب بدلا من تعزيز السلم فالامر يعتبر عندها انتحاراً". واقترحت بريطانيا الاربعاء في مجلس الامن الطلب من العراق تنفيذ ستة شروط لتجنب حرب، وذلك في ملحق بمشروع القرار الذي قدمته الولاياتالمتحدةوبريطانيا واسبانيا الى مجلس الامن الشهر الماضي. وتنص الشروط خصوصاً على ان يصرح صدام حسين علناً عبر التلفزيون العراقي وبالعربية، بأن العراق حاول اخفاء اسلحة دمار شامل، والسماح ل30 من كبار علماء الاسلحة العراقيين بالتوجه الى قبرص لمقابلة المفتشين، واعطاء توضيحات عن مخزون الجمرة الخبيثة انثراكس، وتدمير الصواريخ المحظورة، وتقديم معلومات عن طائرة من دون طيار، وتسليم المفتشين مختبرات نقالة لانتاج مواد بيولوجية من اجل تدميرها. ووصف سعد قاسم حمودي الامين العام لمؤتمر القوى الشعبية العربية وزير الاعلام العراقي الاسبق الأفكار الأميركية في شأن العراق بأنها "هروب الى امام ومحاولة للالتفاف على تنفيذ القرار 1441". ورأى حمودي ان النقاط الست التي أُدرجت في المشروع تمثّل "شروطاً تعجيزية جديدة لا يمكن قبولها لا من العراق ولا من جانب الدول الاخرى الداعية للحل السلمي"، مضيفاً: "ان الطريق الطبيعي لحل الازمة هو في اعطاء المزيد من الوقت للجان التفتيش كي تقوم بعملها على النحو المطلوب". الى ذلك، أفاد ديبلوماسي في بغداد أمس، طلب عدم كشف اسمه، ان العراق "سيسلم الاممالمتحدة اليوم تقريراً عن كميات الانثراكس الجمرة الخبيثة التي اكد تدميرها عام 1991، على ان يسلم تقريراً ثانياً عن غاز الاعصاب في اكس خلال الايام المقبلة". ويؤكد العراق انه دمر كميات كبيرة من هذين العنصرين في تموز يوليو 1991، وباشر حفر اماكن يؤكد انه طمرها فيها تحت اشراف مفتشي الاممالمتحدة. وكان الناطق باسم الاممالمتحدة في العراق هيرو يواكي اعلن في الثالث من الشهر الجاري ان السلطات العراقية ابلغت الاممالمتحدة بأنها ستسلم تقريرين عن الانثراكس وال"في اكس" خلال اسبوع. وقال يواكي أمس ان "خبراء الاممالمتحدة في نيويورك سيدرسون التقريرين". وكان مسؤولون عراقيون اجروا الاحد "محادثات فنية" في بغداد مع خبراء في الاممالمتحدة في شأن اسلحة كيماوية وبيولوجية تطلب الاممالمتحدة ايضاحات في شأنها منذ سنوات. وقال المستشار الرئاسي العراقي الفريق عامر السعدي الاحد ان عمليات الحفر في موقع العزيزية كشفت وجود اجزاء وآثار لنحو 157 قنبلة دمرت وكانت محشوة خصوصاً بالانثراكس. ويعمل خبراء الاممالمتحدة على درس هذه الاجزاء لتحديد كمية الانثراكس التي دمرت. في غضون ذلك، واصل العراق تدمير صواريخ "الصمود -2" باشرف خبراء الاممالمتحدة، وزار المفتشون الدوليون ثمانية مواقع، منها قاعدة التاجي العسكرية 40 كلم شمال بغداد، وسمح لهم بدخول فوري لهذه المواقع على رغم عطلة يوم عاشوراء الرسمية في العراق. واعلن يواكي ان العراق دمر أمس "ثلاثة صواريخ اضافية من نوع "الصمود-2" اضافة الى سبعة رؤوس حربية و22 ذيل صاروخ في موقع التاجي تحت اشراف مفتشي الاممالمتحدة". واوضح ان "معدات اضافية وعناصر لها علاقة بالصواريخ دمرت ايضاً في موقع الوزيرية" شمال بغداد. ويرتفع بذلك عدد الصواريخ من هذا النوع التي دمرت حتى الآن الى 61 صاروخاً منذ بدء هذه العملية في الاول من الشهر الجاري، من اصل ما بين 100 الى 120 صاروخاً يقول العراق انه صنعها. وكان يواكي قال الثلثاء ان العراق اوقف تصنيع هذا النوع من الصواريخ التي اعتبرت الاممالمتحدة ان مداها يتجاوز ال150 كلم المسموح به. ويعتبر تدمير هذه الصواريخ من ابرز وجوه تعاون العراق مع الاممالمتحدة. على صعيد آخر، دعت صحيفة "بابل" العراقية التي يديرها عدي صدام حسين نجل الرئيس العراقي اليوم رئيس الوزراء البريطاني توني بلير الى الابتعاد عن السياسة الاميركية المناهضة للعراق لانقاذ نفسه من السقوط. وقالت الصحيفة: "امام بلير فرصة لاعادة النظر في هذه المواقف العدائية لبلدنا في ظاهرها وضد العالم وبريطانيا في نتائجها، من خلال الاذعان لارادة الشعب البريطاني"، واضافت: "انها حقا مناسبة لرئيس وزراء بريطانيا كي يصحح مساره وينصف شعبه قبل ان ينصفنا نحن".