سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
موفاز يرفض عرض هدنة من "حماس" وحكومته تعلن فتح الحرم القدسي امام اليهود بعد الحرب . حكومة اسرائيلية متطرفة وضربة ضد العراق تعززان مخاوف الفلسطينيين من سياسة الأمر الواقع
رفض وزير الدفاع الاسرائيلي شاؤول موفاز عرضاً قدمته "حركة المقاومة الاسلامية" حماس تتوقف بموجبه الحركة عن اطلاق صواريخ القسام باتجاه اهداف اسرائيلية في مقابل وقف قوات الاحتلال الاسرائيلي هجماتها ضد رجال المقاومة والبنية التحتية في قطاع غزة. تزامن ذلك مع اعلان قائد جهاز الشرطة الاسرائيلية في القدس ان الحرم القدسي الشريف سيفتح امام اليهود بعد الحرب على العراق. جاء ذلك في وقت بدت فيه فكرة "الدولة الفلسطينية" بعيدة المنال، مع الأخذ بعين الاعتبار العمر الزمني الافتراضي للحكومة الاسرائيلية الجديدة الذي ينتهي عام 2007 وستستغله حكومة ائتلاف اليمين المتطرف في فرض مزيد من الوقائع الجديدة على الارض الفلسطينية استعداداً لليوم الذي يلي الحرب الاميركية على العراق. يستشعر الفلسطينيون الخطر المحدق بهم على منعطف الطريق في إطار حرب محتملة ضد العراق وحكومة احتلال اسرائيلية متطرفة دعائمها آرييل شارون نفسه وتساحي هنغبي، نجل النائبة المتطرفة السابقة غيئولا كوهن الغنية عن التعريف، وسلفان شالوم وبينامين نتانياهو وايهود اولمرت وشاؤول موفاز وافيغدور ليبرمان وبني ايلون وايفي ايتام، وجميعهم يكنون كراهية عمياء لكل ما هو فلسطيني، ناهيك عن معارضتهم المطلقة لرؤية كيان فلسطيني مستقل على اي بقعة من الارض الفلسطينية، اضافة الى ما تحظى به اسرائيل من دعم اميركي يكاد يصل الى التطابق في الرؤى المستقبلية التي تسعى الى تحقيقها حكومة شارون كما عكسه خطاب الرئيس جورج بوش الاخير الذي كرر فيه الشروط الاسرائيلية بلغة انكليزية، من اجل التوصل الى حل للنزاع الفلسطيني - الاسرائيلي، علماً أن مصادر اسرائيلية اكدت انه راجع مضمون الخطاب مع شارون في اتصال هاتفي سابق. وللمرة الاولى منذ اقتحام شارون الحرم القدسي الشريف في ايلول سبتمبر من العام 2000، اعلن "قائد لواء القدس" في جهاز الشرطة الاسرائيلية عدم ممانعة الاجهزة الامنية دخول اليهود الى باحات المسجد الاقصى وقبة الصخرة، واوصى بالانتظار الى ما بعد الحرب على العراق للقيام بذلك. وعزت مصادر اسرائيلية قرار الشرطة الى "تراجع قوة فتح والرئيس ياسر عرفات ووقف نشاطات السلطة" في المدينة المقدسة. وكانت الشرطة الاسرائيلية رفضت السماح لمجموعات يهودية متطرفة الدخول الى الحرم، رغم مطالبتها المتكررة لذلك، خشية تفجر التوتر الامني وحساسية المسألة بالنسبة الى الفلسطينيين، خصوصاً ان الانتفاضة الحالية اندلعت على خلفية زيارة شارون له. ويرى المراقبون ان استجابة شارون السريعة لمطالب اليمين المتطرف التي سبقت الانتخابات التشريعية الاسرائيلية الاخيرة بالسماح بفتح ابواب الحرم القدسي، وما رافقتها من حملة اعلامية واسعة النطاق كلفت ملايين الشواكل وربطت بين هذه المسألة وانجاح شارون في هذه الانتخابات، تأتي في اطار سياسة "فرض الامر الواقع" بالقوة على كامل الاراضي الفلسطينية وتحديداً في مدينة القدس التي لم ينس شارون ان يكرر القسم اليهودي "فلتنسن يميني اذا نسيتك يا اورشليم" في خطابه امس اثناء عرضه اعضاء الحكومة الثلاثين للدولة العبرية. وليس غريباً ان تقدم الشرطة الاسرائيلية على هذه الخطوة، خصوصا ان وزير الامن الداخلي الجديد تساحي هنغبي يزايد على سلفه عوزي لاندو في مسألة القدس، اذ كان الأخير وعد قبل اسابيع فقط غلاة المستوطنين واليهود المتطرفين بالسماح لهم بالصلاة في الحرم القدسي. وكانت حكومة شارون السابقة التي تعتبر حكومته الجديدة امتداداً لها، اتخذت عدداً من الاجراءات ضد الوجود الفلسطيني في مدينة القدس، بما في ذلك اغلاق "بيت الشرق" اورينت هاوس الذي يعد رمزا للوجود الفلسطيني السياسي في المدينة، اضافة الى اغلاق عدد آخر من المؤسسات الفلسطينية التي تعنى بشؤون المواطنين الاجتماعية والاقتصادية فيها. والاجراء الأهم الذي يجري تنفيذه هو "جدار الفصل" الذي فصل القدسالشرقية بشكل كامل عن باقي القرى والمدن الفلسطينية المحيطة، فارضاً حدوداً جغرافية قاطعة تعزل مواطني القدس عن امتدادهم الجيو-ديموغرافي في الضفة الغربية. ورافق هذه العملية المستمرة على قدم وساق اقتطاع آلاف الدونمات من الاراضي الفلسطينية وتدمير عشرات المنازل لصالح ضمها الى حدود بلدية القدس الكبرى. ويحاصر هذا الجدار عددا من القرى والاحياء الفلسطينية ويحولها الى جزر معزولة تحيط بها المستوطنات والشوارع الاستيطانية الاخذة بالتزايد والتوسع من كل الجوانب. وفي هذا الشأن، سيتم اسكان 40 عائلة يهودية في قلب حي "راس العامود" الذي يطل على الحرم القدسي داخل بؤرة استيطانية حاول الفلسطينيون مقاومة اقامتها على مدى السنوات الماضية. وفي الوقت الذي ضمن فيه المستوطنون الذين يمثلهم وزيران في الحكومة الجديدة، تواصل مخططاتهم التوسعية الاستيطانية من دون حسيب او رقيب، خصوصاً ان بوش اعلن في خطابه ان الاستيطان يجب ان يتوقف فقط اذا حصل تقدم في عملية السلام، فسيتبقى ان ينفذ وزير الدفاع الاسرائيلي شاؤول موفاز الذي دعا منذ ان تولى منصب رئيس اركان الجيش مع بداية انتفاضة الاقصى الى "الحسم العسكري" ضدهم، مخططه الحربي ضد قطاع غزة، معلناً انه سيواصل ضربه للبنية التحتية لحركة "حماس" ووقف اطلاق صواريخ القسام على المدن الاسرائيلية، خصوصاً بلدة سديروت الحدودية. ورفض موفاز خلال جولة في البلدة عرضاً تقدمت به حماس يقضي بأن تتوقف عن اطلاق صواريخها في مقابل وقف الهجمات الاسرائيلية ضد كوادر المقاومة والبنية التحتية في قطاع غزة. ولم يستبعد موفاز عشية اعلان تشكيلة الحكومة الجديدة التي ضمن فيها موقعه السابق، ان يعيد احتلال مناطق في قطاع غزة ومكوث الجيش الاسرائيلي فيها. واعتبرت مصادر عسكرية اسرائيلية ان موفاز يسعى من خلال سياسته التصعيدية في قطاع غزة الى كسب "ورقة" سياسية تنفع اسرائيل في اليوم الذي سيلي الحرب على العراق، تمكنه من المساومة مجدداً على ما اعتبر دوليا من المسلمات، الا وهو انسحاب اسرائيلي كامل من قطاع غزة. ويتطابق هذا التوجه مع تصريحات شارون نفسه الذي اعتبر فيها ان المستوطنات في القطاع مثل "كفار داروم" و"نتساريم" مقدسة للشعب اليهودي. أما سياسياً، فيستشف مما رشح حتى الآن ان شارون يعقد الامال بأن تجعل الادارة الاميركية من سياساتها ازاء العراق "نهجاً" ينطبق على السلطة الفلسطينية وتحديداً رئيسها ياسر عرفات الذي بدا شارون يعد ايامه الاخيرة وفقاً لروزنامة الحرب الاميركية على العراق.